للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: وَأَمَّا غَيْرُ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ فَإِنَّمَا يَكُونُ بِدْعَةً بِالنَّظَرِ إلَى الْعَدَدِ، انْتَهَى. وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ بَلْ الْمُرَادُ مُطْلَقُ الْعِدَّةِ وَمَا ذُكِرَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَأَبِي الْحَسَنِ لَا يَرُدُّهُ لِأَنَّ هَذَا مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى الْوَاحِدَةِ وَيَظْهَرُ هَذَا مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فَانْتَفَى فِي حَقِّهِنَّ سَبَبَانِ وَأَمَّا قَوْلُهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ أَسْبَابِهِ إلَّا سَبَبٌ وَاحِدٌ وَهُوَ الزِّيَادَةُ عَلَى الْوَاحِدَةِ فَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ بَقِيَ سَبَبَانِ لِأَنَّ السَّبَبَ الرَّابِعَ رَاجِعٌ إلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ التَّوْضِيحِ فِي تَعْلِيلِ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَكُرِهَ فِي غَيْرِ الْحَيْضِ)

ش: لَمَّا ذَكَرَ تَفْسِيرَ طَلَاقِ السُّنِّيِّ وَالْقُيُودِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهِ وَذَكَرَ أَنَّهُ مَتَى عَرَا عَنْ قَيْدٍ مِنْهَا فَهُوَ بِدْعِيٌّ أَخَذَ يُبَيِّنُ حُكْمَ الطَّلَاقِ الْخَالِي عَنْ أَحَدِ تِلْكَ الْقُيُودِ فَذَكَرَ أَنَّهُ يُكْرَهُ إلَّا الْوَاقِعَ فِي الْحَيْضِ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ، قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ حَرَامٌ بِالْإِجْمَاعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الزَّائِدَ عَلَى الْوَاحِدَةِ مَكْرُوهٌ وَسَوَاءٌ كَانَتْ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُقَدِّمَاتِ عَلَى مَا نَقَلَهُ عَنْهُ الشَّارِحُ فِي الْكَبِيرِ وَنَصُّهُ: قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: يُكْرَهُ إيقَاعُ مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ، وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: إيقَاعُ اثْنَتَيْنِ مَكْرُوهٌ وَالثَّلَاثِ مَمْنُوعٌ، انْتَهَى كَلَامُهُ، وَاَلَّذِي رَأَيْتُهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ مَا نَصُّهُ فَصْلٌ وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ أَنْ يُطَلِّقَهَا ثَلَاثًا فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنْ فَعَلَ لَزِمَهُ، انْتَهَى.

وَقَالَ فِي الشَّامِلِ وَفِي مَنْعِ الثَّلَاثِ وَكَرَاهَتِهَا كَالِاثْنَتَيْنِ قَوْلَانِ، انْتَهَى.

وَاقْتَصَرَ فِي اللُّبَابِ عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّحْرِيمِ، قَالَ: وَالثَّلَاثُ حَرَامٌ وَلَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ الْكَرَاهَةُ، قَالَ فِي أَوَّلِ طَلَاقِ السُّنَّةِ: وَيُكْرَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا ثَلَاثًا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ أَوْ فِي كُلِّ طُهْرٍ طَلْقَةً فَإِنْ فَعَلَ لَزِمَهُ، انْتَهَى.

لَكِنْ قَالَ الرَّجْرَاجِيُّ: مُرَادُهُ بِالْكَرَاهَةِ التَّحْرِيمُ وَأَمَّا أَبُو الْحَسَنِ فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِتَبْيِينِ مُرَادِهِ (تَنْبِيهٌ) قَالَ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ الْمُتَقَدِّمِ: صُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الصِّفَةِ كَمَا إذَا قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، فَقَالَ عَبْدُ الْحَمِيدِ الصَّائِغُ: ثَلَاثُ تَطْلِيقَاتٍ فِي كَلِمَةٍ أَشَدُّ مِنْهُ فِي ثَلَاثِ مَجَالِسَ وَفِي ثَلَاثِ مَجَالِسَ أَشَدُّ مِنْهُ فِي ثَلَاثَةِ أَطْهَارٍ وَكُلَّمَا طَلَّقَ مِنْ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ، انْتَهَى.

وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَيْضًا أَنَّهُ إذَا طَلَّقَهَا فِي طُهْرٍ مَسَّ فِيهِ فَهُوَ مَكْرُوهٌ وَصَرَّحَ بِكَرَاهِيَتِهِ فِي التَّوْضِيحِ، وَقَالَ فِي الشَّامِلِ: وَكُرِهَ فِي طُهْرٍ مَسَّ فِيهِ وَقِيلَ يُمْنَعُ، انْتَهَى.

وَقَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى حُكْمِ الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ قَالَ: وَلِأَنَّهُ قَدْ يَمْنَعُ حِنْثُهُ بِهِ فِي حَالِ الْحَيْضِ أَوْ دَمِ النِّفَاسِ أَوْ فِي طُهْرٍ قَدْ مَسَّ فِيهِ وَهَذِهِ أَحْوَالٌ لَا يَجُوزُ إيقَاعُ الطَّلَاقِ فِيهَا، انْتَهَى. فَظَاهِرُ كَلَامِهِ هَذَا أَنَّ طَلَاقَهُ فِي طُهْرٍ مَسَّ فِيهِ لَا يَجُوزُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَيْضًا أَنَّهُ إذَا طَلَّقَ فِي كُلِّ طُهْرٍ طَلْقَةً أَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَظَاهِرُ لَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ الْمُتَقَدِّمِ، وَقَالَ الرَّجْرَاجِيُّ: وَالْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ أَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ، انْتَهَى.

وَقَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ فِي طَلَاقِ السُّنَّةِ: فَصْلُ، وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ أَنْ يُطَلِّقَ عِنْدَ كُلِّ طُهْرٍ طَلْقَةً؛ لِأَنَّهُ عِنْدَهُ طَلَاقُ بِدْعَةٍ عَلَى غَيْرِ السُّنَّةِ، انْتَهَى. فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَلَمْ يُجْبَرْ عَلَى الرَّجْعَةِ)

ش: يَعْنِي فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ كُلِّهَا، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِهِ إذَا طَلَّقَ طَلَاقَ بِدْعَةٍ لَمْ يُجْبَرْ إلَّا فِي الْحَيْضِ فَقَطْ لِأَنَّ الْجَبْرَ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ، انْتَهَى. مِنْ شَرْحِ قَوْلِهِ وَإِنْ طَلَّقَ فِي الطُّهْرِ الْأَوَّلِ.

ص (كَقَبْلِ الْغُسْلِ مِنْهُ أَوْ التَّيَمُّمِ الْجَائِزِ)

ش: إنَّمَا شَبَّهَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَذَا بِمَا قَبْلَهُ فِي كَوْنِهِ لَا يُجْبَرُ فِيهِ عَلَى الرَّجْعَةِ فَقَطْ لَا فِي كَوْنِ الطَّلَاقِ قَبْلَ الْغُسْلِ مَكْرُوهًا لِأَنَّ الطَّلَاقَ حِينَئِذٍ مَمْنُوعٌ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ يَعْنِي ابْنَ الْحَاجِبِ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى الرَّجْعَةِ مُنِعَ الطَّلَاقُ بَعْدَ الطُّهْرِ وَقَبْلَ التَّطْهِيرِ وَهُوَ صَحِيحٌ كَمَا ذَكَرْنَا عَنْ الْمُدَوَّنَةِ وَحَكَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَوْلًا بِجَوَازِ الطَّلَاقِ إذَا رَأَتْ الْقُصَّةَ، قَالَ: وَهُوَ الظَّاهِرُ، انْتَهَى مِنْ شَرْحِ قَوْلِهِ فَإِنْ طَلَّقَ فِي الطُّهْرِ الْأَوَّلِ وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ هُوَ قَوْلُهَا وَلَا يُطَلِّقُ الَّتِي رَأَتْ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ حَتَّى تَغْتَسِلَ بِالْمَاءِ فَإِنْ فَعَلَ لَزِمَهُ وَلَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>