للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي شَرْحِ الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ: لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنْ يَشُقَّ كَبِدَهُ إنْ شَقَّ ثَوْبَهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَمْ يُخْتَلَفْ فِي أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَشُقَّ الثَّوْبَ وَلَا فِي أَنَّهُ يُعَجِّلُ عَلَيْهِ الطَّلَاقَ إنْ شَقَّهُ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ أَنْ يَشُقَّ كَبِدَهُ، انْتَهَى.

(تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي الشَّامِلِ: وَهَلْ تَعْلِيقُهُ مَكْرُوهٌ أَوْ مَمْنُوعٌ وَيُؤَدَّبُ فَاعِلُهُ خِلَافٌ، انْتَهَى. يَعْنِي تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (أَوْ مُسْتَقْبَلٌ مُحَقَّقٌ)

ش: ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا إنْ أَتَى أَجَلُ طَلَاقِهَا بَعْدَ أَنْ تَزَوَّجَهَا لَمْ تَطْلُقْ عَلَيْهِ، انْتَهَى. وَقَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إذَا قَدِمَ الْحَاجُّ أَنَّهَا تَطْلُقُ السَّاعَةَ؛ لِأَنَّهُ أَجَلٌ آتٍ وَحُمِلَ الْكَلَامُ عَلَى الزَّمَنِ لَا عَلَى الْقُدُومِ كَمَا هُوَ الْمَذْهَبُ أَيْضًا فِي الْبَيْعِ إلَى قُدُومِ الْحَاجِّ، انْتَهَى مِنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ عِنْدَ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ فَإِنْ قَالَ بَعْدَ قُدُومِ زَيْدٍ بِشَهْرٍ طَلُقَتْ عِنْدَ قُدُومِهِ وَنَقَلَ الْمَسْأَلَةَ فِي النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ.

(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَمَنْ قَالَ إذَا مَاتَ فُلَانٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ، لَزِمَهُ الطَّلَاقُ مَكَانَهُ وَفِي الْوَاضِحَةِ عَنْ مُطَرِّفٍ وَأَصْبَغَ إذَا خَسَفَتْ الشَّمْسُ أَوْ مَطَرَتْ السَّمَاءُ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ بِكَلَامِهِ؛ لِأَنَّهُ أَجَلٌ آتٍ ابْنُ حَارِثٍ.

أَنْتِ طَالِقٌ إلَى مُسْتَهَلِّ الْهِلَالِ أَوْ إلَى وَقْتٍ يَأْتِي عَلَى كُلِّ حَالٍ فَهِيَ طَالِقٌ وَقْتَ قَوْلِهِ اتِّفَاقًا وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعِدَّةِ أَنَّ نَاسًا اخْتَلَفُوا فِيمَنْ طَلَّقَ إلَى أَجَلٍ سَمَّاهُ وَأَنَّ عَطَاءً كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ، فَقَالَ مَالِكٌ: لَا أَقُولُ لَهُ وَلَا لِغَيْرِهِ هَذِهِ الْمَدِينَةُ دَارُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَدَارُ الْهِجْرَةِ فَمَا ذَكَرُوا أَنَّ الْمُطَلِّقَ إلَى أَجَلٍ يَتَمَتَّعُ بِامْرَأَتِهِ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ فَإِنَّا لَمْ نُدْرِكْ أَحَدًا مِنْ عُلَمَاءِ النَّاسِ قَالَهُ وَهَذَا شَبِيهُ الْمُتْعَةِ ابْنُ رُشْدٍ قِيَاسُهُ ذَلِكَ عَلَى الْمُتْعَةِ صَحِيحٌ وَاسْتِدْلَالُهُ بِأَنَّهُ الَّذِي عَلَيْهِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ إجْمَاعَهُمْ عِنْدَهُ حُجَّةً فِيمَا طَرِيقُهُ الِاجْتِهَادُ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ أَهْلُ التَّحْقِيقِ أَنَّ إجْمَاعَهُمْ إنَّمَا هُوَ حُجَّةٌ فِيمَا طَرِيقُهُ التَّوْقِيفُ أَوْ إنَّ الْغَالِبَ مِنْهُ أَنَّهُ عَنْ تَوْقِيفٍ كَنَفْيِ زَكَاةِ الْخَضْرَاوَاتِ وَالْأَذَانِ، انْتَهَى.

وَقَالَ فِي النَّوَادِرِ فِي تَرْجَمَةِ الطَّلَاقِ إلَى أَجَلٍ، قَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ فِيمَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ فِي شَهْرِ كَذَا أَوْ إلَى شَهْرِ كَذَا فَهُوَ سَوَاءٌ وَهُوَ طَلَاقٌ إلَى أَجَلٍ وَتَطْلُقُ السَّاعَةَ، انْتَهَى.

وَمَا قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ أُطَلِّقْكِ رَأْسَ الشَّهْرِ أَلْبَتَّةَ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ أَنَّهُ يَنْجُزُ عَلَيْهِ أَلْبَتَّةَ لِأَنَّ إحْدَى الْبَتَّتَيْنِ عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ لَا بُدَّ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ إنْ طَلَّقَهَا أَلْبَتَّةَ فَوَاضِحٌ وَإِلَّا وَقَعَتْ الْبَتَّةُ الْمُعَلَّقَةُ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ رَأْسَ الشَّهْرِ أَلْبَتَّةَ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مَنْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ مِثْلَ هَذَا يُعَجَّلُ عَلَيْهِ، انْتَهَى.

(فَائِدَةٌ لَطِيفَةٌ) : تَتَعَلَّقُ بِالْكَلَامِ عَلَى تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِشَهْرٍ، قَالَ الْقَرَافِيُّ فِي الْفَرْقِ الثَّالِثِ: أَنْشَدَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ:

مَا يَقُولُ الْفَقِيهُ أَيَّدَهُ اللَّهُ ... وَلَا زَالَ عِنْدَهُ الْإِحْسَانُ

فِي فَتَى عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِشَهْرٍ ... قَبْلَ مَا قَبْلَ قَبْلِهِ رَمَضَانُ

وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْبَيْتَ مِنْ نَوَادِرِ الْأَبْيَاتِ وَأَشْرَفِهَا مَعْنًى وَأَدَقِّهَا فَهْمًا وَأَعْذَبِهَا اسْتِنْبَاطًا لَا يُدْرِكُ مَعْنَاهُ إلَّا الْعُقُولُ السَّلِيمَةُ وَالْأَفْهَامُ الْمُسْتَقِيمَةُ وَالْأَفْكَارُ الدَّقِيقَةُ مِنْ أَفْرَادِ الْأَذْكِيَاءِ وَآحَادِ الْفُضَلَاءِ وَالنُّبَلَاءِ بِسَبَبِ أَنَّهُ بَيْتٌ وَاحِدٌ وَهُوَ مَعَ صُعُوبَةِ مَعْنَاهُ وَدِقَّةِ مَغْزَاهُ يَشْتَمِلُ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَبْيَاتٍ فِي الْإِنْشَاءِ بِالتَّغْيِيرِ وَالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ بِشَرْطِ اسْتِعْمَالِ الْأَلْفَاظِ فِي حَقَائِقِهَا دُونَ مُجَازَاتِهَا مَعَ الْتِزَامِ صِحَّةِ الْوَزْنِ عَلَى الْقَانُونِ الْعَرَبِيِّ اللُّغَوِيِّ وَكُلِّ بَيْتٍ مُشْتَمِلٍ عَلَى مَسْأَلَةٍ مِنْ الْفِقْهِ فِي التَّعَالِيقِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْأَلْفَاظِ اللُّغَوِيَّةِ وَتِلْكَ الْمَسْأَلَةُ صَعْبَةُ الْمَغْزَى وَعِرَةُ الْمُرْتَقَى ثُمَّ قَالَ: هَذَا تَقْرِيرُ الْبَيْتِ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ مِنْ الْتِزَامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>