لَمْ يُجْمِلْ الْعَيْبَ غَيْرُهُ، وَلَمْ يُجْمِلْ فِي ذِكْرِ الْعَيْبِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ قَدْرَهُ.
قَالَ الْبِسَاطِيُّ: {نُكْتَةٌ} : كَانَ بَعْضُ الْمُعَاصِرِينَ يَتَمَسَّكُ بِظَاهِرِ قَوْلِهِمْ: إذَا أَجْمَلَ لَا يُقْبَلُ مُطْلَقًا، وَلَوْ ظَهَرَ أَنَّهُ سَرَقَ دِرْهَمًا مَثَلًا، وَكُنْتُ أُنَازِعُهُ فِي ذَلِكَ، وَأَقُولُ: إنَّهُ يُفِيدُ فِيمَا سُرِقَ عَادَةً وَمَا إذَا ظَهَرَ أَنَّهُ نَقَّبَ، أَوْ أَتَى ذَلِكَ بِالْعَظِيمِ الَّذِي لَا يَخْطِرُ بِالْبَالِ فَلَا يُفِيدُ وَفَاتَ، وَلَمْ يَرْجِعْ، وَأَنَا بَاقٍ عَلَى ذَلِكَ، وَلَمْ أَرْجِعْ عَنْهُ اهـ.
(قُلْت:) مَا نَقَلَهُ هُوَ الظَّاهِرُ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى نَصٍّ صَرِيحٍ فِي ذَلِكَ، وَكَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ وَالنَّوَادِرِ فِي ذَلِكَ كَالصَّرِيحِ.
قَالَ فِي كِتَابِ الْعُيُوبِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ بَاعَ بَعِيرًا فَتَبَرَّأَ مِنْ دَبَرَاتِهِ، فَإِنْ كَانَتْ مُتَعَلِّقَةً مُفْسِدَةً لَمْ يَبْرَأْ، وَإِنْ أَرَاهُ إيَّاهَا حَتَّى يَذْكُرَ مَا فِيهَا مِنْ تَعَدٍّ وَغَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ تَبَرَّأَ فِي عَبْدٍ مِنْ سَرِقَةٍ، أَوْ إبَاقٍ، وَالْمُبْتَاعُ يَظُنُّ إبَاقَ لَيْلَةٍ، أَوْ إلَى مِثْلِ الْعَوَالِي، أَوْ سَرِقَةَ الرَّغِيفِ وَنَحْوِهِ، وَقَدْ أَبَقَ إلَى مِثْلِ مِصْرَ وَالشَّامِ فَلَا يَبْرَأُ حَتَّى يَبِينَ أَمْرُهُ اهـ. فَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ وُجِدَ يَأْبَقَ لَيْلَةً، أَوْ يَسْرِقُ رَغِيفًا بَرِئَ.
وَقَالَ فِي النَّوَادِرِ فِي تَرْجَمَةِ بَيْعِ الْبَرَاءَةِ، وَمِنْ الْوَاضِحَةِ قَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ: وَمَنْ تَبَرَّأَ مِنْ عَيْبٍ فَمِنْهُ فَاحِشٌ وَخَفِيفٌ فَلَا يَبْرَأُ مِنْ فَاحِشِهِ حَتَّى يَصِفَ تَفَاحُشَهُ مِنْ ذَلِكَ: الْإِبَاقُ وَالسَّرِقَةُ، وَالدَّبَرَةُ بِالْبَعِيرِ، وَمِثْلُ مَنْ تَبَرَّأَ مِنْ كَيٍّ، أَوْ آثَارٍ بِالْجَسَدِ، أَوْ مِنْ عُيُوبِ الْفَرْجِ فَيُوجَدُ فِي ذَلِكَ مُتَفَاحِشًا فِي ذَلِكَ كُلِّهِ فَلَهُ الرَّدُّ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْعُيُوبِ، وَذَكَرَ مِثْلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ اهـ. وَهَذَا أَصْرَحُ مِنْ كَلَامِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ بَعْدَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِذَا تَبَرَّأَ مِنْ عُيُوبِ الْفَرْجِ، فَإِنْ كَانَتْ مُخْتَلِفَةً، وَمِنْهَا الْمُتَفَاحِشُ لَمْ يَبْرَأْ حَتَّى يَذْكُرَ أَيَّ عَيْبٍ إلَّا مِنْ الْيَسِيرِ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ اهـ. وَهَذَا أَصْرَحُ مِمَّا فِي النَّوَادِرِ وَالْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَهَلْ يُفَرِّقُ بَيْنَ أَكْثَرِ الْعَيْبِ شَاهِدَةً لِمَا قَالَهُ الْبِسَاطِيُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَزَوَالُهُ إلَّا مُحْتَمِلَ الْعَوْدِ)
ش: أَيْ وَمَنَعَ مِنْ خِيَارِ الْعَيْبِ زَوَالُ ذَلِكَ الْعَيْبِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْعَيْبُ لَا تُؤْمَنُ عَوْدَتُهُ فَلَا يَمْنَعُ.
(تَنْبِيهٌ:) تَكَلَّمَ الْمُصَنِّفُ عَلَى حُكْمِ الْمَسْأَلَةِ بَعْدَ وُقُوعِ الْبَيْعِ، وَكَذَلِكَ فِي ابْنِ الْحَاجِبِ، وَلَمْ يَتَكَلَّمَا عَلَى حُكْمِ الْمَسْأَلَةِ ابْتِدَاءً، وَهِيَ مَا إذَا زَالَ الْعَيْبُ هَلْ يَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ أَنْ يُبَيِّنَهُ أَمْ لَا؟ ، وَقَدْ ذَكَرَ فِي النَّوَادِرِ فِي تَرْجَمَةِ الْقَوْلِ فِي عُيُوبِ الرَّقِيقِ فِي أَبْدَانِهِمْ فَقَالَ: وَمِنْ كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِذَا انْقَطَعَ الْبَوْلُ عَنْ الْجَارِيَةِ فَلَا يَعِيبُهَا حَتَّى يَبِينَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ مِنْ عَوْدَتِهِ، وَكَذَلِكَ الْجُنُونُ، فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ فَهُوَ عَيْبٌ تُرَدُّ بِهِ.
وَقَالَ أَشْهَبُ فِي الْبَوْلِ: فَإِذَا انْقَطَعَ انْقِطَاعًا بَيِّنًا مَضَى لَهُ السُّنُونَ الْكَثِيرَةُ فَعَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ، وَأَمَّا انْقِطَاعٌ لَا يُؤْمَنُ فَلَا وَلِلْمُبْتَاعِ الرَّدُّ اهـ. وَيَأْتِي فِي الْقَوْلَيْنِ الْخِلَافُ هَلْ هُمَا خِلَافٌ، أَوْ وِفَاقٌ.
(تَنْبِيهٌ:) قَوْلُهُ وَزَوَالُهُ ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ زَالَ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ بِالْعَيْبِ، أَوْ بَعْدَ الْقِيَامِ بِهِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ، وَهُوَ كَذَلِكَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ.
قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَمَنْ اشْتَرَى عَبْدًا، أَوْ أَمَةً بِهَا عَيْبٌ فَذَهَبَ قَبْلَ أَنْ يُقَوَّمَ بِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ الرَّدُّ وَاخْتُلِفَ إذَا عَلِمَ فَيُرِيدُ أَنْ يَرُدَّ بِهِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا رَدَّ لَهُ.
وَقَالَ أَشْهَبُ: لَهُ أَنْ يَرُدَّ.
وَالْأَوَّلُ: أَصْوَبُ اهـ.
ص (وَبِالْمَوْتِ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ)
ش: ظَاهِرٌ سَوَاءٌ كَانَتْ رَائِعَةً أَمْ لَا؟ .
وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: الْقَوْلُ الثَّانِي لِابْنِ حَبِيبٍ وَأَشْهَبَ