فَلَا يُوجَدُ قَالَهُ ابْنُ شَاسٍ، وَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ التَّوْضِيحِ وَالشَّارِحِ، وَهُوَ أَنْ يَفْعَلَ الْبَائِعُ فِي الْمَبِيعِ فِعْلًا يَسْتُرُ بِهِ عَيْبَهُ فَيَظْهَرُ فِي صُورَةِ السَّالِمِ اهـ. قَصَرَ هَذَا الْكَلَامَ فِيمَا يَسْتُرُ الْعَيْبَ فَقَطْ وَشُمُولُ الْفِعْلِ لَا يَسْتُرُ عَيْبًا، وَإِنَّمَا يُظْهِرُ كَمَالًا.
قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ بَعْدَ نَقْلِهِ كَلَامَ ابْنِ شَاسٍ قُلْت: هَذَا إنْ ثَبَتَ أَنَّ الْبَائِعَ فَعَلَهُ، أَوْ أَمَرَ بِهِ لِاحْتِمَالِ فَعَلَهُ الْعَبْدُ دُونَ سَيِّدِهِ لِكَرَاهَةِ بَقَائِهِ فِي مِلْكِهِ اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ قِيَاسًا عَلَى مَا مَرَّ بِهِ فِي النَّجْشِ، وَمِنْهُ صَبْغُ الثَّوْبِ الْقَدِيمِ لِيَظْهَرَ أَنَّهُ جَدِيدٌ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ.
قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَمِنْهُ قَوْلُهُ فِي الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ: مَنْ ابْتَاعَ ثِيَابًا فَرَقَمَ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِمَّا ابْتَاعَهَا بِهِ وَبَاعَهَا بِرَقْمِهَا، وَلَمْ يَقُلْ: قَامَتْ عَلَيَّ بِكَذَا شَدَّدَ مَالِكٌ كَرَاهَةَ فِعْلِهِ وَاتَّقَى فِيهِ وَجْهَ الْخِلَابَةِ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ إنْ وَقَعَ خُيِّرَ فِيهِ مُبْتَاعُهُ، وَإِنْ فَاتَ رُدَّ بِقِيمَتِهِ، وَقَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ الصَّقَلِّيُّ عَنْ ابْنِ أَخِي هِشَامٍ يُخَيَّرُ فِي قِيَامِهَا، وَفِي فَوَاتِهَا الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا وَثَمَنِهَا اهـ. وَقَالَ فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ: الْغَرَرُ بِالْقَوْلِ لَا يُضْمَنُ، وَفِيهِ الْخِلَافُ وَبِالْفِعْلِ يُضْمَنُ بِلَا خِلَافٍ فَالْأَوَّلُ: كَمَسْأَلَةِ الصَّيْرَفِيِّ يَنْقُدُ الدَّرَاهِمَ، ثُمَّ يَظْهَرُ فِيهَا زَائِفٌ، وَمَسْأَلَةِ الْخَيَّاطِ يَقِيسُ الثَّوْبَ وَيَقُولُ يَكْفِي فَيُفَصِّلُهُ فَيَنْقُصُ، وَالدَّلِيلِ يُخْطِئُ الطَّرِيقَ، وَالْغَارِّ فِي الْأَمَةِ يَقُولُ: إنَّهَا حُرَّةٌ، وَمَنْ أَعَارَ شَخْصًا إنَاءً مَخْرُوقًا، وَهُوَ يَعْلَمُ بِهِ، وَقَالَ: إنَّهُ صَحِيحٌ، وَمَنْ قَالَ لِرَجُلٍ فِي رَمَضَانَ: كُلْ فَإِنَّ الْفَجْرَ لَمْ يَطْلُعْ، وَقَدْ عَلِمَ طُلُوعَهُ فَعَلَى الْقَوْلِ بِالضَّمَانِ يُؤَدَّبُ وَيَتَأَبَّدُ أَدَبُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ، وَإِذَا ضَمَّنَّاهُ يَلْزَمُهُ الْمِثْلُ وَالْقِيمَةُ بِمَوْضِعِ هَلَكَ.
وَالثَّانِي كَمَنْ لَثَمَ شَخْصًا بِيَدِهِ فِي رَمَضَانَ بَعْدَ الْفَجْرِ، وَمَسَائِلِ التَّدْلِيسِ، وَصَبْغِ الثَّوْبِ الْقَدِيمِ، وَتَلْطِيخِ ثَوْبِ الْعَبْدِ بِالْمِدَادِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ اهـ. بِاخْتِصَارٍ، وَمِنْهَا أَيْضًا قَالَ فِي مَسَائِلِ أَجْوِبَةِ الْقَرَوِيِّينَ فِي الْقَائِلِ لِرَجُلٍ: بِعْ سِلْعَتَكَ مِنْ فُلَانٍ؛ لِأَنَّهُ ثِقَةٌ وَمَلِيءٌ فَوَجَدَهُ بِخِلَافِ ذَلِكَ، فَقَالَ: لَا يَغْرَمُ شَيْئًا إلَّا أَنْ يَغُرَّهُ، وَهُوَ يَعْلَمُ بِحَالِهِ اهـ. التَّصْرِيَةُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: جَمْعُ اللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ يَوْمًا، أَوْ يَوْمَيْنِ حَتَّى يَعْظُمَ ثَدْيُهَا لِيُوهِمَ مُشْتَرِيَهَا أَنَّهَا تَحْلِبُ مِثْلَ ذَلِكَ اهـ.
(فَرْعٌ:) لَوْ اشْتَرَى مُصَرَّاةً وَسَافَرَ قَبْلَ حِلَابِهَا فَحَلَبَهَا أَهْلُهُ زَمَانًا فَقَدِمَ فَعَلِمَ بِتَصْرِيَتِهَا فَلَهُ رَدُّهَا، وَيَرُدُّ صَاعًا فَقَطْ وَغَيْرَ خَرَاجٍ بِالضَّمَانِ.
نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ مُحْرِزٍ.
(تَنْبِيهٌ:) قَالَ الشَّارِحُ فِي قَوْلِهِ: الْحَيَوَانِ، نَظَرٌ؛ لِشُمُولِهِ الْأَنْعَامَ وَغَيْرَهَا، وَعَيْبُ التَّصْرِيَةِ خَاصٌّ بِالْأَنْعَامِ اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ.
قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْمَازِرِيُّ: وَلَوْ كَانَتْ التَّصْرِيَةُ فِي غَيْرِ الْأَنْعَامِ، وَعَلَى تَسْلِيمِهِ ابْنُ زَرْقُونٍ عَنْ الْخَطَّابِيِّ التَّصْرِيَةُ فِي الْآدَمِيَّاتِ كَالْأَنْعَامِ، وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: لَا تُرَدُّ الْأَمَةُ لِذَلِكَ
ص (لَا إنْ عَلِمَهَا مُصَرَّاةً)
ش: قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ.
قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَإِنْ عَلِمَ مُشْتَرِيهَا أَنَّهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute