للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِيسَى بْنُ دِينَارٍ: يُفْسَخُ فَإِنْ فَاتَتْ مَضَتْ بِالْقِيمَةِ اهـ. وَنَحْوُهُ فِي الشَّامِلِ وَنَصُّهُ وَفُسِخَ إلَّا أَنْ يَفُوتَ فَبِالْقِيمَةِ اهـ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَكَتَفْرِيقِ أُمٍّ مِنْ وَلَدِهَا فَقَطْ) ش أَيْ وَمِنْ الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا الْبَيْعُ الَّذِي يُفَرَّقُ بِهِ بَيْنَ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا وَالْأَصْلُ فِيهِ مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْوَالِدَةِ وَوَلَدِهَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» قَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ بِلَفْظِ «مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ بِلَفْظِ «مَنْ فَرَّقَ فَلَيْسَ مِنَّا» وَقَالَ اللَّخْمِيّ: قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تُوَلَّهُ وَالِدَةٌ عَنْ وَلَدِهَا» وَقَوْلُهُ تُوَلَّهُ بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الْوَاوِ وَاللَّامِ الْمُشَدَّدَةِ وَيَجُوزُ فِي الْهَاءِ الْإِسْكَانُ عَلَى أَنَّهُ نَهْيٌ وَالرَّفْعُ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ مَعْنَاهُ النَّهْيُ وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ وَالْوَلَهُ ذَهَابُ الْعَقْلِ وَالتَّحَيُّرُ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ وَيُقَالُ رَجُلٌ وَالِهٌ وَامْرَأَةٌ وَالِهَةٌ وَوَالِهٌ بِإِثْبَاتِ الْهَاءِ وَحَذْفِهَا وَيُقَالُ وَلَهَ بِفَتْحِ اللَّامِ يَلِهُ بِكَسْرِهَا وَوَلِهَ بِكَسْرِ اللَّامِ يُولَهُ بِفَتْحِهَا لُغَتَانِ فَصِيحَتَانِ وَمَعْنَى الْحَدِيثُ النَّهْيُ عَنْ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَوَلَدِهَا فَتُجْعَلُ وَالِهَةً قَالَهُ جَمِيعَهُ فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ عَنْ صَاحِبِ الْإِشْرَافِ بَعْدَ ذِكْرِ هَذَا الْحَدِيثِ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى الْقَوْلِ بِهَذَا الْخَبَرِ إذَا كَانَ الْوَلَدُ طِفْلًا لَمْ يَبْلُغْ سَبْعَ سِنِينَ وَاخْتَلَفُوا فِي وَقْتِ التَّفْرِقَةِ. (فَرْعٌ) وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِ الْأُمِّ مُسْلِمَةً أَوْ كَافِرَةً، قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَسَوَاءٌ كَانَ مِنْ زَوْجٍ أَوْ مِنْ زِنًى، قَالَهُ فِي الْعُمْدَةِ وَقَوْلُهُ فَقَطْ يَعْنِي أَنَّ الْمَنْعَ مِنْ التَّفْرِقَةِ خَاصٌّ بِالْأُمِّ، قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ، قَالَ مَالِكٌ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْوَلَدِ الصَّغِيرِ وَبَيْنَ أَبِيهِ وَجَدِّهِ وَجَدَّاتِهِ لِأُمِّهِ أَوْ لِأَبِيهِ مَتَى شَاءَ سَيِّدُهُ وَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي الْأُمِّ خَاصَّةً قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ مَنْعَ التَّفْرِقَةِ فِي الْأَبِ.

(قُلْت) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ اخْتَارَهُ مِنْ نَفْسِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ نَقَلَ عَنْ غَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ وَنَصُّهُ اُخْتُلِفَ فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْأَبِ وَوَلَدِهِ، فَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ: لَا بَأْسَ بِهِ وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ عَنْ بَعْضِ الْمَدَنِيِّينَ مَنْعَهُ وَهُوَ أَحْسَنُ قِيَاسًا عَلَى الْأُمِّ وَإِنْ كَانَتْ مُؤْجِرَةً فَمَعْلُومٌ أَنَّ الْأَبَ يَدْخُلُ مِنْ ذَلِكَ مَا يَعْظُمُ عَلَيْهِ فِيهِ الْمَشَقَّةُ وَيُقَارِبُ الْأُمَّ وَقَدْ يَكُونُ بَعْضُ الْآبَاءِ أَشَدَّ وَلَمْ يَخْتَلِفْ الْمَذْهَبُ فِي جَوَازِ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ مَنْ سِوَى هَذَيْنِ مِنْ الْأَقَارِبِ كَالْأَخِ وَالْجَدِّ وَالْجَدَّةِ وَالْخَالَةِ وَالْعَمَّةِ فَكَلَامُهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْأَبِ فِي الْمَذْهَبِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي الْأَلْغَازِ: فَإِنْ قُلْتُ رَجُلٌ لَهُ شَاتَانِ لَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُ وَاحِدَةٍ وَيَتْرُكُ الْأُخْرَى قُلْت هَذِهِ شَاةٌ وَابْنَتُهَا صَغِيرَةٌ مَعَهَا فَلَا يَجُوزُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا فَقَدْ رَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْبَهَائِمِ وَأَوْلَادِهَا مِثْلُ أَوْلَادِ بَنِي آدَمَ اهـ. وَقَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ: وَالتَّفْرِقَةُ جَائِزَةٌ فِي الْحَيَوَانِ الْبَهِيمِيِّ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَرَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهَا لَا تَجُوزُ وَأَنَّ حَدَّ التَّفْرِقَةِ أَنْ يَسْتَغْنِيَ عَنْ آبَائِهِ بِالرَّعْيِ نَقَلَهُ التَّادَلِيُّ وَالْمَغْرِبِيُّ وَأَظُنُّهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَلَا أَتَحَقَّقُهُ وَقَعَ لِلشَّيْخِ أَبِي بَكْرِ بْنِ اللَّبَّادِ نَحْوُهُ وَذَلِكَ أَنَّ ابْنَ يُونُسَ نَقَلَهُ فِي الرَّاعِي إذَا اُسْتُؤْجِرَ عَلَى رِعَايَةِ غَنَمٍ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عُرْفٌ بِرَعْيِ الْأَوْلَادِ فَإِنَّ عَلَى رَبِّهَا أَنْ يَأْتِيَ بِرَاعٍ مَعَهُ لِلْأَوْلَادِ لِلتَّفْرِقَةِ وَتَأَوَّلَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا بِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ التَّفْرِقَةَ تَعْذِيبٌ لَهَا فَهُوَ مِنْ النَّهْيِ عَنْ تَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ، وَقَالَ الْفَاكِهَانِيّ: ظَاهِرُ الْحَدِيثِ يَعُمُّ الْعُقَلَاءَ وَغَيْرَهُمْ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى نَصٍّ فِي غَيْرِ الْعُقَلَاءِ فَمَنْ وَجَدَهُ فَلْيَضُمَّهُ إلَى هَذَا الْمَوْضِعِ رَاجِيًا ثَوَابَ اللَّهِ وَذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ فِي كِتَابِ التِّجَارَةِ إلَى أَرْضِ الْحَرْبِ وَفِي كِتَابِ التِّجَارَةِ فِي إجَارَةِ الرَّاعِي وَفِي وَثَائِقِ ابْنِ سَلْمُونٍ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ الْأَمَةِ وَوَلَدِهَا الصَّغِيرِ فِي الْبَيْعِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا مِنْ الْحَيَوَانِ اهـ وَقَوْلُ ابْنِ نَاجِي وَتَأَوَّلَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا إلَى آخِرِ كَلَامِهِ يُشِيرُ بِهِ إلَى قَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ فِي الْإِجَارَةِ عَلَى رِعَايَةِ الْغَنَمِ بَعْدَ ذِكْرِ كَلَامِ ابْنِ اللَّبَّادِ.

(قُلْت) مَعْنَاهُ أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>