مَا يَعْرِضُ لَهُ مِنْ التَّجْفِيفِ فَيَجْعَلُونَ لِذَلِكَ، وَزْنًا مَعْلُومًا، وَكَذَا إذَا بَاعُوا اللَّكَّ قَبْلَ التَّصْفِيَةِ، وَنَحْوَهُ مِنْ الْعِطْرِيَّاتِ، وَيَطْرَحُونَ لِمَا فِيهِ مِنْ الدَّغَلِ، وَزْنًا مَعْلُومًا لِكُلِّ رَطْلٍ أَوْ قِنْطَارٍ فَإِنَّ هَذَا وَشِبْهَهُ جَائِزٌ إذَا شَهِدَتْ الْعَادَةُ أَنَّهُ لَا يَخْتَلُّ إلَّا يَسِيرًا فِي، وَزْنِهِ بِأَنَّهُ مِنْ الْغَرَرِ الْيَسِيرِ الْمُضَافِ إلَى الْبُيُوعِ فَإِنَّهُ مُغْتَفَرٌ اللَّخْمِيّ، وَأَجَازَ مَالِكٌ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ بَيْعَ الزَّيْتِ وَالسَّمْنِ فِي الزِّقَاقِ عَلَى أَنَّ الزِّقَاقِ دَاخِلَةٌ فِي الْبَيْعِ، وَالْوَزْنِ قَالَ: لِأَنَّ النَّاسَ قَدْ عَرَفُوا وَزْنَهَا، وَقَالَ فِي الْقِلَالِ لَوْ أَعْلَمُ أَنَّهَا فِي التَّقَارُبِ مِثْلُ الزِّقَاقِ مَا رَأَيْتُ بَأْسًا قَالَ الشَّيْخُ: أَمْرُ الْقِلَالِ وَاحِدٌ، وَالزِّقَاقُ تَخْتَلِفُ فَزِقُّ الْفَحْلِ أَكْثَفُ، وَأَوْزَنُ، وَالْخَصِيُّ دُونَهُ، وَهُوَ أَكْثَفُ مِنْ زِقِّ الْأُنْثَى قُلْت: وَمِنْهُمْ مَنْ عَكَسَ، وَالصَّوَابُ فِي هَذَا مَا أَشَارَ إلَيْهِ عِزُّ الدِّينِ أَنْ يُنْظَرَ إلَى غِلَظِ الزِّقِّ، وَرِقَّتِهِ فَيُرْجَعُ الْحُكْمُ فِيهِ إلَى خِلَافٍ فِي شَهَادَةٍ ا. هـ. وَقَالَ أَيْضًا فِي آخِرِ مَسَائِلِ الْبُيُوعِ: سُئِلَ عِزُّ الدِّينِ عَمَّنْ يَشْتَرِي الزَّيْتَ فِي ظُرُوفِهِ، وَيَزِنُ الظَّرْفَ مَعَ الزَّيْتِ، وَيُسْقِطُ لِلظَّرْفِ وَزْنًا يَتَّفِقُ عَلَيْهِ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي، وَقَدْ يَكُونُ فِي الْغَالِبِ أَقَلُّ مِنْ وَزْنِ الظَّرْفِ أَوْ أَوْزَنَ، وَالْبَائِعُ يُسَامِحُ الْمُشْتَرِي فِيمَا يَزِيدُ عَلَى تَحْقِيقِ، وَزْنِهِ هَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ وَإِذَا اشْتَرَى الظَّرْفَ بِمَا فِيهِ قَائِمًا جُزَافًا، وَلَا يَعْلَمُ وَزْنَ الظَّرْفِ، وَلَا مَا فِيهِ فَهَلْ يَصِحُّ أَوْ لَا؟ الْجَوَابُ إذَا كَانَ الظَّرْفُ مُتَنَاسِبًا، وَرَأَى الزَّيْتَ مِنْ أَعْلَاهُ، وَرَأَى أُنْمُوذَجَهُ، وَعَقَدَ الْبَيْعَ بِالثَّمَنِ الَّذِي اتَّفَقَا عَلَيْهِ بَعْدَ إسْقَاطِ مَا يُقَابِلُ الظَّرْفَ صَحَّ الْبَيْعُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ، وَزْنَ الظَّرْفِ.
قُلْت: سَأَلْت عَنْهُ شَيْخَنَا الْإِمَامَ وَقُلْتُ إنَّ الْعَادَةَ الْجَارِيَةَ فِي بَيْعِ الْعَسَلِ، وَالزَّيْتِ، وَالتَّمْرِ أَنْ يَقْطَعُوهُ بِوَزْنٍ مَعْلُومٍ فَأَجَابَ إنْ كَانَا عَالِمَيْنِ جَازَ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ أَنَّهَا مِثْلُ الْقَطْعِ أَوْ أَقَلُّ فَيَجُوزُ، وَتَكُونُ تِلْكَ الزِّيَادَةُ لِلْبَائِعِ، وَأَمَّا بَيْعُهُ بِظُرُوفِهِ عَلَى الْوَزْنِ فَذَكَرَ اللَّخْمِيُّ فِيهِ خِلَافًا سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ فَخَّارٍ أَوْ زِقٍّ، وَكَانَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ يَقُولُ: هَذِهِ الْمَسَائِلُ هِيَ كَبَيْعِ الْجُزَافِ لِأَنَّ الْبَاقِيَ بَعْدَ الْقَطْعِ لَا يَتَحَقَّقُ وَزْنُهُ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ عِزِّ الدِّينِ فِي كَلَامِهِ مِنْ مَعْرِفَةِ جَرْمِ الظَّرْفِ اهـ. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ الْعِتْقِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الْمُرَابَحَةِ: وَلَوْ اشْتَرَى السَّمْنَ وَالزَّيْتَ، وَظُرُوفُهُ مَعَهُ فِي الْوَزْنِ جَازَ ذَلِكَ فِي الزِّقَاقِ، وَلَمْ يَجُزْ فِي الْجِرَارِ؛ لِأَنَّهَا تَخْتَلِفُ فِي الرِّقَّةِ وَالثَّخَانَةِ اخْتِلَافًا مُتَبَايِنًا قَالَهُ فِي رَسْمِ بَاعَ غُلَامًا مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْبُيُوعِ، وَمَا ذَكَرَهُ اللَّخْمِيُّ عَنْ كِتَابِ مُحَمَّدٍ نَحْوُهُ فِي رَسْمِ بَاعَ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ وَنَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْغَرَرِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنُ يُونُسَ، وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ التُّونُسِيُّ: وَبَيْعُ السَّمْنِ فِي ظُرُوفِهِ عَلَى الْوَزْنِ جَائِزٌ، وَإِنْ بَقَّى تَعْبِيرَ الظُّرُوفِ، وَيَجُوزُ لِمُشْتَرِيهِ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّ ضَمَانَهُ مِنْهُ، وَإِنَّمَا بَقِيَ اخْتِبَارُ الظَّرْفِ فَقَطْ، وَهُوَ كَالْمَقْبُوضِ، وَلَوْ بَاعَهُ عَلَى أَنَّ الظُّرُوفَ دَاخِلَةٌ فِي الْبَيْعِ عَلَى الْوَزْنِ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ الْقِنْطَارُ مِنْهُ بِظُرُوفِهِ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ جَازَ ذَلِكَ لِمَعْرِفَةِ النَّاسِ بِتَقْدِيرِ الظُّرُوفِ وَيُكْرَهُ هَذَا فِي الْفَخَّارِ فِي الرِّقَّةِ وَالثَّخَانَةِ، وَتَقَارُبِ أَمْرِ الظُّرُوفِ ا. هـ. قُلْت وَمِثْلُهُ الْيَوْمَ بِمَكَّةَ بَيْعُ مَاءِ الْوَرْدِ فِي الصَّفَّارِي عَلَى أَنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي الْوَزْنِ وَالْبَيْعُ كُلُّ مَنْ بِظَرْفِهِ بِكَذَا، وَكَذَا فَإِنْ كَانَ التَّفَاوُتُ بَيْنَهُمَا كَثِيرًا لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ كَانَ مُتَقَارِبًا جَازَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (إلَّا فِي كَسَلَّةِ تِينٍ)
ش: وَفَرَّقَ بَيْنَ السَّلَّةِ فِي التِّينِ وَالْعِنَبِ، وَنَحْوِهِ، وَبَيْنَ الْغِرَارَةِ مِنْ الْقَمْحِ، وَنَحْوِهِ بِأَنَّ الْقَمْحَ لَهُ مَكَايِيلُ مَعْرُوفَةٌ كَالْإِرْدَبِّ وَالْقَفِيزِ.
وَأَمَّا التِّينُ، وَالْعِنَبُ فَلَا مِكْيَالَ لَهُ، وَلَكِنْ كَثْرَةُ تَقْدِيرِ النَّاسِ لَهُ بِالسِّلَالِ يَجْرِي مَجْرَى الْمِكْيَالِ فَصَارَتْ كَالْمِكْيَالِ لِذَلِكَ وَعَلَى هَذَا فَشِرَاءُ قِرْبَةِ مَاءٍ أَوْ رَاوِيَةٍ أَوْ جَرَّةٍ مِمَّا جَرَى الْعُرْفُ بِبَيْعِ الْمَاءِ بِهِ أَحْرَى لِكَوْنِهِ لَا كَيْلَ لَهُ إلَّا ذَلِكَ، وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ إنْ خَرَجَتْ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ جَامِعِ الْبُيُوعِ فَإِنْ بِيعَ حِمْلُ الْمَاءِ، وَنَحْوُهُ مِنْ بَابِ بَيْعِ الْجُزَافِ، وَسَيَأْتِي كَلَامُهُ فِي ذَلِكَ، وَحُكْمُ مَا إذَا انْشَقَّ الْحِمْلُ بَعْدَ شِرَائِهِ فِي فَصْلِ الْخِيَارِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَاسْتَمَرَّ بِمِعْيَارِهِ، وَانْظُرْ هَلْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute