ص (وَجُزَافٌ)
ش: لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ مِنْ شَرْطِ الْمَبِيعِ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا خَشِيَ أَنْ يُتَوَهَّمَ مَنْعُ بَيْعِ الْجُزَافِ فَنَبَّهَ عَلَى أَنَّ حُكْمَهُ الْجَوَازُ بِشُرُوطٍ، وَالْمَعْنَى وَجَازَ بَيْعُ الْجُزَافِ بِشُرُوطِهِ الْآتِيَةِ، وَالْجُزَافُ بِكَسْرِ الْجِيمِ كَمَا قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْأَئِمَّة، وَحَصَّلَ النَّوَوِيُّ فِيهِ ثَلَاثَ لُغَاتٍ الْكَسْرُ، وَالْفَتْحُ، وَالضَّمُّ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وَقَالَ فِي الْمُحْكَمِ الْجُزَافُ: بَيْعُ الشَّيْءِ وَاشْتِرَاؤُهُ بِلَا كَيْلٍ وَلَا وَزْنٍ، وَهُوَ يَرْجِعُ إلَى الْمُسَاهَلَةِ وَهُوَ دَخِيلٌ، وَقَالَ فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ: الْجُزَافُ مُثَلَّثُ الْجِيمِ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وَهُوَ بَيْعُ الشَّيْءِ بِلَا كَيْلٍ، وَلَا وَزْنٍ، وَلَا عَدَدٍ انْتَهَى.
وَحَدَّ ابْنُ عَرَفَةَ بَيْعَ الْجُزَافِ بِأَنَّهُ بَيْعُ مَا يُمْكِنُ عِلْمُ قَدْرِهِ دُونَ أَنْ يُعْلَمَ، وَالْأَصْلُ مَنْعُهُ وَخَفَّفَ فِيمَا شَقَّ عِلْمُهُ، وَقَلَّ جَهْلُهُ
ص (إنْ رُئِيَ)
ش: مُرَادُهُمْ بِالْمَرْئِيِّ الْحَاضِرُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَغَيْرِهِ فِي شُرُوطِ الْجُزَافِ أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ مَرْئِيًّا فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ غَائِبٍ جُزَافًا، وَنَصُّ كَلَامِهِ فِي التَّوْضِيحِ ذَكَرَ عُلَمَاؤُنَا لِبَيْعِ الْجُزَافِ شُرُوطًا أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ مَرْئِيًّا فَلَا يَجُوزُ بَيْعِ غَائِبٍ جُزَافًا إذْ لَا يُمْكِنُ حَزْرُهُ انْتَهَى.
وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ رُؤْيَتُهُ أَوْ رُؤْيَةُ بَعْضِهِ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ إنَّمَا يُبَاعُ عَلَى رُؤْيَةٍ أَوْ عَلَى صِفَةٍ، وَالْحَاضِرُ لَا يُكْتَفَى فِيهِ بِالصِّفَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا سَيَأْتِي إلَّا لِعُسْرِ الرُّؤْيَةِ فَيَجُوزُ بَيْعُ الظُّرُوفِ الْمَمْلُوءَةِ بِالسَّمْنِ، وَالْعَسَلِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ إذَا رُئِيَ بَعْضُ ذَلِكَ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: وَيَسْتَوِي فِي صِحَّةِ بَيْعِ الْمُشْتَرَى جُزَافًا كَوْنُهُ مُلْقًى فِي الْأَرْضِ أَوْ فِي ظُرُوفِهِ فَيَجُوزُ شِرَاءُ مَا فِي الظُّرُوفِ جُزَافًا، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ مَبْلَغُهُ إلَّا بِالْحَدْسِ، وَالتَّخْمِينِ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَلَا يَجُوزُ شِرَاءُ مِلْءِ الظَّرْفِ الْفَارِغِ، وَإِنْ عَيَّنَ مَا يَمْلَأُ مِنْهُ أَوْ وَصَفَهُ، وَلَا يَجُوزُ شِرَاءُ مِلْءِ الْغِرَارَةِ الْفَارِغَةِ مِنْ قَمْحٍ أَوْ غَيْرِهِ مُشَاهَدًا كَانَ أَوْ مَوْصُوفًا أَوْ مِلْءِ قَارُورَةٍ مِنْ زَيْتٍ أَوْ غَيْرِهِ مُشَاهَدًا كَانَ أَوْ مَوْصُوفًا بَلْ لَوْ اشْتَرَى مَا فِي الظَّرْفِ فَفَرَّغَهُ لَمْ يَصِحَّ أَنْ يَشْتَرِيَ مِلْأَهُ دَفْعَةً أُخْرَى، وَإِنَّمَا يَصِحُّ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ مَا فِي الظَّرْفِ بَعْدَ أَنْ يَمْلَأَهَا، وَوَجْهُ هَذَا أَنَّ الْمَقْصُودَ تَعْيِينُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَإِذَا كَانَ الظَّرْفُ مَمْلُوءًا صَارَ الْمَبِيعُ جُزَافًا مَرْئِيًّا فَالْقَصْدُ الْعَقْدُ عَلَى مَرْئِيٍّ مُحْرِزٍ مَبْلَغَهُ، وَإِنْ كَانَ الظَّرْفُ فَارِغًا فَالْمَبِيعُ غَيْرُ مَرْئِيٍّ، وَالْقَصْدُ الْعَقْدُ عَلَى مَكِيلٍ بِمِكْيَالٍ غَيْرِ مَعْلُومِ النِّسْبَةِ مِنْ الْمِكْيَالِ الْمَعْلُومِ انْتَهَى. فَظَاهِرُ هَذَا أَوْ صَرِيحُهُ أَنَّهُمْ إنَّمَا احْتَرَزُوا بِالْمَرْئِيِّ مِنْ الْغَائِبِ، وَلَمْ يَحْتَرِزُوا بِهِ مِنْ غَيْرِ الْمَرْئِيِّ بِالْعَيْنِ، وَلَوْ كَانَ حَاضِرًا فِي ظَرْفِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ فَقَدْ أَجَازُوا بَيْعَ الْجَرَّةِ مِنْ الْخَلِّ مَخْتُومَةً قَالَ الْجُزُولِيُّ: إذَا أُزِيلَ مَا تُسَدُّ بِهِ فَإِنْ كَانَ فِي فَتْحِ الظُّرُوفِ مَشَقَّةٌ وَفَسَادٌ، فَيَجُوزُ بَيْعُهُ دُونَ فَتْحٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ سَمَاعِ أَصْبَغَ مِنْ جَامِعِ الْبُيُوعِ فِي بَيْعِ جِرَارِ الْخَلِّ.
وَإِنَّمَا قَالُوا إذَا كَانَ فِي فَتْحِهَا فَسَادٌ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ لَا يُبَاعُ إلَّا بِرُؤْيَةٍ أَوْ صِفَةٍ وَالصِّفَةُ لَا يُبَاعُ عَلَيْهَا الشَّيْءُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute