للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَمَضَتْ أَيَّامُ الْخِيَارِ وَتَبَاعَدَتْ، وَهُمَا بِيَدِ الْمُبْتَاعِ لَزِمَهُ أَخْذُ الثَّوْبَيْنِ اهـ

ص (وَفِي اللُّزُومِ لِأَحَدِهِمَا يَلْزَمُهُ النِّصْفُ مِنْ كُلٍّ)

ش: هَذِهِ الصُّورَةُ فِيهَا اخْتِيَارٌ فَقَطْ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الِاخْتِيَارُ مُجَرَّدًا بِأَنْ يَكُونَ اشْتَرَى ثَوْبًا عَلَى الْإِيجَابِ وَأَخَذَ ثَوْبَيْنِ لِيَخْتَارَ مِنْهُمَا فَمَضَتْ أَيَّامُ الْخِيَارِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ النِّصْفُ مِنْ كُلِّ ثَوْبٍ، وَكَذَا إنْ ضَاعَا، أَوْ ضَاعَ أَحَدُهُمَا.

قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ بَعْضُ فُقَهَائِنَا: إذَا اشْتَرَى أَحَدَ الثَّوْبَيْنِ عَلَى الْإِيجَابِ فَضَاعَا جَمِيعًا، أَوْ أَحَدُهُمَا بِيَدِ الْمُبْتَاعِ؛ فَمَا تَلِفَ بَيْنَهُمَا، وَمَا بَقِيَ بَيْنَهُمَا اهـ. قَالَ فِي النُّكَتِ: يَعْنِي إذَا ضَاعَا يَلْزَمُ أَحَدُهُمَا الْبَائِعَ وَالْآخَرُ الْمُبْتَاعَ.

قَالَ ابْنُ يُونُسَ إثْرَ كَلَامِهِ السَّابِقِ: وَسَوَاءٌ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى الضَّيَاعِ، أَوْ لَمْ تَقُمْ، وَلَا خِيَارَ لِلْمُبْتَاعِ فِي أَخْذِ الثَّوْبِ الْبَاقِي كُلِّهِ، وَلَوْ ذَهَبَتْ أَيَّامُ الْخِيَارِ وَتَبَاعَدَتْ وَالثَّوْبَانِ بِيَدِ الْبَائِعِ، أَوْ بِيَدِ الْمُبْتَاعِ لَزِمَهُ نِصْفُ كُلِّ ثَوْبٍ، وَلَا خِيَارَ لَهُ؛ لِأَنَّ ثَوْبًا لَزِمَهُ، وَلَا يَعْلَمُ أَيَّهُمَا هُوَ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَا فِيهِمَا شَرِيكَيْنِ اهـ. وَنَحْوُهُ فِي الْجَوَاهِرِ وَنَصَّ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى أَنَّ مُضِيَّ أَيَّامِ الِاخْتِيَارِ بِمُضِيِّ أَيَّامِ الْخِيَارِ فَقَالَ: اعْلَمْ أَنَّ شِرَاءَهُ لِلثَّوْبَيْنِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: إمَّا بِالْخِيَارِ وَحْدَهُ، أَوْ بِاخْتِيَارٍ وَحْدَهُ وَإِمَّا عَلَى خِيَارٍ وَاخْتِيَارٍ فَيَمْضِي أَيَّامَ الْخِيَارِ وَيَنْقَطِعُ خِيَارُهُ وَيَنْقَضِي الْبَيْعُ إذْ بِمُضِيِّ أَيَّامِ الْخِيَارِ يَنْقَطِعُ اخْتِيَارُهُ اهـ.

ص (وَفِي الِاخْتِيَارِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ)

ش: يَعْنِي إذَا كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ خِيَارٌ وَاخْتِيَارٌ، وَمَضَتْ الْمُدَّةُ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَخْذُ وَاحِدٍ مِنْ الثَّوْبَيْنِ.

قَالَ ابْنُ يُونُسَ بِإِثْرِ الْكَلَامِ الْمُتَقَدِّمِ، وَهَذَا بِخِلَافِ أَنْ لَوْ أَخَذَهُ - يَعْنِي الثَّوْبَ - عَلَى غَيْرِ الْإِلْزَامِ فَهَذَا إذَا مَضَتْ أَيَّامُ الْخِيَارِ، وَتَبَاعَدَتْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَخْذُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَانَا فِي يَدِ الْبَائِعِ، أَوْ الْمُبْتَاعِ؛ لِأَنَّ بِمُضِيِّ أَيَّامِ الْخِيَارِ يَنْقَطِعُ اخْتِيَارُهُ، وَلَمْ يَقَعْ الْبَيْعُ عَلَى ثَوْبٍ مُعَيَّنٍ فَيَلْزَمُهُ أَخْذُهُ، وَلَا عَلَى إيجَابِ أَخْذِهِ، فَيَكُونُ شَرِيكًا فَصَارَ ذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ؛ فِي شِرَائِهِ الثَّوْبَيْنِ يَلْزَمَانِهِ جَمِيعًا، وَفِي أَخْذِهِ أَحَدَهُمَا عَلَى الْإِيجَابِ يَلْزَمُهُ النِّصْفُ مِنْ كُلِّ ثَوْبٍ، وَفِي أَخْذِهِ عَلَى غَيْرِ الْإِيجَابِ لَا يَلْزَمُهُ مِنْهُمَا شَيْءٌ. اهـ. وَتَكَلَّمَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى الثَّلَاثَةِ الْأَوْجُهِ وَأَتَى بِهَا عَلَى مَا تَرَى، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَفِي الِاخْتِيَارِ لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ بَدَلَ قَوْلِهِ: لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لَكِنَّهُ تَبِعَ ابْنَ يُونُسَ فِي آخِرِ كَلَامِهِ فِي التَّمْثِيلِ الْمَذْكُورِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(تَنْبِيهٌ:) تَحَصَّلَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ مَسْأَلَةَ الثَّوْبَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِمَا خِيَارٌ وَاخْتِيَارٌ، أَوْ خِيَارٌ فَقَطْ وَيُنْظَرُ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ فِي ضَيَاعِ الثَّوْبَيْنِ مَعًا، وَفِي ضَيَاعِ أَحَدِهِمَا، وَفِي مُضِيِّ أَيَّامِ الْخِيَارِ، وَهُمَا بَاقِيَانِ بِيَدِهِ فَاشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى ثَلَاثِ صُوَرٍ أَمَّا الْأُولَى فَأَشَارَ إلَى حُكْمِ ضَيَاعِ الثَّوْبَيْنِ، أَوْ أَحَدِهِمَا فِيهَا بِقَوْلِهِ: وَإِنْ اشْتَرَى أَحَدَ ثَوْبَيْنِ يُرِيدُ بِخِيَارٍ وَقَبَضَهُمَا مَعًا لِيَخْتَارَ أَحَدَهُمَا - إلَى قَوْلِهِ: وَلَهُ اخْتِيَارُ الْبَاقِي.

وَأَشَارَ إلَى مُضِيِّ حُكْمِ أَيَّامِ الْخِيَارِ وَالِاخْتِيَارِ فِيهَا بِقَوْلِهِ فِي آخِرِ الْمَسْأَلَةِ فِي الِاخْتِيَارِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ، وَهِيَ مَا فِيهَا خِيَارٌ مُجَرَّدٌ فَأَشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ: وَإِنْ كَانَ لِيَخْتَارَهُمَا فَكِلَاهُمَا مَبِيعٌ وَلَزِمَاهُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ، وَهُمَا بِيَدِهِ وَأَشَارَ إلَى الثَّالِثَةِ، وَهِيَ مَا فِيهَا اخْتِيَارٌ بِقَوْلِهِ: وَفِي اللُّزُومِ لِأَحَدِهِمَا يَلْزَمُهُ النِّصْفُ مِنْ كُلٍّ سَوَاءٌ ضَاعَا مَعًا، أَوْ ضَاعَ أَحَدُهُمَا، أَوْ بَقِيَ حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ الْخِيَارِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(تَنْبِيهٌ:) زَادَ فِي الْجَوَاهِرِ صُورَةً رَابِعَةً، وَهِيَ أَنْ يَكُونَ مُخَيَّرًا فِي أَحَدِهِمَا فِي الْعَقْدِ وَالتَّعْيِينِ، وَفِي الْآخَرِ فِي التَّعْيِينِ خَاصَّةً دُونَ الْعَقْدِ بِأَنْ يَكُونَ لَزِمَهُ أَحَدُ الثَّوْبَيْنِ، وَهُوَ بِالْخِيَارِ فِي أَخْذِ الْآخَرِ، فَإِنْ ضَاعَا ضَمِنَهُمَا إنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ، فَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ ضَمِنَ وَاحِدًا فَقَطْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَإِنْ ضَاعَ أَحَدُهُمَا جَرَى الْأَمْرُ فِي ضَيَاعِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.

(فَرْعٌ:) وَيُشْتَرَطُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ تَسَاوِي الثَّمَنَيْنِ، فَإِنْ اخْتَلَفَا كَانَ مِنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ فَيَضْمَنُ حِينَئِذٍ ضَمَانَ الْمَبِيعِ بَيْعًا فَاسِدًا.

قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: وَمَسْأَلَةُ الثَّوْبَيْنِ قَدْ بَسَطَ الْكَلَامَ عَلَيْهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>