للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابْنَ عَرَفَةَ وَبِذَلِكَ وَقَعَ الْحُكْمُ بِتُونُسَ، وَذَلِكَ فِي مَسَائِلِ الْمَحْجُورِ انْتَهَى فَتَحَصَّلَ فِيمَا بَاعَهُ بِحَضْرَةِ وَلِيِّهِ وَسُكُوتِهِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ ذَلِكَ كَفِعْلِ الْوَلِيِّ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إبْرَاهِيمَ، وَأَفْتَى بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ.

وَوَقَعَ الْحُكْمُ بِهِ بِتُونُسَ، وَبِهِ أَفْتَيْت (وَالثَّانِي) : أَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ لَهُ عَلَى الْأَوَّلِ فَإِنْ كَانَ صَوَابًا وَمَصْلَحَةً لَزِمَ الْمَحْجُورَ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَصْلَحَةٍ نَقَصَ مَا دَامَ الْمَبِيعُ قَائِمًا بِيَدِ الْمُشْتَرِي فَإِنْ فَاتَ مِنْ يَدِهِ بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يُنْقَضْ وَرَجَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِكَمَالِ الْقِيمَةِ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ رُشْدٍ وَسَيَأْتِي كَلَامُهُ فِي الْقِيَامِ بِالصَّغِيرِ إنْ شَاءَ اللَّهُ. وَإِنْ تَعَذَّرَ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِكُلِّ، وَجْهٍ، وَكَانَ الْوَصِيُّ عَالِمًا بِأَنَّهُ غَيْرُ مَصْلَحَةٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَضْمَنُ كَمَا قَالَهُ أَبُو إبْرَاهِيمَ (الرَّابِعُ) : قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَلَا يَجُوزُ لِلْمُوَلَّى عَلَيْهِ عِتْقٌ، وَلَا هِبَةٌ، وَلَا صَدَقَةٌ، وَلَا بَيْعٌ، وَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ بَعْدَ بُلُوغِهِ، وَرُشْدِهِ إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ، وَأَسْتَحِبُّ لَهُ إمْضَاءَهُ، وَلَا أُجْبِرُهُ عَلَيْهِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: ظَاهِرُهُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ، وَعَلَى ذَلِكَ اخْتَصَرَهُ الْمُخْتَصِرُونَ، وَظَاهِرُ الْأُمَّهَاتِ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْعِتْقِ وَالصَّدَقَةِ، وَالْهِبَةِ لِغَيْرِ ثَوَابٍ وَعَلَى الْجَمِيعِ اخْتَصَرَهُ الْمُخْتَصِرُونَ وَأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ إمْضَاءُ جَمِيعِ مَا فَعَلَهُ.

وَفِيهِ نَظَرٌ، وَالصَّحِيحُ سَوَاءٌ وَأَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُمْضِيَ إلَّا مَا كَانَ لِلَّهِ فِيهِ قُرْبَةٌ، وَأَمَّا مَا كَانَ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ الْعِبَادِ فَأَيُّ اسْتِحْبَابٍ فِي هَذَا، فَكَذَا جَاءَ مَنْصُوصًا فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ عَلَى مَا تَأَوَّلْنَاهُ انْتَهَى. وَنَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ ثُمَّ قَالَ الشَّيْخُ: وَقَدْ يَكُونُ فِيهِ قُرْبَةٌ بِإِسْعَافِ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ بِإِمْضَاءِ عِتْقِهِ لِغِبْطَةٍ بِهَا كَمَا تَكُونُ فِي الْإِقَالَةِ، وَالتَّوْلِيَةِ، وَالشَّرِكَةِ انْتَهَى (الْخَامِس) : إذَا بَاعَ الْعَبْدُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ أَوْ اشْتَرَى فَلِلسَّيِّدِ رَدُّهُ، وَإِجَازَتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَرُدَّ ذَلِكَ حَتَّى أَعْتَقَهُ مَضَى نَصَّ عَلَيْهِ الشَّيْخُ أَبُو الْفَضْلِ الدِّمَشْقِيِّ تِلْمِيذُ الْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ فِي كِتَابِ الْفُرُوقِ لَهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَقَدْ نَصَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى أَنَّهُ إذَا تَصَدَّقَ أَوْ وَهَبَ أَوْ أَعْتَقَ، وَلَمْ يَرُدَّ ذَلِكَ السَّيِّدُ حَتَّى أَعْتَقَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ يَلْزَمُهُمْ سَوَاءٌ عَلِمَ السَّيِّدُ بِذَلِكَ قَبْلَ عِتْقِهِمْ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَسَيُنَبِّهُ الْمُصَنِّفُ عَلَى هَذَا فِي بَابِ الْحَجْرِ.

وَإِذَا كَانَ هَذَا الْحُكْمُ الْمَعْرُوفُ فَالْبَيْعُ أَوْلَى وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَحْجُورِ، وَالْعَبْدِ أَنَّ الْعَبْدَ إنَّمَا حُجِرَ عَلَيْهِ لِحَقِّ السَّيِّدِ، وَقَدْ زَالَ بِالْعِتْقِ بِخِلَافِ الْمَحْجُورِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (السَّادِسُ) : يُسْتَثْنَى مِمَّا تَقَدَّمَ شِرَاءُ السَّفِيهِ لِلْأُمُورِ التَّافِهَةِ الَّتِي لَا بُدَّ لَهُ مِنْهَا قَالَ فِي كِتَابِ الْمِدْيَانِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَلَا يَلْزَمُ الْمَوْلَى عَلَيْهِ شِرَاؤُهُ إلَّا فِيمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ مِنْ عَيْشِهِ مِثْلُ الدِّرْهَمِ يَبْتَاعُ بِهِ لَحْمًا، وَمِثْلُ خُبْزٍ، وَبَقْلٍ، وَنَحْوِهِ يَشْتَرِي ذَلِكَ لِنَفْسِهِ مِمَّا يُدْفَعُ إلَيْهِ مِنْ نَفَقَتِهِ انْتَهَى. وَسَيُصَرِّحُ الْمُصَنِّفُ بِذَلِكَ فِي بَابِ الْحَجْرِ، وَفِيهِ بَقِيَّةُ الْفُرُوعِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِبَيْعِ الْمَحْجُورِ (السَّابِعُ) : يُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِنَا يُشْتَرَطُ فِي لُزُومِ الْبَيْعِ كَوْنُ عَاقِدِهِ رَشِيدًا أَمَّا إذَا كَانَ السَّفِيهُ، وَكِيلًا عَنْ رَشِيدٍ، فَإِنَّهُ لَازِمٌ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ.

(الثَّامِنُ) : الْمُرَادُ بِالْإِذْنِ فِي قَوْلِنَا إذَا بَاعَ الْمَحْجُورُ أَوْ اشْتَرَى بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي خُصُوصِيَّةِ الْعَقْدِ الْمَفْرُوضِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ عَلَى الْعُمُومِ كَمَا يَأْذَنُ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ فِي التِّجَارَةِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُقْصَدُ قَالَ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْمِدْيَانِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَإِذَا عَقَلَ الصَّبِيُّ التِّجَارَةَ فَأَذِنَ أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ أَنْ يَتَّجِرَ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ الْإِذْنُ؛ لِأَنَّهُ مُوَلَّى عَلَيْهِ.

وَلَوْ دَفَعَ الْوَصِيُّ إلَى الْمَوْلَى عَلَيْهِ بَعْدَ الْحُكْمِ بَعْضَ الْمَالِ يَخْتَبِرُهُ بِهِ فَلَحِقَهُ فِيهِ دَيْنٌ، فَلَا يَلْزَمُهُ الدَّيْنُ فِيمَا دَفَعَ إلَيْهِ، وَلَا فِيمَا أَبْقَى؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْوِلَايَةِ بِذَلِكَ، وَهُوَ خِلَافُ الْعَبْدِ يَأْذَنُ لَهُ سَيِّدُهُ فِي التِّجَارَةِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَمْ يَمْنَعْهُ لِسَفَهٍ مِنْهُ، وَإِنَّمَا مُنِعَ مِنْ الْبَيْعِ، وَالنِّكَاحِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ بِيَدِ غَيْرِهِ فَإِذَا أُذِنَ لَهُ جَازَ، وَالسَّفِيهُ، وَالصَّبِيُّ لَيْسَ مِلْكُهُ بِيَدِ أَحَدٍ، فَلَيْسَ الْإِذْنُ لَهُ مُزِيلًا لِلسَّفَهِ، وَقَالَ غَيْرُهُ فِي الْيَتِيمِ الْمُخْتَبَرِ بِالْمَالِ: يَلْحَقُهُ مَا أُذِنَ فِيهِ خَاصَّةً انْتَهَى (التَّاسِعُ) : يُسْتَثْنَى مِنْ تَصَرُّفِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ مَا إذَا تَصَدَّقَ عَلَيْهِ شَخْصٌ بِصَدَقَةٍ أَوْ وَهَبَ لَهُ هِبَةً، وَشَرَطَ أَنْ تَكُونَ يَدُهُ مُطْلَقَةً عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّ تَصَرُّفَهُ فِيهَا مَاضٍ قَالَ ابْنُ الْفَرَسِ: فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ فِي قَوْلِهِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>