عَلَى الْغَائِبِ بِعَدَمِ النَّفَقَةِ، وَهَذَا كُلُّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَسْقَطَتْ النَّفَقَةَ عَنْ زَوْجِهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ تَسْقُطُ عَنْهُ، وَصَرَّحَ بِذَلِكَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي تَهْذِيبِهِ، وَنَقَلَهُ عَنْهُ أَبُو الْحَسَنِ، وَقَبِلَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ خِلَافَهُ ذَكَرَهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَنْ وَهَبَتْ نَوْبَتَهَا مِنْ ضَرَّتِهَا فِي النِّكَاحِ الثَّانِي، وَهُوَ خِلَافُ مَا جَزَمَ بِهِ الْقَرَافِيُّ فِي الْفَرْقِ الثَّالِثِ وَالثَّلَاثِينَ مِنْ قَوَاعِدِهِ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَسْقُطُ، وَلَهَا الرُّجُوعُ فِيهِ، وَقَبِلَهُ ابْنُ الشَّاطِّ، وَحَمَلَ ابْنُ غَازِيٍّ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي فَصْلِ الصَّدَاقِ أَوْ أَسْقَطَتْ شَرْطًا قَبْلَ وُجُوبِهِ، وَقَدْ ذَكَرَ فِي التَّوْضِيحِ فِي الْكَلَامِ عَلَى نِكَاحِ التَّفْوِيضِ فِي ذَلِكَ قَوْلَيْنِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَالضَّرْبُ لِوَاحِدَةٍ ضَرْبٌ لِبَقِيَّتِهِنَّ، وَإِنْ أَبَيْنَ)
ش: مَعْنَى كَلَامِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ مَنْ قَامَ مِنْ نِسَائِهِ بَعْدَ ضَرْبِ الْأَجَلِ لِوَاحِدَةٍ فَإِنَّهُ لَا يُضْرَبُ لِلثَّانِيَةِ أَجَلٌ مُسْتَأْنَفٌ بَلْ يَكْفِي أَجَلُ الْأُولَى، وَإِنْ كَانَتْ الثَّانِيَةُ امْتَنَعَتْ حِينَ ضَرَبَ الْأَجَلَ لِلْأُولَى، وَلَيْسَ مَعْنَى كَلَامِهِ إنْ قَامَتْ امْرَأَةٌ مِنْ نِسَائِهِ فَضَرَبَ لَهَا الْأَجَلَ، ثُمَّ اعْتَدَّتْ أَنَّ الْعِدَّةَ تَلْزَمُ الْبَاقِيَ، وَتَنْقَطِعُ عَنْهُنَّ النَّفَقَةُ، وَلَوْ اخْتَرْنَ الْمُقَامَ يَظْهَرُ ذَلِكَ بِكَلَامِ الْمُتَيْطِيِّ، وَنَصُّهُ، وَلَوْ كَانَ لَهُ نِسَاءٌ سِوَاهَا فَقُمْنَ فِي خِلَالِ الْأَجَلِ أَوْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ فَطَلَبْنَ مَا طَلَبَتْهُ مِنْ الْفِرَاقِ فَهَلْ يَسْتَأْنِفُ الْإِمَامُ الْفَحْصَ عَنْهُ لَهُنَّ، وَإِعَادَةُ ضَرْبِ الْأَجَلِ مِنْ بَعْدِ الْيَأْسِ؟ أَوْ يُجْزِئُهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ فِعْلِهِ الْأَوَّلِ؟ فَذَكَرَ ابْنُ الْعَطَّارِ فِي وَثَائِقِهِ عَنْ ابْنِ الْفَخَّارِ أَنَّهُ رَأَى لِمَالِكٍ أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَسْتَأْنِفُ ضَرْبًا، وَقَالَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا الْقَرَوِيِّينَ قَالَ، وَكَذَلِكَ إنْ قُمْنَ بَعْدَ مُضِيِّ الْأَجَلِ، وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَإِنَّهُنَّ يُجْزِئُهُنَّ، وَضَرْبُ الْإِمَامِ الْأَجَلَ لِوَاحِدَةٍ مِنْ نِسَائِهِ كَضَرْبِهِ لِجَمِيعِهِنَّ كَمَا أَنَّ تَفْلِيسَهُ الْمِدْيَانَ لِأَحَدِ الْغُرَمَاءِ تَفْلِيسٌ لِجَمِيعِهِنَّ قَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ، وَبَلَغَنِي عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْهَا فَتَفَكَّرَ، ثُمَّ قَالَ ضَرْبُ الْأَجَلِ لِلْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ ضَرْبٌ لِجَمِيعِهِنَّ فَإِذَا انْقَضَى الْأَجَلُ تَزَوَّجْنَ إنْ أَحْبَبْنَ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ، وَذُكِرَ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي عِمْرَانَ أَنَّهُ قَالَ يَضْرِبُ لِلثَّانِيَةِ الْأَجَلَ حِينَ تَرْفَعُ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكْشِفَ عَنْ أَمْرِ الْمَفْقُودِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ كَشَفَ عَنْهُ لِلْأُولَى قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا الْقَرَوِيِّينَ: وَهَذَا أَصَحُّ، وَأَحْسَنُ انْتَهَى، وَكَلَامُ ابْنِ يُونُسَ نَحْوُهُ، وَنَصُّهُ:
وَرُوِيَ لِمَالِكٍ إذَا كَانَ لِلْمَفْقُودِ امْرَأَتَانِ فَرَفَعَتْ إحْدَاهُمَا أَمْرَهَا إلَى السُّلْطَانِ فَضَرَبَ لَهَا أَجَلًا أَرْبَعَ سِنِينَ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ رَفَعَتْ الْأُخْرَى قَالَ مَالِكٌ لَا يُسْتَأْنَفُ لَهَا ضَرْبٌ، وَذُكِرَ لَنَا عَنْ بَعْضِ شُيُوخِنَا مِثْلُ هَذَا قَالَ مَالِكٌ، وَكَذَلِكَ إنْ قَامَتْ بَعْدَ مُضِيِّ الْأَجَلِ، وَالْعِدَّةِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهَا، وَضَرْبُ الْإِمَامِ الْأَجَلَ لِوَاحِدَةٍ مِنْ نِسَائِهِ كَضَرْبِهِ لِجَمِيعِهِنَّ، ثُمَّ ذَكَرَ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمُتَيْطِيِّ، وَانْظُرْ قَوْلَ الْمُتَيْطِيِّ فَقُمْنَ فِي خِلَالِ الْأَجَلِ، وَقَوْلَ ابْنِ يُونُسَ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ رَفَعَتْ الْأُخْرَى فَجَعَلَا قَوْلَ مَالِكٍ لَا يَسْتَأْنِفُ لَهَا الْإِمَامُ ضَرْبًا مَحَلُّهُ إذَا قَامَتْ تَطْلُبُ الْفِرَاقَ فَمَفْهُومُهُ أَنَّهَا لَوْ لَمْ تَقُمْ فَلَا يَكُونُ ضَرْبُ الْأَجَلِ لِوَاحِدَةٍ ضَرْبًا لِبَقِيَّتِهِنَّ، وَقَوْلُ ابْنِ فَرْحُونٍ فِي شَرْحِهِ يَعْنِي أَنَّ الْحَاكِمَ كَتَبَ بِأَمْرِ زَوْجِهَا، وَعَجَزَ عَنْ الْوُقُوفِ عَلَى خَبَرِهِ، وَضَرَبَ الْأَجَلَ، وَاعْتَدَّتْ فَإِنَّ ذَلِكَ كَافٍ لِلْجَمِيعِ يُرِيدُ إذَا قُمْنَ بِطَلَبِ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَكَلَامُ ابْنِ فَرْحُونٍ هَذَا مَعَ نَقْلِ ابْنُ يُونُسَ وَالْمُتَيْطِيِّ عَنْ مَالِكٍ فِي قَوْلِهِ، وَكَذَا إنْ قُمْنَ بَعْدَ مُضِيِّ الْأَجَلِ، وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُهُنَّ يَقْتَضِي بِظَاهِرِهِ أَنَّهُنَّ لَا يَحْتَجْنَ إلَى عِدَّةٍ إذَا قُمْنَ بَعْدَ مُضِيِّ الْأَجَلِ، وَالْعِدَّةِ فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَمُقَابِلُ هَذَا الْقَوْلِ قَوْلُ الشَّيْخِ أَبِي عِمْرَانَ الَّذِي صَحَّحَهُ، وَاسْتَحْسَنَهُ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ، وَقَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هُوَ الْأَقْرَبُ عِنْدِي، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَبَقِيَتْ أُمُّ وَلَدِهِ)
ش: نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute