للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَزْنِ وَكَانَ الْآخَرُ أَرْدَأَ فِي الْجَوْهَرِيَّةِ إلَّا أَنَّهُ أَوْزَنُ فَإِنَّ الْمُبَادَلَةَ مُمْتَنِعَةٌ لِدَوَرَانِ الْفَضْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَدَخَلَتْهَا الْمُكَايَسَةُ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهَا إنَّمَا تَجُوزُ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ أَجْوَدُ سِكَّةً هَكَذَا فِي النُّسَخِ الَّتِي وَقَفْنَا عَلَيْهَا وَالظَّاهِرُ فِيهَا أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: أَوْ أَجْوَدَ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ: وَالْأَجْوَدُ، وَالْمَعْنَى أَوْ الْأَجْوَدُ سِكَّةً أَنْقَصُ مِنْ الْأَرْدَأِ سِكَّةً فَإِنَّهُ يُمْتَنَعُ لِدَوَرَانِ الْفَضْلِ، وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ ابْنُ غَازِيٍّ عَلَى النُّسْخَةِ الَّتِي فِيهَا أَوْ الْأَوْزَنُ أَجْوَدُ سِكَّةً فَلَمْ نَرَهُ فِي النُّسَخِ الَّتِي عِنْدَنَا، وَكَأَنَّهُ إصْلَاحٌ أَرَادَ بِهِ صَاحِبُهُ التَّنْبِيهَ عَلَى مَسْأَلَةِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَرَبِيعَةَ وَقَدْ اسْتَوْفَى ابْنُ غَازِيٍّ الْكَلَامَ عَلَيْهَا

ص (وَمَغْشُوشٌ بِمِثْلِهِ)

ش: ظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ يَتَسَاوَ غِشُّهُمَا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِ وَلَمْ يَلْتَفِتْ الْمُصَنِّفُ إلَى قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ: وَلَعَلَّ ذَلِكَ مَعَ تَسَاوِي الْغِشِّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْزِمْ بِهِ وَلِعُسْرِ تَحَقُّقِ تَسَاوِي ذَلِكَ وَلِأَنَّهُمْ جَعَلُوا ذَلِكَ كَالْعَدَمِ، وَلِذَا أَجَازُوا مُرَاطَلَةَ الْمَغْشُوشِ بِالْخَالِصِ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ صَاحِبِ الشَّامِلِ: وَقُيِّدَ إنْ تَسَاوَى الْغِشُّ وَإِلَّا فَلَا، غَيْرُ ظَاهِرٍ.

ص (وَبِخَالِصٍ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ)

ش: يَعْنِي وَيَجُوزُ مُرَاطَلَةُ الْمَغْشُوشِ بِالْخَالِصِ عَلَى الْقَوْلِ الرَّاجِحِ الْمَأْخُوذِ مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَجَعَلَ صَاحِبُ الشَّامِلِ الْأَوَّلَ هُوَ الْمَذْهَبُ، قَالَ: وَصَحَّحَ مَنْعَهُ بِخَالِصٍ، وَالْمَذْهَبُ جَوَازُهُ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: هُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ مُحْرِزٍ.

(تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْخِلَافَ وَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا عَلِمْت أَنَّهُمْ إنَّمَا تَكَلَّمُوا فِي الْمَغْشُوشِ الَّذِي لَا يَجْرِي بَيْنَ النَّاسِ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ جَوَازُ بَيْعِ الْمَغْشُوشِ بِصِنْفِهِ الْخَالِصِ إذَا كَانَ يَجْرِي بَيْنَ النَّاسِ، كَمَا بِمِصْرَ عِنْدَنَا انْتَهَى. وَبِذَلِكَ جَزَمَ فِي الشَّامِلِ فَقَالَ بَعْدَ كَلَامِهِ السَّابِقِ: أَمَّا مَغْشُوشٌ يَتَعَامَلُ بِهِ فَيُبَاعُ بِنِصْفِهِ وَزْنًا انْتَهَى.

(قُلْت) فَظَاهِرُ كَلَامِهِمَا أَنَّهُ يَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ، وَظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ دُخُولُ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ، وَنَصَّهُ فِي أَوَاخِرِ الْمُرَاطَلَةِ ابْنُ رُشْدٍ فِي كَوْنِ الدَّنَانِيرِ الْمَشُوبَةِ بِفِضَّةٍ أَوْ نُحَاسٍ، وَالدَّرَاهِمِ الْمَشُوبَةِ بِهِ يُعْتَبَرُ وَزْنُ كُلِّهَا بِمَا فِيهَا كَوَزْنٍ خَالِصٍ وَاعْتِبَارُ قَدْرِ الْخَالِصِ فِيهَا فَقَطْ فِي الْمُرَاطَلَةِ وَالنِّكَاحِ وَالزَّكَاةِ وَالسَّرِقَةِ قَوْلَانِ لِلشُّيُوخِ اهـ. ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ ابْنَ مُحْرِزٍ اخْتَارَ الْجَوَازَ، وَهُوَ الظَّاهِرُ الْجَارِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الزَّكَاةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (لِمَنْ يَكْسِرُهُ أَوْ لَا يَغُشُّ وَكُرِهَ لِمَنْ لَا يُؤْمَنُ وَفُسِخَ مِمَّنْ يَغُشُّ)

ش: قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ كَذَا هُوَ بِوَاوِ الْعَطْفِ فِي أَوَّلِهِ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِي بَيْعٍ أَوْ فِي صَرْفٍ أَوْ مُرَاطَلَةٍ اهـ.

(قُلْت) كَأَنَّهُ وَقَعَ فِي نُسْخَتِهِ كَذَلِكَ وَالْمَوْجُودُ فِي النُّسَخِ بِغَيْرِ وَاوٍ، وَهُوَ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ سِيَاقُ الْكَلَامِ فِي الْمُرَاطَلَةِ فَحُكْمُ الْبَيْعِ بِهَا وَصَرْفُهَا يُسْتَفَادُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ إنَّمَا هِيَ خَوْفُ الْغِشِّ بِهَا فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَجَعَلَ الْمُصَنِّفُ الْمَسْأَلَةَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ الْأَوَّلُ أَنْ يَبِيعَ الْمَغْشُوشَ أَوْ يَصْرِفَهُ أَوْ يُرَاطِلَ بِهِ مِنْ يَكْسِرُهُ فَهَذَا جَائِزٌ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: بِاتِّفَاقٍ لَكِنْ قَيَّدَ ابْنُ الْحَاجِبِ ذَلِكَ بِمَا إذَا أُمِنَ أَنْ يَغُشَّ بِهِ مَعَ كَسْرِهِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَإِنْ لَمْ يُؤْمَنْ ذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ سَبْكِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَأَصْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ فِيهَا: وَإِذَا قَطَعَهُ جَازَ بَيْعُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ يَغُرُّ بِهِ النَّاسَ وَلَمْ يَكُنْ يَجُوزُ بَيْنَهُمْ اهـ. فَالْمَدَارُ عَلَى انْتِفَاءِ الْغِشِّ بِهِ، وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بَعْدَ هَذَا الْكَلَامِ قَالَ أَشْهَبُ إذَا كَسَرَ السَّتُّوقَ جَازَ بَيْعُهُ إنْ لَمْ يَخَفْ أَنْ يُسْبَكَ فَيُجْعَلُ دَرَاهِمَ أَوْ يُسْبَكُ فَيُبَاعُ عَلَى وَجْهِ الْفِضَّةِ فَإِنْ خَافَ ذَلِكَ فَلْيَصُنْهُ حَتَّى تُبَاعَ فِضَّتُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>