للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ الدِّينَارِ عِنْدَ الْأَجَلِ فِي حَالِ الصَّرْفِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ: لَمْ أُحِبَّ فِي الْأُمَّهَاتِ لَا خَيْرَ فِيهِ فَظَاهِرُهُ أَنَّ ذَلِكَ مَعَ التَّأْخِيرِ حَرَامٌ وَقَوْلُهُ: إلَّا زَحْفًا، أَيْ اسْتِثْقَالًا وَكَرَاهَةً، وَقَوْلُهُ: وَلَا يَنْبَغِي التَّأْخِيرُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ يَعْنِي لَا يَجُوزُ يَدُلُّ عَلَيْهِ تَعْلِيلُهُ بِالْغَرَرِ (الثَّانِي) لَوْ تَعَدَّدَتْ الدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ عَلَى حَالِهَا، كَمَا لَوْ اشْتَرَى سِلْعَةً بِدِينَارَيْنِ إلَّا دِرْهَمَيْنِ أَوْ بِثَلَاثَةِ دَنَانِيرَ أَوْ أَرْبَعَةِ دَنَانِيرَ إلَّا دِرْهَمَيْنِ فَالْحُكْمُ، كَمَا تَقَدَّمَ فَإِنْ تَأَجَّلَتْ الدَّنَانِيرُ وَالدِّرْهَمَانِ جَازَ وَأَمَّا لَوْ تَعَجَّلَ دِينَارًا أَوْ دِينَارَيْنِ وَتَأَخَّرَ دِينَارٌ مَعَ الدِّرْهَمَيْنِ لَمْ يَجُزْ، قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ ابْتَعْتَ سِلْعَةً بِخَمْسَةِ دَنَانِيرَ إلَّا دِرْهَمًا أَوْ دِرْهَمَيْنِ فَنَقَدْتُهُ أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ وَتَأَخَّرَ الدِّينَارُ الْبَاقِي وَالدِّرْهَمُ أَوْ نَقَدْتُهُ وَأَخَذْت الدِّرْهَمَ، وَأَخَّرْت الْأَرْبَعَةَ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ إذْ لِلدِّرْهَمِ فِي كُلِّ دِينَارٍ حِصَّةٌ

ص (أَوْ السِّلْعَةُ)

ش: هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافَ قَوْلِ أَشْهَبَ فِيهَا وَأَطْلَقَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْمَنْعَ كَظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ، وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ قِيلَ: وَالْمَشْهُورُ فِيمَا إذَا تَأَجَّلَتْ السِّلْعَةُ وَقَيَّدَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ بِمَا عَدَا التَّأْخِيرَ الْيَسِيرَ قَالَ: أَنْ لَا يَتَأَخَّرَ الثَّوْبُ بِمِثْلِ خِيَاطَتِهِ أَوْ يَبْعَثَ فِي أَخْذِهِ، وَهُوَ بِعَيْنِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ.

ص (بِخِلَافِ تَأْجِيلِهِمَا)

ش: تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ جَوَازُ ذَلِكَ.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) اُخْتُلِفَ فِيمَا يُقْضَى بِهِ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ فَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَفِيهَا وَيُقْضَى بِمَا سَمَّيَا وَقِيلَ: بِدَرَاهِمَ وَيَتَقَاصَّانِ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ اُخْتُلِفَ فِيمَا يَقَعُ بِهِ الْقَضَاءُ، فَحَكَى عَنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْبَائِعَ يُعْطِي الدِّرْهَمَ أَوْ الدِّرْهَمَيْنِ وَيَأْخُذُ الدِّينَارَ، وَلَيْسَ مَا نَسَبَهُ لِلْمُدَوَّنَةِ صَرِيحًا فِيهَا، بَلْ هُوَ ظَاهِرُهَا عِنْدَ الْأَكْثَرِ، وَصَرَّحَ الْمَازِرِيُّ بِمَشْهُورِيَّتِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ فَهِمَهَا عَلَى مَعْنَى الْقَوْلِ الثَّانِي، وَهُوَ أَنَّ الْبَائِعَ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ إنَّمَا يَأْخُذُ صَرْفَ دِينَارٍ يَنْقُصُ دِرْهَمًا أَوْ دِرْهَمَيْنِ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْمَازِرِيُّ إنْ كَانَ الدِّرْهَمُ وَالدِّينَارُ مَنْقُودَيْنِ فَالْمَشْهُورُ دَفْعُ الْبَائِعِ الدِّرْهَمَ مَعَ الثَّوْبِ، وَإِنْ كَانَا مُؤَجَّلَيْنِ فَذَكَرَ الْقَوْلَيْنِ.

(الثَّانِي) لَا بُدَّ مِنْ اتِّحَادِ أَجَلِ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ كَمَا تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي نَصِّ الْمُدَوَّنَةِ.

(الثَّالِثُ) إذَا وُجِدَ فِي الدِّرْهَمَيْنِ عَيْبٌ فَهَلْ يَجُوزُ الْبَدَلُ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ نَقْضِ الصَّفْقَةِ تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ صَاحِبِ الطِّرَازِ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ، وَنَقَلَهُمَا اللَّخْمِيّ وَابْنُ عَرَفَةَ قَدَّمَ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الصَّرْفِ إجَازَةَ الْبَدَلِ، وَفِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ مِيلٌ لِتَرْجِيحِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الرَّابِعُ) إنْ قِيلَ إذَا مُنِعَتْ الْمَسْأَلَةُ مَعَ تَأْجِيلِ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُمْنَعَ مَعَ تَأْجِيلهِمَا مِنْ بَابِ أَوْلَى فَالْجَوَابُ أَنَّ الِاعْتِنَاءَ بِالتَّقْدِيمِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ الْمَقْصُودُ عِنْدَ الْمُتَبَايِعَيْنِ فَإِذَا تَقَدَّمَتْ السِّلْعَةُ وَتَأَخَّرَ النَّقْدَانِ دَلَّ تَقْدِيمُهُمَا عَلَى أَنَّ الْبَيْعَ هُوَ الْمَقْصُودُ بِخِلَافِ مَا إذَا تَقَدَّمَ أَحَدُهُمَا فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّرْفَ مَقْصُودٌ، وَلَمْ يَحْصُلْ شَرْطُهُ، وَهُوَ الْمُنَاجَزَةُ، قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ.

(فَرْعٌ) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِذَا ابْتَعْتَ سِلْعَةً بِنِصْفِ دِينَارٍ أَوْ ثُلُثٍ أَوْ رُبْعٍ وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى الذَّهَبِ وَتَدْفَعُ إلَيْهِ مَا تَرَاضَيْتُمَا فَإِنْ تَشَاحَحْتُمَا قُضِيَ عَلَيْكَ فِي جُزْءِ الدِّينَارِ بِدَرَاهِمَ بِصَرْفِ يَوْمِ الْقَضَاءِ لَا يَوْمِ التَّبَايُعِ، وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: وَإِذَا بَاعَ سِلْعَةً بِنِصْفِ دِينَارٍ أَوْ بِدِينَارٍ فَوَهَبَ لَهُ نِصْفَهُ لَمْ يُحْكَمْ عَلَى الْغَرِيمِ فِيهِ إلَّا بِدَرَاهِمَ بِصَرْفِ يَوْمِ الْقَضَاءِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْغَرِيمُ أَنْ يَأْتِيَ بِدِينَارٍ فَيَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ فِيهِ فَلَا يَكُونُ لِلطَّالِبِ فِي ذَلِكَ مَقَالٌ؛ لِأَنَّ دَفْعَ الدَّرَاهِمِ مِنْ حَقِّ الْغَرِيمِ لَا عَلَيْهِ.

(فَرْعٌ) فَلَوْ بَاعَهُ سِلْعَةً بِنِصْفِ دِينَارٍ فَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى بَاعَهُ سِلْعَةً أُخْرَى بِنِصْفِ دِينَارٍ لَحُكِمَ لِلطَّالِبِ بِدِينَارٍ صَحِيحٍ، قَالَهُ فِي رَسْمِ تَأْخِيرِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الصَّرْفِ، وَنَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ، وَهَذَا، كَمَا قَالَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا قَضَى لِمَنْ وَجَبَ لَهُ نِصْفُ دِينَارٍ يَصْرِفُهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الدِّينَارَ الْقَائِمَ لَا يَنْقَسِمُ فَإِذَا وَجَبَ لَهُ نِصْفَانِ أَعْطَاهُ دِينَارًا قَائِمًا، كَمَا ثَبَتَ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَقْطَعَهُ عَلَيْهِ لِيُعْطِيَهُ دَرَاهِمَ إذَا كَانَ مُوسِرًا وَلَوْ كَانَ مُعْسِرًا وَأَتَاهُ بِنِصْفِ دِينَارٍ لَجُبِرَ عَلَى أَنْ يَأْخُذَهُ وَيُتْبِعَهُ بِالنِّصْفِ الْآخَرِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَقُولَ

<<  <  ج: ص:  >  >>