يَمْتَنِعُ مَا تَعَجَّلَ فِيهِ الْأَقَلُّ وَالْأَدْنَى يَقْتَضِي أَنَّ مَا انْتَفَى مِنْهُ الْأَمْرَانِ يَجُوزُ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ كَمَا سَيَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ اخْتِلَافِ السِّكَّةِ الْآتِيَةِ أَنَّ مَسَائِلَ الْأَجَلِ الثَّمَانِيَةَ عَشْرَ كُلَّهَا مُمْتَنِعَةٌ لِاشْتِغَالِ الذِّمَّتَيْنِ فَيُؤَدِّي لِلدَّيْنِ بِالدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُحْكَمُ لَهُ حِينَئِذٍ بِالْمُقَاصَّةِ وَأَمَّا مَسَائِلُ النَّقْدِ السِّتِّ فَيَجُوزُ مِنْهَا صُورَتَانِ وَهِيَ مَا إذَا اشْتَرَى السِّلْعَةَ بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ أَكْثَرَ نَقْدًا وَالدَّرَاهِمُ الَّتِي اشْتَرَاهَا بِهَا أَجْوَدُ مِنْ الدَّرَاهِمِ الَّتِي بَاعَ بِهَا وَالْأَرْبَعَةُ الْبَاقِيَةُ مُمْتَنِعَةٌ بِقَوْلِهِ يَمْتَنِعُ مَا عُجِّلَ فِيهِ الْأَقَلُّ وَالْأَرْدَأُ فَإِنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ الَّتِي اشْتَرَى بِهَا أَرْدَأَ مِنْ الَّتِي بَاعَ بِهَا امْتَنَعَ الصُّوَرُ الثَّلَاثُ أَعْنِي سَوَاءٌ اشْتَرَاهُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَإِذَا كَانَتْ الدَّرَاهِمُ الَّتِي اشْتَرَى بِهَا أَجْوَدُ امْتَنَعَ مِنْهَا صُورَةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ مَا إذَا اشْتَرَى السِّلْعَةَ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي بَاعَ بِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَمُنِعَ بِذَهَبٍ وَفِضَّةٍ إلَّا أَنْ يُعَجِّلَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْمُتَأَخِّرِ جِدًّا)
ش: لَمَّا ذَكَرَ حُكْمَ مَا إذَا اتَّفَقَ الْمِثْلَانِ فِي النَّوْعِ ذَكَرَ مِنْهَا حُكْمَ مَا إذَا اخْتَلَفَا فِيهِ وَاخْتَلَفَا فِي الْجِنْسِ كَمَا إذَا بَاعَ سِلْعَتَهُ بِدَرَاهِمَ ثُمَّ اشْتَرَاهَا بِدَنَانِيرَ أَوْ بِالْعَكْسِ فَذَكَرَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ صَرْفٌ تَأَخَّرَ فِيهِ أَحَدُ النَّقْدَيْنِ أَوْ كِلَاهُمَا؛ لِأَنَّ سِلْعَتَهُ رَجَعَتْ إلَيْهِ فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ الثَّانِي نَقْدًا فَقَدْ تَأَخَّرَ أَحَدُ النَّقْدَيْنِ وَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا فَقَدْ تَأَخَّرَ النَّقْدَانِ مَعًا وَكَذَا لَوْ عَجَّلَ الْبَعْضَ وَأَخَّرَ الْبَعْضَ الْآخَرَ وَاسْتَثْنَى الْمُصَنِّفُ مَا إذَا كَانَ الْمُعَجَّلُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْمُتَأَخِّرِ جِدًّا لِبُعْدِ التُّهْمَةِ حِينَئِذٍ عَلَى الصَّرْفِ الْمُتَأَخِّرِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ بِعْتَهُ بِثَلَاثِينَ دِرْهَمًا إلَى شَهْرٍ يَعْنِي الثَّوْبَ فَلَا تَبْتَعْهُ بِدِينَارٍ نَقْدًا فَيَصِيرُ صَرْفًا مُؤَخَّرًا وَلَوْ ابْتَعْتُهُ بِعِشْرِينَ دِينَارًا جَازَ لِبُعْدِكُمَا مِنْ التُّهْمَةِ وَإِنْ بِعْتَهُ بِأَرْبَعِينَ إلَى شَهْرٍ جَازَ أَنْ تَبْتَاعَهُ بِثَلَاثَةِ دَنَانِيرَ لِبَيَانِ فَضْلِهَا وَلَا يُعْجِبُنِي بِدِينَارَيْنِ وَإِنْ سَاوَيَاهَا فِي الصَّرْفِ، انْتَهَى. وَمَنَعَ أَشْهَبُ ذَلِكَ مُطْلَقًا مُبَالَغَةً لِلِاحْتِيَاطِ لِلصَّرْفِ وَقِيلَ يَجُوزُ إذَا سَاوَى الْمُعَجَّلُ قِيمَةَ الْمُؤَخَّرِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ تَحْصِيلُ الْمَسْأَلَةِ إنْ كَانَ النَّقْدَانِ إلَى أَجَلٍ لَمْ يَجُزْ قَوْلًا وَاحِدًا وَكَذَا إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا نَقْدًا وَالْآخَرُ مُؤَجَّلًا وَالنَّقْدُ أَقَلَّ مِنْ الصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ وَإِنْ كَانَ مِثْلَهُ أَوْ أَكْثَرَ فَقَوْلَانِ قَالَ أَشْهَبُ لَا يَجُوزُ مُطْلَقًا وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ كَانَ مِثْلَ الْمُؤَخَّرِ أَوْ أَكْثَرَ بِشَيْءٍ قَلِيلٍ إنْ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ بِشَيْءٍ كَثِيرٍ جَازَ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ بِعِشْرِينَ دِينَارًا أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ عِشْرِينَ لَمْ يَبْعُدْ عَنْ التُّهْمَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَبْعُدَانِ بِخَمْسَةَ عَشَرَ وَبِعَشَرَةٍ، انْتَهَى.
(قُلْتُ) بَلْ وَبِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ آخِرِ كَلَامِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَقَوْلُهُ لِبَيَانِ فَضْلِهَا؛ لِأَنَّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا صَرْفُ دِينَارَيْنِ وَيَبْقَى دِينَارٌ وَهَذَا عَلَى مَا جَرَّتْ بِهِ عَادَتُهُ فِي الْكِتَابِ أَنَّ صَرْفَ الدِّينَارِ عِشْرُونَ دِرْهَمًا.
ص (وَبِسِكَّتَيْنِ إلَى أَجَلٍ كَشِرَائِهِ لِأَجَلٍ بِمُحَمَّدِيَّةٍ مَا بَاعَ بِيَزِيدِيَّةٍ)
ش: قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْكَلَامَ أَوَّلًا فِيمَا إذَا اتَّفَقَ الثَّمَنَانِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ ثُمَّ ذَكَرَ هُنَا مَا إذَا اخْتَلَفَا فِي السِّكَّةِ فَذَكَرَ أَنَّهُ إنْ تَأَجَّلَ الثَّمَنَانِ مُنِعَ مُطْلَقًا وَذَلِكَ شَامِلٌ لِثَمَانِ عَشْرَةَ صُورَةً؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ الثَّانِيَ إمَّا مُؤَجَّلٌ لِأَجَلٍ دُونَ الْأَجَلِ أَوْ لِلْأَجَلِ نَفْسِهِ أَوْ لِأَبْعَدَ إمَّا بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ضَرْبِ ثَلَاثٍ فِي ثَلَاثٍ بِتِسْعٍ ثُمَّ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ تَكُونَ السِّكَّةُ الثَّانِيَةُ أَجْوَدَ مِنْ الْأُولَى أَوْ أَرْدَأَ ثُمَّ مَثَّلَ بِصُورَةٍ مِنْ ذَلِكَ يُتَوَهَّمُ فِيهَا الْجَوَازُ مِنْ وَجْهَيْنِ بَلْ مِنْ ثَلَاثٍ وَهِيَ مَا إذَا بَاعَهُ السِّلْعَةَ مَثَلًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ يَزِيدِيَّةٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا بِعَشَرَةٍ مُحَمَّدِيَّةٍ إلَى الْأَجَلِ نَفْسِهِ فَيُتَوَهَّمُ الْجَوَازُ فِيهِ مِنْ اتِّفَاقِ الثَّمَنَيْنِ فِي الْعَدَدِ وَفِي الْأَجَلِ وَمِنْ كَوْنِ الْمُحَمَّدِيَّةِ أَجْوَدَ مِنْ الْيَزِيدِيَّةِ قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ وَهُوَ عَكْسُ مَا فَرَضَهُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ إذْ قَالَ وَإِنْ بِعْتَ ثَوْبًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ مُحَمَّدِيَّةٍ إلَى شَهْرٍ فَلَا تَبْتَعْهُ بِعَشَرَةٍ يَزِيدِيَّةٍ إلَى ذَلِكَ الشَّهْرِ، كَذَا اخْتَصَرَهُ أَبُو سَعِيدٍ زَادَ ابْنُ يُونُسَ لِرُجُوعِ ثَوْبِكَ وَكَأَنَّكَ بِعْتَ يَزِيدِيَّةً لِمُحَمَّدِيَّةٍ إلَى الْأَجَلِ إنَّمَا قَصْدَ الْمُصَنِّفُ الْعَكْسَ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَبَيَّنَ مُخْتَارَهُ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute