، وَسُئِلَ السُّيُورِيُّ عَمَّنْ عَدَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ، فَأَخَذَ رِبَاعَهُمْ ثُمَّ فَكُّوهَا بِمَالٍ مَعْلُومٍ، وَرَجَعَتْ عَلَيْهِمْ فَبَاعَ أَحَدُهُمْ دَارًا مِنْهَا وَدَفَعَ ثَمَنَهَا لِلسُّلْطَانِ ثُمَّ قَامَ يُرِيدُ نَقْضَ الْبَيْعِ، وَطَلَبَ الْغَلَّةَ فَأَجَابَ بَيْعُهُ لَازِمٌ، وَلَا غَلَّةَ لَهُ وَسُئِلَ أَيْضًا عَمَّنْ يَتَعَدَّى عَلَيْهِ الْأَعْرَابُ فَيَسْجُنُونَهُ فَيَبِيعُ هُوَ أَوْ وَكِيلُهُ أَوْ مَنْ يَحْتَسِبُ لَهُ رَبْعًا لِفِدَائِهِ هَلْ يَجُوزُ شِرَاؤُهُ أَمْ لَا؟ وَكَذَا مَا أَخَذَهُ الْمُضْطَرُّ مِنْ الدَّيْنِ هَلْ يَلْزَمُ أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ بَيْعُ الْمُضْطَرِّ لِفِدَائِهِ جَائِزٌ مَاضٍ بَاعَ هُوَ أَوْ وَكِيلُهُ بِأَمْرِهِ.
وَكَذَا أَخْذُهُ مُعَامَلَةً أَوْ سَلَفًا، وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مَعَهُ أُجِرَ عَلَى قَدْرِ نِيَّتِهِ فِي الدُّنْيَا، وَالْآخِرَةِ ثُمَّ قَالَ: وَسُئِلَ اللَّخْمِيّ عَنْ يَتِيمٍ أَخَذَهُ السُّلْطَانُ وَسَجَنَهُ، وَاضْطَرَّهُ إلَى بَيْعِ رَبْعِهِ فَبَاعَهُ خَشْيَةَ أَنْ يَأْتِيَهُ مِنْ السُّلْطَانِ نَفْيٌ أَوْ غَيْرُهُ، وَتَوَقَّفَ النَّاظِرُ فِي الْبَيْعِ حِينَ لَمْ يَأْذَنْ الْقَاضِي فِيهِ فَأَجَابَ إذَا كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا وُصِفَ مَضَى بَيْعُهُ انْتَهَى. وَذَكَرَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ بِلَفْظِ، وَسُئِلَ عَنْ شَابٍّ مُرَاهِقٍ أَوْ بَالِغٍ جَنَى جِنَايَةً فَسُجِنَ وَهُوَ يَتِيمٌ كَفَلَهُ بَعْضُ أَقَارِبِهِ إلَى آخِره.
(تَنْبِيهٌ) : ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ خَاصٌّ بِمَسْأَلَةِ الْإِكْرَاهِ عَلَى الْبَيْعِ لِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي عَلَيْهِ عَائِدٌ إلَى الْبَيْعِ.
وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمَذْهَبَ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِكْرَاهِ عَلَى الْبَيْعِ أَوْ عَلَى دَفْعِ مَالٍ، فَيَبِيعُ لِذَلِكَ
ص (وَرَدَّ عَلَيْهِ بِلَا ثَمَنٍ)
ش: يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قُلْنَا أَنَّ الْمُكْرَهَ لَا يَلْزَمُهُ بَيْعُهُ فَإِنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يُلْزِمَ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ، وَبَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ مَبِيعَهُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَلَا يَلْزَمُهُ دَفْعُ الثَّمَنِ بَلْ يَأْخُذُ حَقَّهُ بِلَا ثَمَنٍ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ إنَّمَا هُوَ إذَا أُكْرِهَ عَلَى دَفْعِ مَالٍ ظُلْمًا، فَبَاعَ مَتَاعَهُ لِذَلِكَ فَيُرَدُّ إلَيْهِ مَتَاعُهُ بِلَا ثَمَنٍ حَتَّى يَتَحَقَّقَ أَنَّ الْمَضْغُوطَ صَرَفَ الثَّمَنَ فِي مَصَالِحِهِ، وَأَمَّا إذَا أُكْرِهَ عَلَى الْبَيْعِ فَقَطْ، فَلَهُ إجَازَةُ الْبَيْعِ، وَرَدُّهُ فَإِنْ رَدَّ الْبَيْعَ رَدَّ الثَّمَنَ الَّذِي أَخَذَهُ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ عَلَى تَلَفِهِ قَالَهُ فِي كِتَابِ الْإِكْرَاهِ مِنْ النَّوَادِرِ، وَتَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ نَحْوُهُ
وَقَالَ: فِي الْبَيَانِ، وَسَوَاءٌ عَلِمَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ مَضْغُوطٌ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ قَالَ ذَلِكَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَبْسُوطِ عَنْ مَالِكٍ، وَسَوَاءٌ وَصَلَ الثَّمَنُ مِنْ الْمُبْتَاعِ إلَى الْمَضْغُوطِ فَدَفَعَهُ الْمَضْغُوطُ إلَى الظَّالِمِ أَوْ جَهِلَ هَلْ دَفَعَهُ إلَيْهِ أَوْ أَدْخَلَهُ فِي مَنَافِعِهِ؟ أَوْ كَانَ الظَّالِمُ هُوَ الَّذِي تَوَلَّى قَبْضَهُ مِنْ الْمُبْتَاعِ لِلْمَضْغُوطِ؟ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ أَنْ يَأْخُذَ مَالَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ مِمَّنْ اشْتَرَاهُ مِنْ الْمُشْتَرِي بِغَيْرِ ثَمَنٍ، وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي الثَّانِي عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْ الْمَضْغُوطِ، وَالْمُشْتَرِي مِنْ الْمَضْغُوطِ عَلَى الظَّالِمِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْبَائِعَ أَدْخَلَ الثَّمَنَ فِي مَنَافِعِهِ وَلَمْ يَدْفَعْهُ إلَى الظَّالِمِ، فَلَا يَكُونُ لَهُ إلَى ذَلِكَ سَبِيلٌ حَتَّى يَدْفَعَ الثَّمَنَ إلَى الْمُشْتَرِي قَالَ ذَلِكَ كُلَّهُ ابْنُ حَبِيبٍ فِي الْوَاضِحَةِ وَحَكَاهُ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغَ، وَذَهَبَ سَحْنُونٌ إلَى أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَضْغُوطُ هُوَ الْبَائِعُ الْقَابِضُ لِلثَّمَنِ، فَلَا سَبِيلَ لَهُ إلَى مَا بَاعَ إلَّا بَعْدَ غُرْمِ الثَّمَنِ وَحَكَاهُ عَنْ مَالِكٍ، وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ: بَيْعُهُ لَازِمٌ لَهُ غَيْرُ مَفْسُوخٍ عَنْهُ، وَهُوَ أَجِيرٌ يُؤْجَرُ بِهِ عَلَيْهِ، وَلُزُومُهُ إيَّاهُ؛ لِأَنَّهُ أَنْقَذَهُ مِمَّا كَانَ فِيهِ مِنْ الْعَذَابِ انْتَهَى مِنْ رَسْمِ سُنَّ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ السُّلْطَانِ وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَنَصُّهُ وَلَوْ بَاعَ مَتَاعَهُ فِي مَظْلِمَةٍ ثُمَّ لَا يَدْرِي هَلْ أَوْصَلَ الثَّمَنَ إلَى الظَّالِمِ أَمْ لَا نُظِرَ فَإِنْ كَانَ ظُلْمُهُ لَهُ، وَعَدَاؤُهُ عَلَيْهِ مَعْلُومًا حَتَّى بَاعَ مَتَاعَهُ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ وَصَلَ لِلظَّالِمِ حَتَّى يَتَحَقَّقَ أَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute