للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّ مِنْ الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا الْبَيْعُ وَالشَّرْطُ فَقَدْ رَوَى عَبْدُ الْحَقِّ فِي أَحْكَامِهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ» قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: لَا أَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْحَقِّ وَحَمَلَهُ أَهْلُ الْمَذْهَبِ عَلَى وَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا الشَّرْطُ الَّذِي يُنَاقِضُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ، وَالثَّانِي الشَّرْطُ الَّذِي يَعُودُ بِخَلَلٍ فِي الثَّمَنِ فَأَمَّا الشَّرْطُ الَّذِي يُنَاقِضُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ فَهُوَ الَّذِي لَا يَتِمُّ مَعَهُ الْمَقْصُودُ مِنْ الْبَيْعِ مِثْلُ أَنْ يُشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَبِيعَ وَلَا يَهَبَ وَهَذَا إذَا عَمَّمَ أَوْ اسْتَثْنَى قَلِيلًا كَقَوْلِهِ عَلَى أَنْ لَا تَبِيعَهُ جُمْلَةً أَوْ لَا تَبِيعَهُ إلَّا مِنْ فُلَانٍ وَأَمَّا إذَا خَصَّصَ نَاسًا قَلِيلًا فَيَجُوزُ، قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَإِنْ بَاعَهُ عَلَى أَنْ لَا يَبِيعَهُ مِنْ فُلَانٍ وَحْدَهُ جَازَ وَإِنْ قَالَ: عَلَى أَنْ لَا تَبِيعَهُ جُمْلَةً أَوْ لَا تَبِيعَهُ إلَّا مِنْ فُلَانٍ كَانَ فَاسِدًا ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ قَالَ: عَلَى أَنْ لَا تَبِيعَ مِنْ هَؤُلَاءِ النَّفَرِ جَازَ اهـ. فَقُيِّدَ بِهِ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ.

(فَرْعٌ) قَالَ فِي الْمُنْتَخَبِ لِابْنِ أَبِي زَمَنِينَ وَفِي سَمَاعِ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ: سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ بَاعَ عَبْدًا أَوْ غَيْرَهُ وَشَرَطَ عَلَى الْمُبْتَاعِ أَنَّهُ لَا يَبِيعَ وَلَا يَهَبَ وَلَا يَعْتِقَ حَتَّى يُعْطِيَ الثَّمَنَ قَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الرَّهْنِ إذَا كَانَ إعْطَاءُ الثَّمَنِ لِأَجَلٍ مُسَمًّى اهـ.

وَمِنْ الشُّرُوطِ الْمُنَاقِضَةِ بَيْعُ الثُّنْيَا وَهُوَ مِنْ الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ قَالَ فِي كِتَابِ بُيُوعِ الْآجَالِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ ابْتَاعَ سِلْعَةً عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ مَتَى مَا رَدَّ الثَّمَنَ فَالسِّلْعَةُ لَهُ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ قَالَ سَحْنُونٌ بَلْ سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً اهـ. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ هَذَا الَّذِي يُسَمَّى بَيْعَ الثُّنْيَا وَاخْتُلِفَ إذَا نَزَلَ هَلْ يُتَلَافَى بِالصِّحَّةِ كَالْبَيْعِ وَالسَّلَفِ أَوْ لَا عَلَى قَوْلَيْنِ اهـ. يَعْنِي إذَا أَسْقَطَ الشَّرْطَ قَالَ الرَّجْرَاجِيُّ وَاخْتُلِفَ إذَا أَسْقَطَ مُشْتَرِطُ الثُّنْيَا شَرْطَهُ هَلْ يَجُوزُ الْبَيْعُ أَمْ لَا عَلَى قَوْلَيْنِ، أَحَدُهُمَا أَنَّ الْبَيْعَ بَاطِلٌ وَالشَّرْطَ بَاطِلٌ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَالثَّانِي أَنَّ الْبَيْعَ جَائِزٌ إذَا أَسْقَطَ شَرْطَهُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ يُرِيدُ إذَا رَضِيَ الْمُشْتَرِي وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَقَدْ فَسَخَا الْأَوَّلَ اهـ.

وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ مَعْنَى قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ بَيْعٌ وَسَلَفٌ أَنَّهُ تَارَةً يَكُونُ بَيْعًا وَتَارَةً يَكُونُ سَلَفًا لَا أَنَّهُ يَكُونُ لَهُ حُكْمُ الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ فِي الْفَوَاتِ بَلْ فِيهِ الْقِيمَةُ مَا بَلَغَتْ إذَا فَاتَتْ السِّلْعَةُ اهـ. وَقَالَ فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ قَبْلَ فَصْلِ الْخِيَارِ بِيَسِيرٍ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الثُّنْيَا وَهُوَ أَنْ يَقُولَ أَبِيعُكَ هَذَا الْمِلْكَ أَوْ هَذِهِ السِّلْعَةَ عَلَى أَنِّي إنْ أَتَيْتُكَ بِالثَّمَنِ إلَى مُدَّةِ كَذَا أَوْ مَتَى مَا أَتَيْتُكَ فَالْبَيْعُ مَصْرُوفٌ عَنِّي وَيَفْسَخُ ذَلِكَ مَا لَمْ يَفُتْ بِيَدِ الْمُبْتَاعِ فَيَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ يَوْمَ قَبْضِهِ، وَفَوْتُ الْأَصْلِ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْبِنَاءِ وَالْهَدْمِ وَالْغَرْسِ وَنَحْوِ ذَلِكَ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَالْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ فِي ذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ إنْ كَانَ فِي وَجْهِ الرُّبْعِ وَمُعْظَمِهِ فَذَلِكَ فَوْتٌ وَإِنْ كَانَ فِي أَقَلِّهِ وَأَتْفَهِهِ فَلَيْسَ بِفَوْتٍ وَيُرَدُّ الْجَمِيعَ وَإِنْ كَانَ فِي نَاحِيَةٍ مِنْهَا وَلَهَا قَدْرٌ فَاتَتْ النَّاحِيَةُ بِقِيمَتِهَا وَرُدَّ الْبَاقِي اهـ.

(فَرْعٌ) وَاخْتُلِفَ فِي الْغَلَّةِ فِي هَذَا الْبَيْعِ هَلْ هِيَ لِلْمُشْتَرِي أَوْ لِلْبَائِعِ قَالَ الرَّجْرَاجِيُّ اُخْتُلِفَ فِي بَيْعِ الثُّنْيَا هَلْ هُوَ بَيْعٌ أَوْ رَهْنٌ عَلَى قَوْلَيْنِ، وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي الْغَلَّةِ فَمَنْ رَأَى أَنَّهُ بَيْعٌ قَالَ لَا يَرُدُّ الْغَلَّةَ وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ إنَّ الْغَلَّةَ فِيهِ لِلْمُشْتَرِي بِالضَّمَانِ فَجَعَلَهُ بَيْعًا وَأَنَّهُ ضَامِنٌ وَالْغَلَّةُ لَهُ وَمَنْ رَأَى أَنَّهُ رَهْنٌ قَالَ يَرُدُّ الْغَلَّةَ وَأَنَّهُ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ فِي كُلِّ بَيْعٍ وَنَقْصٍ يَطْرَأُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ سَبَبِ الْمُشْتَرِي وَمَا كَانَ مِنْ سَبَبِ الْمُشْتَرِي فَهُوَ ضَامِنٌ لَهُ وَحُكْمُهُ حُكْمُ الرِّهَانِ فِي سَائِرِ أَحْكَامِهَا فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ اهـ. وَالرَّاجِحُ أَنَّهَا لِلْمُشْتَرِي كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمَسْأَلَةِ الْعَاشِرَةِ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ جَامِعِ الْبُيُوعِ وَمِنْ سَمَاعِ أَصْبَغَ

<<  <  ج: ص:  >  >>