للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَرَى أَنْ يُخَلِّيَ سَبِيلَهَا وَأَنَّ الطَّلَاقَ وَقَعَ عَلَيْهَا وَلَوْ قَالَتْ: لَسْتُ حَائِضًا أَرَى أَنْ لَا يُصَدِّقَهَا وَلَا يَقْبَلَ مِنْهَا وَلَا يَنْتَفِعَ بِذَلِكَ وَلْيُخَلِّ سَبِيلَهَا لِأَنَّ ذَلِكَ شَكٌّ لَا يَدْرِي مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْهَا أَصَادِقَةٌ هِيَ أَمْ كَاذِبَةٌ فَلَا يُقِيمُ عَلَى الشَّكِّ إلَّا أَنْ يَنْكَشِفَ لَهُ ذَلِكَ بِأَسْبَابٍ يُقْبَلُ عَلَيْهَا وَيَقَعُ عَلَى يَقِينِهَا بِهِ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: قَوْلُهُ وَلَا يُقِيمُ عَلَى الشَّكِّ يُرِيدُ وَيُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا فِي الْحُكْمِ هَذَا مَذْهَبُ أَصْبَغَ فِيمَا كَانَ مِنْ هَذَا الْفَرْعِ مِمَّا يَحْلِفُ الْحَالِفُ فِيهِ عَلَى غَيْرِهِ فِيمَا قَدْ مَضَى فَيَكُونُ الشَّكُّ فِيهِ قَائِمًا إذْ لَا يَعْلَمُ حَقِيقَتَهُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ وَلَا يَدْرِي هَلْ صَدَقَتْهُ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ امْرَأَتِي طَالِقٌ إنْ كُنْتِ تَبْغُضِينِي أَوْ إنْ لَمْ تَصْدُقِينِي فَتَقُولُ أَنَا أُحِبُّكَ وَتُخْبِرُهُ وَتَزْعُمُ أَنَّهَا قَدْ صَدَقَتْهُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَابْنُ الْقَاسِمِ يَرَى مِثْلَ هَذَا أَنَّهُ يُؤْمَرُ وَلَا يُجْبَرُ وَقَدْ مَضَى هَذَا الْمَعْنَى فِي رَسْمِ الْقُطْعَانِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى (فَرْعٌ) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كُنْتُ أُحِبُّ طَلَاقَكِ وَهُوَ يُحِبُّهُ بِقَلْبِهِ فَهِيَ طَالِقٌ، انْتَهَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَبِالْأَيْمَانِ الْمَشْكُوكِ فِيهَا)

ش: قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ: قَوْلُهُ وَبِالْأَيْمَانِ مَعْطُوفٌ عَلَى بِالْفِرَاقِ بِحَذْفِ مُضَافٍ أَيْ وَأُمِرَ بِالْفِرَاقِ فِي كَذَا أَوْ فِي كَذَا أَوْ بِإِنْفَاذِ الْأَيْمَانِ الْمَشْكُوكِ فِيهَا، انْتَهَى. وَهَذَا أَحْسَنُ مِمَّا حَمَلَهُ عَلَيْهِ الشَّارِحَانِ لِأَنَّ مَسْأَلَتَهُمَا يُجْبَرُ فِيهَا عَلَى الْفِرَاقِ؛ لِأَنَّهُمَا جَعَلَاهُ أَشَارَ إلَى قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَكُلُّ يَمِينٍ فِي الطَّلَاقِ لَا يَعْلَمُ صَاحِبُهَا أَنَّهُ فِيهَا بَارٌّ فَهُوَ حَانِثٌ، قَالَ ابْنُ نَاجِي، قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: يَعْنِي يَشُكُّ احْتِرَازًا مِنْ الْوَهْمِ فَإِنَّهُ لَا أَثَرَ لَهُ ثُمَّ قَالَ، وَقَالَ خَلِيلٌ: لَا يُؤْمَرُ بِشَيْءٍ إذَا ظَنَّ الْبِرَّ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِ أَوْ يَكُونُ أَخَفَّ فَقَالَ بِالْجَبْرِ مَعَ الشَّكِّ يُؤْمَرُ هَاهُنَا مِنْ غَيْرِ جَبْرٍ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْجَبْرِ لَا يُؤْمَرُ هُنَا بِشَيْءٍ، انْتَهَى. اُنْظُرْ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ وَجَعَلَ ابْنُ غَازِيٍّ أَنَّهُ أَشَارَ إلَى قَوْلِهِ وَمَنْ لَمْ يَدْرِ بِمَا حَلَفَ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ مَشْيٍ أَوْ صَدَقَةٍ فَلْيُطَلِّقْ نِسَاءَهُ وَيَعْتِقْ رَقِيقَهُ وَيَتَصَدَّقْ بِثُلُثِ مَالِهِ وَيَمْشِ إلَى مَكَّةَ يُؤْمَرُ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ، قَالَ أَبُو الْحَسَنِ، قَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ: لَمْ يَذْكُرْ كَمْ يُطَلِّقُ زَوْجَتَهُ وَلَا كَمْ يَمْشِي إلَى مَكَّةَ وَإِنْ كَانَ الشَّكُّ لَا يَتَنَاوَلُ عَدَدًا قَائِمًا يَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ وَالْمَشْيُ مَرَّةً وَاحِدَةً؛ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ إنَّمَا حَلَفَ بِهَذِهِ الْأَجْنَاسِ، انْتَهَى. ابْنُ نَاجِي فَهِمَ شَيْخُنَا أَبُو مَهْدِيٍّ قَوْلَهَا يُؤْمَرُ عَلَى اللُّزُومِ وُجُوبًا وَإِنَّمَا أَرَادَ نَفْيَ الْجَبْرِ فَقَطْ وَفَهِمَ شَيْخُنَا حَفِظَهُ اللَّهُ قَوْلَهَا عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، وَالصَّوَابُ هُوَ الْأَوَّلُ لِقَرِينَةِ قَوْلِهَا مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ ثُمَّ قَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ: إنَّمَا قَالَ: وَيَتَصَدَّقُ بِثُلُثِ مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ شَكَّ هَلْ حَلَفَ بِصَدَقَةِ جَمِيعِ مَالِهِ وَلَوْ شَكَّ هَلْ حَلَفَ بِصَدَقَةٍ أَمْ لَا فَلْيُخْرِجْ أَقَلَّ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ مُدًّا أَوْ دِرْهَمًا، انْتَهَى. وَعَلَى مَا حَمَلَهُ ابْنُ غَازِيٍّ تَكُونُ عِبَارَةُ الْمُؤَلِّفِ أَحْسَنُ مِنْ عِبَارَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ لِمُوَافَقَتِهِ لِلْمُدَوَّنَةِ فِي أَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ مِنْ الْأَيْمَانِ مَا شَكَّ فِي حَلِفِهِ بِهِ لَا مَا اعْتَادَ الْحَالِفُ بِهِ مِنْ الْأَيْمَانِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَلَا يُؤْمَرُ إنْ شَكَّ هَلْ طَلَّقَ أَمْ لَا)

ش: تَصَوُّرُهُ وَاضِحٌ سُئِلْتُ عَمَّنْ جَزَمَ أَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>