للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ نَفْسِهِ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ فَقَدْ أَسْلَفَهُ خَمْسَةَ أَثْوَابٍ وَدَفَعَ لَهُ الْفَرَسَ عِوَضًا عَنْ الْخَمْسَةِ الْبَاقِيَةِ وَهَذَا بَيْعٌ وَسَلَفٌ وَكَذَا إذَا أَجَّلَهَا إلَى أَجَلٍ دُونَ الْأَجَلِ وَأَمَّا إذَا أَخَّرَهَا إلَى أَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ فَقَدْ صَارَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ آخِذًا الْفَرَسَ فِي خَمْسَةِ أَثْوَابٍ وَسَلَّفَ الْمُشْتَرِيَ الْخَمْسَةَ الْأُخْرَى؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَخَّرَهُ بِهَا عَنْ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ صَارَ مُسْلِفًا لَهُ وَهَذَا أَقْوَى مِنْ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْمُعَجِّلَ لِمَا فِي الذِّمَّةِ اُخْتُلِفَ فِيهِ هَلْ يُعَدُّ مُسْلِفًا أَمْ لَا وَأَمَّا الْمُؤَخِّرُ لِمَا فِي الذِّمَّةِ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ مُسْلِفٌ وَأَمَّا إذَا أَبْقَى الْخَمْسَةَ إلَى أَجَلِهَا فَذَلِكَ جَائِزٌ لِانْتِقَاءِ السَّلَفِ حِينَئِذٍ فَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِي قَوْلِهِ إلَّا أَنْ تَبْقَى الْخَمْسَةُ لِأَجَلِهَا عَائِدٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ وَكَذَا التَّعْلِيلُ وَهَذَا الْحُكْمُ جَارٍ فِيمَا إذَا أَخَذَ بَعْضَ الْأَثْوَابِ وَأَخَذَ فِي الْبَعْضِ الْآخَرِ شَيْئًا مُخَالِفًا لِلْفَرَسِ فَيُمْتَنَعُ إذَا كَانَ مَا يَأْخُذُ مِنْ الْأَثْوَابِ مُعَجَّلًا أَوْ مُؤَخَّرًا لِأَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ وَيَجُوزُ إذَا أَبْقَى إلَى الْأَجَلِ نَفْسِهِ فَإِنْ قِيلَ لِمَ لَمْ تَجْعَلُوهُ إذَا رَدَّ الْفَرَسَ بِمَثَابَةِ مَا إذَا رَدَّ مِثْلَهُ وَكَأَنَّهُ آلَ الْأَمْرُ إلَى أَنَّهُ أَسْلَفَهُ فَرَسًا فَرَدَّهُ وَمَا يَأْخُذُ زِيَادَةً فَإِنَّهُ قَدْ انْتَفَعَ بِهِ وَالسَّلَفُ لَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ رَدُّ الْمِثْلِيِّ فَالْجَوَابُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. أَنْ يُقَالَ لَمَّا رَجَعَتْ الْعَيْنُ فَكَأَنَّهُمَا اشْتَرَطَا ذَلِكَ فَخَرَجَا عَنْ حَقِيقَةِ السَّلَفِ وَيُؤْخَذُ هَذَا مِنْ كَلَامِهِ فِي التَّوْضِيحِ فِي الْكَلَامِ عَلَى أَنَّ مِثْلَ الْمِثْلِيِّ يَقُومُ مَقَامَهُ

ص (وَإِنْ بَاعَ حِمَارًا بِعَشَرَةٍ لِأَجَلٍ ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ وَدِينَارًا نَقْدًا أَوْ مُؤَجَّلًا مُنِعَ مُطْلَقًا إلَّا فِي جِنْسِ الثَّمَنِ لِلْأَجَلِ)

ش: أَيْ وَإِنْ بَاعَ حِمَارًا بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ إلَى أَجَلٍ ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ أَيْ الْحِمَارَ وَدِينَارًا نَقْدًا يُرِيدُ أَوْ مِثْلَهُ مِنْ الْفِضَّةِ أَوْ مُؤَجَّلًا يَعْنِي أَوْ كَانَ الدِّينَارُ أَوْ صَرْفُهُ مِنْ الْفِضَّةِ مُؤَجَّلًا مُنِعَ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ إلَى أَجَلٍ دُونَ الْأَجَلِ أَوْ إلَى الْأَجَلِ نَفْسِهِ أَوْ إلَى أَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ نَقْدًا فَهُوَ الْبَيْعُ وَالسَّلَفُ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ تَقَرَّرَ فِي ذِمَّتِهِ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ إلَى أَجَلٍ دَفَعَ عَنْهَا مُعَجَّلًا الْحِمَارَ وَدِينَارًا لِيَأْخُذَ مِنْ نَفْسِهِ عِنْدَ الْأَجَلِ عَشَرَةً، تِسْعَةٌ عِوَضٌ عَنْ الْحِمَارِ وَدِينَارٌ عَنْ الدِّينَارِ الْمُتَقَدِّمِ وَإِنْ كَانَ إلَى أَجَلٍ دُونَ الْأَجَلِ أَوْ إلَى أَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ فَهُوَ فَسْخُ الدَّيْنِ الَّذِي هُوَ الْعَشَرَةُ فِي دَيْنٍ آخَرَ.

وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ؛ لِأَنَّهُ بَاعَ بَعْضَ دَيْنِهِ الْوَاجِبَ لَهُ أَوَّلًا بِالدَّيْنِ الَّذِي زَادَهُ مَعَ الْحِمَارِ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْمَزِيدُ مَعَ الْحِمَارِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ إلَى مِثْلِ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ وَيَدْخُلُهُ إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ نَوْعِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ الصَّرْفُ الْمُؤَخَّرُ ثُمَّ اسْتَثْنَى الْمُصَنِّفُ مِنْ ذَلِكَ مَسْأَلَةً فَقَالَ إلَّا فِي جِنْسِ الثَّمَنِ لِلْأَجَلِ أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَزِيدُ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ يَعْنِي مِنْ نَوْعِهِ وَصِفَتِهِ وَكَانَ مُؤَخَّرًا لِأَجَلِ نَفْسِهِ كَمَا إذَا بَاعَ الْحِمَارَ بِعَشَرَةٍ إلَى شَهْرٍ ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ وَدِينَارًا مُؤَخَّرًا لِلشَّهْرِ؛ لِأَنَّ مَا آلَ أَمْرُهُ إلَى أَنَّهُ اشْتَرَى الْحِمَارَ بِتِسْعَةٍ مِنْ الْعَشَرَةِ وَلَا مَحْذُورَ فِيهِ وَقَالَ شَيْخُ شُيُوخِنَا الْقَاضِي عَبْدُ الْقَادِرِ الْأَنْصَارِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَكَذَا قَرَّرُوا وَلَوْ قِيلَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِالْمَنْعِ كَمَا قِيلَ فِي غَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ بَاعَ بَعْضَ دَيْنِهِ الْوَاجِبَ لَهُ أَوَّلًا بِالدَّيْنِ الَّذِي زَادَهُ مَعَ الْحِمَارِ لِمَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(قُلْت) وَلَا خَفَاءَ فِي بُعْدِهِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ اخْتِلَافِ الْعِوَضَيْنِ بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الِاخْتِلَافِ إمَّا فِي الْجِنْسِ أَوْ النَّوْعِ أَوْ الْأَجَلِ، وَالْمَزِيدُ هُنَا إنَّمَا هُوَ بَعْضُ الْأَوَّلِ بِعَيْنِهِ وَأَجَلِهِ فَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْبَيْعُ وَإِنَّمَا آلَ الْأَمْرُ إلَى أَنَّهُ بَاعَ الْحِمَارَ بِتِسْعَةٍ كَمَا قَالُوا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَإِنْ زِيدَ غَيْرُ عَيْنٍ وَبَيْعٍ بِنَقْدٍ لَمْ يُقْبَضْ جَازَ إنْ عَجَّلَ الْمَزِيدَ)

ش: يَعْنِي أَنَّهُ إذَا بَاعَ الْحِمَارَ

<<  <  ج: ص:  >  >>