عَلَى الْمَنْعِ مِنْهَا عَقَّبَهَا بِبُيُوعٍ ظَاهِرُهَا الْجَوَازُ وَيُتَوَصَّلُ بِهَا إلَى مَمْنُوعٍ فَمَنَعَهَا أَهْلُ الْمَذْهَبِ وَأَجَازَهَا غَيْرُهُمْ وَيُسَمِّيهَا أَهْلُ الْمَذْهَبِ بِبُيُوعِ الْآجَالِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَهَلْ كُلٌّ مِنْ لَفْظَتَيْ الْبُيُوعِ وَالْآجَالِ بَاقٍ عَلَى دَلَالَتِهِ أَوْ سُلِبَتْ دَلَالَةُ كُلِّ وَاحِدِ وَصَارَ الْمَجْمُوعُ اسْمًا لِمَا ذَكَرَ فِيهِ احْتِمَالَيْنِ وَالثَّانِي أَظْهَرُ، انْتَهَى. وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا أُرِيدَ بِهِمَا مَسَائِلُ وَهِيَ مَا تَكَرَّرَ فِيهِ الْبَيْعُ مِنْ الْبَائِعَيْنِ مَرَّةً ثَانِيَةً فَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي مُتَعَيِّنٌ وَلِذَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ لَقَبٌ إلَخْ كَمَا سَيَأْتِي وَإِنْ أُرِيدَ الْبَيْعُ الَّذِي فِيهِ تَأْجِيلٌ فَلَا شَكَّ فِي بَقَاءِ كُلِّ لَفَظَّةٍ عَلَى مَعْنَاهَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ بُيُوعُ الْآجَالِ يُطْلَقُ مُضَافًا، وَلَقَبُ الْأَوَّلِ مَا أُجِّلَ ثَمَنُهُ الْعَيْنُ وَمَا أُجِّلَ ثَمَنُهُ غَيْرُهَا سَلَمٌ فِي سَلَمِهَا الْأَوَّلِ يَجُوزُ سَلَمُ الطَّعَامِ فِي الْفُلُوسِ وَرُبَّمَا أُطْلِقَ عَلَى مَا أُجِّلَ ثَمَنُهُ الْعَيْنُ أَنَّهُ سَلَمٌ بِمَجَازِ التَّغْلِيبِ فِي سَلَمِهَا الْأَوَّلِ، مَنْ أَسْلَمَ ثَوْبًا فِي عَشَرَةِ أَرَادِبَ مِنْ حِنْطَةٍ إلَى شَهْرٍ وَعَشَرَةِ دَرَاهِمَ لِشَهْرٍ آخَرَ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَلَوْ اخْتَلَفَ أَجَلُهُمَا وَرُبَّمَا أُطْلِقَ عَلَى مَا أُجِّلَ ثَمَنُهُ غَيْرُ الْفَاسِدِ الْعَيْنِ أَنَّهُ بَيْعٌ فِي الْغَرَرِ الْأَوَّلِ مِنْهَا لَا بَأْسَ بِبَيْعِ سِلْعَةٍ غَائِبَةٍ بِعَيْنِهَا بِسِلْعَةٍ إلَى أَجَلٍ أَوْ بِدَنَانِيرَ إلَى أَجَلٍ اهـ.
وَقَوْلُهُ وَمَا أُجِّلَ ثَمَنُهُ غَيْرُهَا سَلَمٌ إلَى آخِرِهِ جَعَلَ الْمُتَقَدِّمَ هُوَ الثَّمَنُ سَوَاءٌ كَانَ الْعَيْنُ أَوْ غَيْرُهَا وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ وَمَا أُجِّلَ ثَمَنُهُ فَهُوَ سَلَمٌ وَالْكُلُّ قَرِيبٌ؛ لِأَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ أَنَّهُ ثَمَنٌ وَأَنَّهُ مُثَمَّنٌ كَمَا أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ أَنَّهُ بَائِعٌ وَمُشْتَرٍ سَيَأْتِي فِي بَابِ الْخِيَارِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَبَرِيءَ الْمُشْتَرِي لِلتَّنَازُعِ شَيْءٌ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ عِيَاضٌ بُيُوعُ الْآجَالِ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ مَا أُجِّلَ ثَمَنُهُ وَلَوْ كَانَ الْمَثْمُونُ مُؤَجَّلًا وَالثَّمَنُ نَقْدًا كَالسَّلَمِ لَمْ يُطْلِقُوا عَلَيْهِ هَذَا الِاسْمَ وَإِنْ كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْأَوَّلِ فِي الْقَضَايَا الْفِقْهِيَّةِ اهـ.
وَقَوْلُهُ لَمْ يُطْلِقُوا يُرِيدُ فِي الْغَالِبِ لِمَا تَقَدَّمَ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي أَجَلِ السَّلَمِ يَأْتِي مِثْلُهُ فِي الْبَيْعِ إلَى أَجَلٍ فَكَأَنَّهُ اكْتَفَى بِذَلِكَ عَنْ ذِكْرِهِ هُنَا وَقَدْ نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَعَلَى مَسَائِلَ تَتَعَلَّقُ بِالْبَيْعِ إلَى أَجَلٍ يَذْكُرُ مِنْهَا مَا تَيَسَّرَ. قَالَ: وَشَرْطُهُ كَالنَّقْدِ مَعَ تَعَيُّنِ الْأَجَلِ نَصَّا فَمَجْهُولُ الْأَجَلِ فَاسِدٌ وَمَعْرُوفُهُ بِالشَّخْصِ وَاضِحٌ وَبِالْعُرْفِ كَافٍ ثُمَّ قَالَ الشَّيْخُ رَوَى مُحَمَّدٌ لَا بَأْسَ بِبَيْعِ أَهْلِ الْأَسْوَاقِ عَلَى التَّقَاضِي وَقَدْ عَرَفُوا ذَلِكَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ قَالَ وَبَعِيدُ الْأَجَلِ مَمْنُوعٌ وَغَيْرُهُ جَائِزٌ فِي شِرَاءِ الْغَائِبِ مِنْهَا يَجُوزُ شِرَاءُ سِلْعَةٍ إلَى عَشْرِ سِنِينَ أَوْ عِشْرِينَ وَسَمِعَ أَصْبَغُ جَوَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَمَّنْ يَبِيعُ سِلْعَةً بِثَمَنٍ إلَى ثَلَاثِينَ سَنَةً أَوْ عِشْرِينَ قَالَ أَمَّا إلَى ثَلَاثِينَ فَلَا أَدْرِي وَلَكِنْ إلَى عَشَرَةٍ وَمَا أَشْبَهَهُ، وَأَكْرَهُ إلَى عِشْرِينَ وَلَا أَفْسَخُهُ وَلَوْ كَانَ سَبْعِينَ لَفَسَخْتُهُ أَصْبَغُ لَا بَأْسَ بِهِ ابْتِدَاءً إلَى عِشْرِينَ وَقَالَ لِي إنْ وَقَعَ بِهِ النِّكَاحُ إلَى ثَلَاثِينَ لَمْ أَفْسَخْهُ وَكَذَا الْبَيْعُ عِنْدِي قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَكَذَا وَجَدْتُهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ إلَى سَبْعِينَ الَّتِي نِصْفُهَا خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ وَلِابْنِ زَرْقُونٍ عَنْ الْبَاجِيِّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَى سِتِّينَ فَسَخْتُهُ، انْتَهَى كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ وَمَسْأَلَةُ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ بَيْعِ الْغَرَرِ وَنَصُّهَا وَيَجُوزُ شِرَاءُ سِلْعَةٍ إلَى عَشْرِ سِنِينَ أَوْ عِشْرِينَ وَإِجَارَةُ الْعَبْدِ عَشْرَ سِنِينَ اهـ، قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ اُنْظُرْ هَلْ أَرَادَ أَنَّ الثَّمَنَ مُؤَجَّلٌ إلَى عَشْرِ سِنِينَ وَأَنَّ السِّلْعَةَ مَنْقُودَةٌ وَهُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَإِجَارَةُ الْعَبْدِ عَشْرَ سِنِينَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّ الْمُؤَجِّلَ إلَى هَذَا الْأَجَلِ السِّلْعَةَ أَنَّهَا تُقْبَضُ إلَى عَشْرِ سِنِينَ فَيَجُوزُ هَذَا بِشَرْطِ السَّلَمِ وَكِلَاهُمَا جَائِزٌ. اهـ، وَيَعْنِي بِذَلِكَ إذَا كَانَتْ السِّلْعَةُ مَضْمُونَةً فِي الذِّمَّةِ عَلَى شُرُوطِ السَّلَمِ وَأَمَّا إنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً فَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَقَالَ الْمَشَذَّالِيُّ وَقَوْلُهُ إلَى عِشْرِينَ صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ إلَى عِشْرِينَ وَعَلَيْهِ قَدَّرَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ اهـ وَنَصُّ مَا فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ فِي رَسْمِ الْبُيُوعِ الثَّانِي مِنْ جَامِعِ الْبُيُوعِ: اتَّفَقَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ فِيمَا عَلِمْت اتِّفَاقًا مُحْمَلًا فِي النِّكَاحِ يَقَعُ بِمَهْرٍ مُؤَجَّلٍ إلَى أَجَلٍ بَعِيدٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَيُفْسَخُ إذَا وَقَعَ، وَاخْتُلِفَ فِي حَدِّهِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ.
(أَحَدُهَا) أَنَّهُ يُفْسَخُ فِيمَا فَوْقَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute