للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنْ مَاتَ مِنْ الْفَيْءِ اهـ. وَقَوْلُهُ ادَّانَ يَعْنِي اسْتَدَانَ قَالَ فِي النِّهَايَةِ فِي حَدِيثِ الْأَبْقَعِ: «فَادَّانَ مُعْرِضًا» أَيْ اسْتَدَانَ مُعْرِضًا عَنْ الْوَفَاءِ اهـ.

(الرَّابِعَةُ) قَالَ: فِيهَا أَيْضًا وَاجِبٌ عَلَى مَنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَنْ يُوصِيَ بِأَدَائِهِ فَإِذَا فَعَلَ وَتَرَكَ وَفَاءً فَلَيْسَ بِمَحْبُوسٍ عَنْ الْجَنَّةِ لِدَيْنِهِ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً فَلَيْسَ بِمَحْبُوسٍ عَنْ الْجَنَّةِ وَعَلَى الْإِمَامِ وَفَاؤُهُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَهُوَ الْمَسْئُولُ عَنْ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَدَائِهِ فِي حَيَاتِهِ وَأَوْصَى بِهِ اهـ.، وَقَالَ فِي التَّمْهِيدِ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ السَّابِعَ عَشَرَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ: فَالدَّيْنُ الَّذِي يُحْبَسُ بِهِ صَاحِبُهُ عَنْ الْجَنَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ هُوَ الَّذِي تَرَكَ وَفَاءً، وَلَمْ يُوصِ بِهِ، أَوْ قَدَرَ عَلَى الْأَدَاءِ فَلَمْ يُوفِ أَوْ أَدَانَهُ فِي غَيْرِ حَقٍّ، أَوْ فِي سَرَفٍ وَمَاتَ، وَلَمْ يُوصِ بِهِ، وَأَمَّا مَنْ ادَّانَ فِي حَقٍّ وَاجِبٍ لِفَاقَتِهِ وَعُسْرِهِ، وَلَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَحْبِسُهُ بِهِ عَنْ الْجَنَّةِ؛ لِأَنَّ فَرْضًا عَلَى السُّلْطَانِ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْهُ دَيْنَهُ مِنْ جُمْلَةِ الصَّدَقَاتِ، أَوْ مِنْ سَهْمِ الْغَارِمِينَ، أَوْ مِنْ الْفَيْءِ الرَّاجِعِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ صُنُوفِ الْفَيْءِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَنَقَلَ الْأَبِيُّ عَنْ عِيَاضٍ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا فَعَلَيَّ وَإِلَيَّ» أَيْ فَعَلَيَّ قَضَاءُ دَيْنِهِ، وَإِلَيَّ كَفَالَةُ عِيَالِهِ وَهَذَا مِمَّا يَلْزَمُ الْأَئِمَّةَ فِي مَالِ اللَّهِ، فَيُنْفِقُ مِنْهُ عَلَى الذُّرِّيَّةِ وَأَهْلِ الْحَاجَةِ، وَيَقْضِي دُيُونَهُمْ ذَكَرَهُ فِي أَحَادِيثِ الْجُمُعَةِ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ مِنْ شَرْحِ مُسْلِمٍ، وَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: وَالْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي الْحَبْسِ عَنْ الْجَنَّةِ فِي الدَّيْنِ مَنْسُوخَةٌ بِمَا جَعَلَهُ اللَّهُ مِنْ قَضَاءِ الدَّيْنِ عَلَى السُّلْطَانِ وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تُفْتَحَ الْفُتُوحَاتُ اهـ. وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ الْخَصَائِصِ كَلَامُ ابْنِ بَطَّالٍ وَالْجَمْعُ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا هُنَاكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الْخَامِسَةُ) قَالَ فِي كِتَابِ التَّفْلِيسِ مِنْ الْمُقَدِّمَاتِ: وَقَدْ كَانَ الْحُكْمُ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ بَيْعُ الْمِدْيَانِ فِيمَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الِاقْتِدَاءِ بِشَرْعِ مَنْ قَبْلَهُ فِيمَا لَمْ يَنْزِلْ عَلَيْهِ فِيهِ شَيْءٌ، وَذَكَرَ قَصَصًا فِي ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: نَسَخَ اللَّهُ ذَلِكَ مِنْ حُكْمِ رَسُولِهِ بِقَوْلِهِ: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: ٢٨٠] . وَقَوْلُهُ لِلْغَرِيمِ: فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ أَيْ غَارِمٌ وَيُطْلَقُ عَلَى الْمَدِينِ وَعَلَى رَبِّ الدَّيْنِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا مُشْتَقٌّ مِنْ الْغُرْمِ، قَالَ فِي الصِّحَاحِ: الْغَرِيمُ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ يُقَالُ: خُذْ مِنْ غَرِيمِ السُّوءِ مَا سَنَحَ بِالنُّونِ، وَقَدْ يَكُونُ الْغَرِيمُ أَيْضًا الَّذِي لَهُ الدَّيْنُ قَالَ كَثِيرٌ:

قَضَى كُلُّ ذِي دَيْنٍ فَوَفَّى غَرِيمَهُ ... وَعَزَّةُ مَمْطُولٌ مُعَنًّى غَرِيمُهَا

ص (مِنْ تَبَرُّعِهِ)

ش: يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهٍ مَمْنُوعٌ مِنْ التَّبَرُّعِ بِالْمَالِ وَمُرَادُهُ قَبْلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>