للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهِيَ مَا إذَا جَهِلَتْ حَالَةً فَقَطْ، وَأَمَّا إذَا عُرِفَ مِلْؤُهُ أَوْ عُدْمُهُ فَنَقَلَهُ عَنْ الْمُتَيْطِيِّ، وَحَكَى عَنْهُ فِيمَا إذَا عُلِمَ عُدْمُهُ قَوْلَيْنِ وَنَصُّ كَلَامِهِ: وَفِيهَا لَا يُفْرَضُ عَلَى الْغَائِبِ النَّفَقَةُ لِزَوْجَتِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ مَالٌ تَعَدَّى فِيهِ.

(قُلْت) ظَاهِرُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَمْ يُفْرَضْ، وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ إنْ عُلِمَ أَنَّهُ مَلِيءٌ فِي غَيْبَتِهِ فَرَضَ لَهَا الْقَاضِي نَفَقَةَ مِثْلِهَا وَكَانَ دَيْنًا لَهَا عَلَيْهِ تُحَاصُّ بِهِ غُرَمَاءَهُ، وَإِذَا قَدِمَ أَخَذَتْهُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ مُعْدَمًا فِي غَيْبَتِهِ فَالْمَشْهُورُ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَا يُفْرَضُ لَهَا، وَقَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ تَدَايَنَ عَلَيْهِ وَيَقْضِي لَهَا.

(قُلْت:) فَهَذَا يُؤَدِّي إلَى وُجُوبِهَا عَلَى الْمُعْسِرِ.

(قُلْت:) وَلِابْنِ رُشْدٍ فِي آخِرِ مَسْأَلَةٍ مِنْ سَمَاعِ يَحْيَى مِنْ طَلَاقِ السُّنَّةِ إنْ جُهِلَ مِلْؤُهُ مِنْ عُدْمِهِ فَفِيهَا لَا يَفْرِضُ لَهَا السُّلْطَانُ عَلَيْهِ نَفَقَةً حَتَّى يَقْدُمَ؛ فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا فَرَضَ لَهَا، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إنْ أَحَبَّتْ الصَّبْرَ أَشْهَدَ لَهَا السُّلْطَانُ إنْ كَانَ فُلَانٌ زَوْجُ فُلَانَةَ الْيَوْمَ مَلِيًّا فِي غَيْبَتِهِ فَقَدْ أَوْجَبْنَا لَهَا عَلَيْهِ فَرِيضَةَ مِثْلِهَا مِنْ مِثْلِهِ اهـ.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) مَا حَكَاهُ الْمُتَيْطِيُّ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ مِنْ أَنَّهَا تَتَدَايَنُ عَلَيْهِ وَيَقْضِي لَهَا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا عُلِمَ عُدْمُهُ فِي غَيْبَتِهِ وَجَعْلُهُ قَوْلًا ثَانِيًا مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ التَّوْضِيحِ مِنْ أَنَّ كَلَامَ الْمَوَّازِيَّةِ الْمَذْكُورَ مِنْ تَتِمَّةِ الْقَوْلِ بِفَرْضِ النَّفَقَةِ لَهَا عَلَيْهِ فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا عُلِمَ مِلْؤُهُ فِي غَيْبَتِهِ، وَلِهَذَا اسْتَشْكَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ: قُلْت: هَذَا يُؤَدِّي إلَى وُجُوبِهَا عَلَى الْمُعْسِرِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّانِي) عُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْعُتْبِيَّةِ الْمُتَقَدِّمِ وَتَسْلِيمِ ابْنِ رُشْدٍ لَهُ بِمَا شَرَحَهُ بِهِ أَنَّ نَفَقَةَ الْوَلَدِ تُفْرَضُ عَلَى الْوَالِدِ فِي غَيْبَتِهِ إذَا كَانَ مُوسِرًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّالِثُ) مَا أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ فِي آخِرِ كَلَامِهِ فِي الْقَوْلِ فِي فَرْضِ النَّفَقَةِ عَلَى الْأَبَوَيْنِ وَأَنَّهُ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ ذَكَرَهُ فِي رَسْمِ الْأَقْضِيَةِ مِنْ سَمَاعِهِ مِنْ كِتَابِ طَلَاقِ السُّنَّةِ، وَلَا بَأْسَ بِذِكْرِهِ لِيُسْتَفَادَ بِهِ مَعَ مَا تَقَدَّمَ حُكْمُ فَرْضِ النَّفَقَةِ عَلَى الْغَائِبِ لِلزَّوْجَةِ وَالْوَلَدِ وَالْأَبَوَيْنِ وَنَصُّهُ: قَالَ أَصْبَغُ سَأَلْت ابْنَ الْقَاسِمِ عَنْ الَّذِي يَغِيبُ وَيَحْتَاجُ أَبَوَاهُ أَوْ امْرَأَتُهُ وَلَهُ مَالٌ حَاضِرٌ فَيَرْفَعَانِهِ إلَى السُّلْطَانِ، قَالَ يُبَاعُ مَالُهُ وَيُنْفَقُ عَلَيْهِنَّ؛ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ أَيُؤْمَرَانِ أَنْ يَتَدَايَنَا عَلَيْهِ وَيَقْضِي لَهُمَا بِذَلِكَ.؟ قَالَ: أَمَّا الزَّوْجَةُ فَنَعَمْ، وَأَمَّا الْأَبَوَانِ فَلَا؛ لِأَنَّهُمَا لَوْ لَمْ يَرْفَعُوا ذَلِكَ حَتَّى قَدِمَ فَأَقَرَّ لَهُمْ جَمِيعًا بِذَلِكَ غَرِمَ لِلْمَرْأَةِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يَغْرَمَ ذَلِكَ لِلْأَبَوَيْنِ، وَإِنْ أَقَرَّ لَهُمَا؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ نَفَقَتُهَا عَلَيْهِ مُوسِرَةً كَانَتْ أَوْ مُعْسِرَةً، وَالْمَرْأَةُ تُحَاصُّ الْغُرَمَاءَ إذَا رَفَعَتْ ذَلِكَ وَكَانَ يَوْمَ أَنْفَقَتْ مُوسِرَةً وَالْأَبَوَانِ لَيْسَا كَذَلِكَ، وَقَالَ أَصْبَغُ فَنَفَقَةُ الْأَبَوَيْنِ لَا تَجِبُ إلَّا بِفَرِيضَةٍ مِنْ سُلْطَانٍ حَتَّى يَجِدَهُمَا يَسْتَحِقَّانِهَا وَيَجِدَ لَهُ مَالًا يُعَدِّيهِمَا فِيهِ، وَإِلَّا فَلَا. قَالَ ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُهُ: إنَّ مَالَ الْغَائِبِ يُبَاعُ فِي نَفَقَةِ أَبَوَيْهِ هُوَ مِثْلُ مَا فِي كِتَابِ إرْخَاءِ السُّتُورِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَكَانَ الشُّيُوخُ يُفْتُونَ أَنَّ أُصُولَ الْغَائِبِ لَا تُبَاعُ فِي نَفَقَةِ أَبَوَيْهِ، بِخِلَافِ زَوْجَتِهِ وَيَتَأَوَّلُونَ الْمُرَادَ بِمَالِ الْغَائِبِ الَّذِي يُبَاعُ فِي نَفَقَةِ أَبَوَيْهِ عُرُوضُهُ لَا أُصُولُهُ

وَالْفَرْقُ عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ بَيْنَ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَنَفَقَةِ الْأَبَوَيْنِ أَنَّ نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ وَاجِبَةٌ حَتَّى يُعْلَمَ سُقُوطُهَا وَنَفَقَةَ الْأَبَوَيْنِ سَاقِطَةٌ حَتَّى يُعْلَمَ وُجُوبُهَا بِمَعْرِفَةِ حَيَاتِهِ، وَأَنَّهُ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ يَغْتَرِقُ مَالَهُ، وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا تُبَاعَ عَلَيْهِ أَيْضًا عُرُوضُهُ فِي مَغِيبِهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ حِينَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ مَيِّتًا وَأَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَغْتَرِقُ عُرُوضَهُ إلَّا أَنَّ ذَلِكَ فِي الْعُرُوضِ اسْتِحْسَانٌ، بِهَذَا الْمَعْنَى فَرَّقُوا أَيْضًا بَيْنَ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَالْأَبَوَيْنِ فِي أَنَّ الْأَبَوَيْنِ لَا يُفْرَضُ لَهُمَا النَّفَقَةُ عَلَيْهِ فِي مَغِيبِهِ، وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ حَاضِرٌ، وَلَا يُؤْمَرَانِ أَنْ يَتَدَايَنَا عَلَيْهِ؛ فَإِنْ فَعَلَا لَمْ يَلْزَمْهُ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَيَلْزَمُ عَلَى الْفَرْقِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ لَوْ كَانَتْ النَّفَقَةُ قَدْ فُرِضَتْ لَهُمَا عَلَيْهِ قَبْلَ مَغِيبِهِ فَغَابَ وَتَرَكَ أُصُولَهُ أَنْ تُبَاعَ عَلَيْهِ فِي نَفَقَتِهِمَا، وَقَوْلُهُ إنَّ الْمَرْأَةَ تُحَاصُّ الْغُرَمَاءَ بِمَا أَنْفَقَتْ مِنْ يَوْمِ رَفَعَتْ إذَا كَانَ يَوْمَ أَنْفَقَتْ مُوسِرًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَا تُحَاصُّ إلَّا فِي الدَّيْنِ الْمُسْتَحْدَثِ، مِثْلُ قَوْلِ سَحْنُونٍ فِي رَسْمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>