رِضَاهَا وَاعْتِرَافِهَا بِالْبُلُوغِ فَلَمَّا دَخَلَتْ أَنْكَرَتْ الزَّوَاجَ، وَادَّعَتْ أَنَّهَا غَيْرُ بَالِغٍ، وَأَنَّهُ لَمْ يَمَسَّهَا فَصَدَّقَهَا عَلَى عَدَمِ الْمَسِيسِ، وَرَفَعَ أَمْرَهَا لِلْقَاضِي فَيُنْظِرُهَا الْقَوَابِلَ فَوُجِدَتْ كَمَا ذُكِرَ مِنْ عَدَمِ الْبُلُوغِ، فَحَكَمَ بِفَسْخِ نِكَاحِهَا بِطَلَاقٍ لِكَوْنِهِ لَمْ يَسْتَوْفِ شَرَائِطَ تَزْوِيجِ الْيَتِيمَةِ قَبْلَ الْبُلُوغِ، وَسَأَلَ الْقَاضِي شَيْخَنَا الْإِمَامَ عَنْ لُزُومِ الصَّدَاقِ؟ فَأَفْتَى بِعَدَمِ الصَّدَاقِ؛ لِأَنَّهُمَا مَغْلُوبَانِ عَلَى الْفَسْخِ، وَمِنْهُ فِي مَسَائِلِ النِّكَاحِ.
وَسُئِلَ السُّيُورِيُّ عَنْ الْبِكْرِ الْيَتِيمَةِ تُرِيدُ النِّكَاحَ وَتَدَّعِي الْبُلُوغَ أَيُقْبَلُ قَوْلُهَا، أَوْ تُكْشَفُ فَأَجَابَ يُقْبَلُ قَوْلُهَا اهـ.
ص (وَلِلْوَلِيِّ رَدُّ تَصَرُّفِ مُمَيِّزٍ وَلَهُ إنْ رَشَدَ، وَلَوْ حَنِثَ بَعْدَ بُلُوغِهِ، أَوْ وَقَعَ الْمَوْقِعَ)
ش: يَعْنِي أَنَّ الْوَلِيَّ سَوَاءٌ كَانَ وَصِيًّا أَوْ وَصِيَّ وَصِيٍّ، أَوْ مُقَدَّمَ الْقَاضِي فَإِنَّهُ يَرُدُّ مَا تَصَرَّفَ فِيهِ الْمُمَيِّزُ مِنْ بَيْعٍ وَغَيْرِهِ وَيُرِيدُ الْمُصَنِّفُ الْمُمَيِّزَ الْمَحْجُورَ وَسَوَاءٌ كَانَ صَغِيرًا، أَوْ بَالِغًا سَفِيهًا وَلَوْ صَرَّحَ بِذَلِكَ، فَقَالَ: وَتَصَرُّفِ مُمَيِّزٍ مَحْجُورٍ لَكَانَ أَبْيَنَ، وَهَذِهِ اللَّامُ يَظْهَرُ فِيهَا أَنَّهَا لَامُ الْإِبَاحَةِ، وَأَنَّ لَهُ الرَّدَّ، وَلَهُ الْإِمْضَاءُ، وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ بِحَسَبِ مَا يَرَى فِيهِ الْمَصْلَحَةَ لَا بِحَسَبِ شَهْوَتِهِ وَاخْتِيَارِهِ.
قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ عَنْ الْجَوَاهِرِ وَلَا يَتَصَرَّفُ الْوَلِيُّ إلَّا بِمَا تَقْتَضِيهِ الْمَصْلَحَةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الأنعام: ١٥٢] ، فَهُوَ مَعْزُولٌ بِظَاهِرِ النَّصِّ عَنْ غَيْرِ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ اهـ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ لَهُ الْإِجَازَةُ وَالرَّدُّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا يَكُونُ لَهُ الْإِجَازَةُ وَالرَّدُّ فِي التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ الَّتِي خَرَجَتْ عَنْ عِوَضٍ، وَأَمَّا التَّبَرُّعَاتُ فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ رَدُّهَا. وَلْنَذْكُرْ بَعْضَ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ فِي ذَلِكَ لِيَتَّضِحَ الْمَقْصُودُ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ فِي بَابِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ: لَا اخْتِلَافَ بَيْنَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّ الصَّغِيرَ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ الْحُلُمَ مِنْ الرِّجَالِ، وَالْمَحِيضَ مِنْ النِّسَاءِ لَا يَجُوزُ لَهُ فِي مَالِهِ مَعْرُوفٌ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute