للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَزَيْتٍ تَنَجَّسَ)

ش: يَعْنِي إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مِنْ شُرُوطِهِ الطَّهَارَةُ فَيَجُوزُ بَيْعُ كُلِّ طَاهِرٍ حَاوٍ لِلشُّرُوطِ الْآتِيَةِ لَا غَيْرَ الطَّاهِرِ مِمَّا نَجَاسَتُهُ ذَاتِيَّةٌ كَزِبْلِ الدَّوَابِّ أَوْ كَالذَّاتِيَّةِ لِكَوْنِهِ لَا يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ كَالزَّيْتِ الْمُتَنَجِّسِ، وَذَكَرَ هَذَيْنِ لِكَوْنِهِمَا مُخْتَلَفًا فِيهِمَا فَيُعْلَمَ أَنَّ الْمَشْهُورَ فِيهِمَا الْمَنْعُ، وَلْيُنَبَّهْ عَلَى أَنَّ الْمَمْنُوعَ إنَّمَا هُوَ بَيْعُ النَّجِسِ الذَّاتِيِّ أَوْ الَّذِي كَالذَّاتِيِّ كَمَا تَقَدَّمَ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَذْهَبَ عَلَى أَنَّ الْأَعْيَانَ النَّجِسَةَ لَا يَصِحُّ بَيْعُهَا إلَّا أَنَّ فِي بَعْضِهَا خِلَافًا يَتَبَيَّنُ بِذِكْرِ آحَادِ الصُّوَرِ قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ وَقَالَ اللَّخْمِيّ: بَيْعُ النَّجَاسَةِ عَلَى وَجْهَيْنِ: مُحَرَّمٌ، وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ بِالْجَوَازِ، وَالْكَرَاهَةِ، وَالتَّحْرِيمِ وَاسْتِعْمَالُهَا عَلَى وَجْهَيْنِ: جَائِزٌ وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ كَذَلِكَ، وَأَكْلُ مَا اُسْتُعْمِلَ فِيهِ عَلَى، وَجْهَيْنِ: جَائِزٌ وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ فَبَيْعُ كُلِّ نَجَاسَةٍ لَا تَدْعُو الضَّرُورَةُ إلَى اسْتِعْمَالِهَا، وَلَا تَعُمُّ بِهَا الْبَلْوَى حَرَامٌ كَالْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ لَحْمِهَا، وَشَحْمِهَا، وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ، وَاخْتُلِفَ فِيمَا تَدْعُو الضَّرُورَةُ إلَى اسْتِعْمَالِهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ، وَذَكَرَ الْخِلَافَ، وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ النَّجَاسَةُ عَلَى قِسْمَيْنِ مُجْمَعٌ عَلَيْهَا، وَمُخْتَلَفٌ فِيهَا، وَكُلُّ وَاحِدٍ عَلَى قِسْمَيْنِ مَا تَدْعُو الضَّرُورَةُ إلَيْهِ، وَمَا لَا تَدْعُو الضَّرُورَةُ إلَيْهِ فَالْمُجْمَعُ عَلَيْهِ الَّذِي لَا تَدْعُو الضَّرُورَةُ إلَيْهِ لَا خِلَافَ فِي مَنْعِ بَيْعِهِ، وَالِانْتِفَاعِ بِهِ، وَاَلَّذِي تَدْعُو الضَّرُورَةُ إلَيْهِ مَجْمَعًا عَلَيْهِ كَانَ أَوْ مُخْتَلَفًا فِيهِ فَهَلْ يَجُوزُ بَيْعُهُ أَمْ لَا؟ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ انْتَهَى. وَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ ذِكْرُ الْأَقْوَالِ الَّتِي ذَكَرَهَا، وَالصُّوَرِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا هِيَ كُلُّ مَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ مَقْصُودَةٌ فَلِأَجْلِ مُرَاعَاةِ تِلْكَ الْمَنْفَعَةِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ إذْ قَدْ عُلِمَ أَنَّهُ إنَّمَا مُنِعَ بَيْعُ النَّجِسِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ أَصْلًا أَوْ فِيهِ مَنْفَعَةٌ مَنَعَ الشَّارِعُ مِنْهَا فَصَارَ وُجُودُهَا كَالْعَدَمِ؛ لِأَنَّ الْمَعْدُومَ شَرْعًا كَالْمَعْدُومِ حِسًّا فَمِنْ تِلْكَ الصُّوَرِ الزِّبْلُ.

وَدَخَلَ تَحْتَ الْكَافِ فِي قَوْلِهِ كَزِبْلٍ صُوَرٌ أُخَرُ نَجَاسَتُهَا ذَاتِيَّةٌ فِيهَا مَنْفَعَةٌ مِنْهَا الْعَذِرَةُ، وَمِنْهَا عِظَامُ الْمَيْتَةِ وَمِنْهَا جُلُودُ الْمَيْتَةِ، وَمِنْ الصُّوَرِ أَيْضًا الزَّيْتُ الْمُتَنَجِّسُ، وَكَافُ التَّشْبِيهِ مُقَدَّرَةٌ فِيهِ لِيَدْخُلَ فِيهِ كُلُّ مُتَنَجِّسٍ لَا يَقْبَلُ التَّطْهِيرَ كَالسَّمْنِ الْمُتَنَجِّسِ، وَالْعَسَلِ الْمُتَنَجِّسِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ أَمَّا الْعَذِرَةُ وَهِيَ رَجِيعُ بَنِي آدَمَ فَنَسَبَ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَابْنُ شَاسٍ لِلْمُدَوَّنَةِ الْمَنْعَ مِنْ بَيْعِهَا، وَاَلَّذِي فِي التَّهْذِيبِ الْكَرَاهَةُ قَالَ فِي الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ: كَرِهَ مَالِكٌ بَيْعَ الْعَذِرَةِ لِيُزَبَّلَ بِهَا الزَّرْعُ أَوْ غَيْرُهُ قِيلَ لِابْنِ الْقَاسِمِ فَمَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي زِبْلِ الدَّوَابِّ فَقَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ فِيهِ شَيْئًا إلَّا أَنَّهُ عِنْدَهُ نَجِسٌ، وَإِنَّمَا كَرِهَ الْعَذِرَةَ؛ لِأَنَّهَا نَجَسٌ، وَكَذَلِكَ الزِّبْلُ أَيْضًا وَأَنَا لَا أَرَى بِبَيْعِهِ بَأْسًا قَالَ أَشْهَبُ: وَالْمُبْتَاعُ فِي زِبْلِ الدَّوَابِّ أَعْذَرُ مِنْ الْبَائِعِ قَالَ: الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ فِي الْأُمَّهَاتِ قَالَ وَأَمَّا الرَّجِيعُ فَلَا خَيْرَ فِيهِ، وَوَقَعَ لَهُ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ الْمُشْتَرِي أَعْذَرُ مِنْ الْبَائِعِ فِي الرَّجِيعِ أَيْضًا وَيَعْنِي أَعْذَرَ: أَكْثَرَ اضْطِرَارًا، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا أَعْذَرَ اللَّهُ وَاحِدًا مِنْهُمَا، وَقَالَ قَبْلَهُ الشَّيْخُ، وَكَرَاهَةُ بَيْعِ الْعَذِرَةِ عَلَى بَابِهَا انْتَهَى.

وَكَذَلِكَ ظَاهِرُ اللَّخْمِيّ أَنَّ الْكَرَاهَةَ عَلَى بَابِهَا وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ: بَعْدَ ذِكْرِ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ الْمُتَقَدِّمِ فَانْظُرْ كَيْفَ عَبَّرَ بِالْكَرَاهَةِ فِي مَوْضِعَيْنِ نَعَمْ عَبَّرَ أَبُو عِمْرَانَ وَعِيَاضٌ عَنْ مَالِكٍ بِلَا يَجُوزُ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلْمُصَنِّفِ، وَلَعَلَّ الَّذِي حَمَلَهُمْ عَلَى ذَلِكَ التَّعْلِيلُ بِالنَّجَاسَةِ انْتَهَى.

وَكَذَلِكَ ابْنُ عَرَفَةَ نَسَبَ الْمَنْعَ لِلْمُدَوَّنَةِ وَيَأْتِي لَفْظُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فَهِمَهُ ابْنُ بَشِيرٍ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ، وَالْمَنْعُ مَذْهَبُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَنَقَلَ اللَّخْمِيّ كَلَامَهُ بِلَفْظِ مَا عَذَرَ اللَّهُ وَاحِدًا مِنْهُمَا، وَأَمْرُهُمَا فِي الْإِثْمِ سَوَاءٌ انْتَهَى.

كَذَا نَقَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ مَا أَعْذَرَ اللَّهُ بِالْأَلِفِ مِنْ بَابِ أَكْرَمَ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ أَيْ مَا قَبِلَ اللَّهُ الْعُذْرَ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَنَقَلَ اللَّخْمِيّ أَيْضًا كَلَامَ أَشْهَبَ بِلَفْظِ، وَقَالَ أَشْهَبُ: فِي الزِّبْلِ، وَالْمُشْتَرِي فِيهِ أَعْذَرُ مِنْ الْبَائِعِ، وَأَمَّا الْعَذِرَةُ فَلَا خَيْرَ فِيهَا، وَقَالَ: فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ فِي الْعَذِرَةِ بَيْعُهَا لِلِاضْطِرَارِ وَالْعُذْرِ جَائِزٌ، وَالْمُشْتَرِي أَعْذَرُهُمَا انْتَهَى فَقَوْلُ أَشْهَبَ هَذَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الِاضْطِرَارِ، وَغَيْرِهِ، وَهَذَا عَلَى أَنَّ فَاعِلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>