ذَلِكَ إنْ كَانَ قَائِمًا، أَوْ بِقِيمَتِهِ إنْ فَاتَ عِنْدَهُ بِسَبَبٍ كَعِتْقٍ أَوْ إيلَادٍ، أَوْ بَلِيَ الثَّوْبُ، أَوْ تَغَيَّرَ الطَّعَامُ، أَوْ بِيعَ، وَيَأْكُلُ الثَّمَنَ وَيَرْجِعُ بِذَلِكَ الْمُعْطَى عَلَى الْأَبِ وَيَتْبَعُهُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ أَعْطَاهُ كَانَ جَائِزًا لَهُ إذَا كَانَ ذَا مَالٍ وَلَمَّا أَيْسَرَ صَارَ ضَامِنًا لِقِيمَتِهِ لِوَلَدِهِ فَسَاغَتْ لِلْمُعْطَى قَالَ، وَمَا كَانَ مِنْ فَوَاتِهِ مِنْ أَمْرٍ مِنْ السَّمَاءِ، وَمَا أَشْبَهَهُ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ قَالَ: وَإِنْ كَانَ الْأَبُ يَوْمَ أَعْطَى مُعْسِرًا فَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ، شَرَطَ الْأَبُ الْعِوَضَ أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ، فَإِنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ قَائِمًا فِي يَدِ الْمُعْطَى وَكَانَ الْأَبُ مُتَّصِلَ الْعَدَمِ رَدَّ
وَإِنْ فَاتَ أَخَذَ قِيمَتَهُ مِنْ الْمُعْطَى، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ رُجُوعٌ عَلَى الْأَبِ؛ لِأَنَّهُ أَعْطَاهُ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ إعْطَاؤُهُ حِينَ كَانَ مُعْسِرًا وَكَانَ بِمَنْزِلَةِ مَا أَعْطَى مِنْ مَالِ غَيْرِ وَلَدِهِ، ثُمَّ أَخَذَ ذَلِكَ مِنْ الْمُعْطَى فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمُعْطَى قَالَا: وَمَا بَاعَ الرَّجُلُ أَوْ رَهَنَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ فَإِنْ جُهِلَ أَنْ يَكُونَ فَعَلَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ، أَوْ وَلَدِهِ فَهُوَ مَاضٍ؛ لِأَنَّهُ يَلِي وَلَدَهُ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِمْ مِنْ مَالِهِمْ إنْ شَاءَ وَيَرْهَنُ لَهُمْ وَيَبِيعُ لَهُمْ فَذَلِكَ جَائِزٌ حَتَّى يُعْلَمَ أَنَّهُ إنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ، وَفِي مَنْفَعَتِهِ بِخَاصِّ، أَوْ لِدَيْنٍ كَانَ عَلَيْهِ قَدِيمًا قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ لِوَلَدِهِ ذَلِكَ الْمَالُ وَمَا أَشْبَهَ هَذَا فَيُرَدُّ وَذَلِكَ إنْ كَانَ الْأَبُ مُعْسِرًا فَأَمَّا إنْ كَانَ ذَا مَالٍ، أَوْ كَانَ لَهُ وَفَاءٌ بِثَمَنِ مَا بَاعَ فَبَيْعُهُ مَاضٍ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أَعْطَى فِيمَا فَسَّرْت لَكَ.
ثُمَّ قَالَ: وَكَذَلِكَ مَا أَصْدَقَ النِّسَاءَ مِنْ رَقِيقِ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَتَاعِهِ فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا فَهُوَ مَاضٍ، وَهُوَ ضَامِنٌ لِلْقِيمَةِ فِي مَالِهِ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا، فَقَالَ مَالِكٌ: تُرَدُّ لِلْوَلَدِ مَا لَمْ يَبْنِ الْأَبُ بِهَا فَيَمْضِي، وَإِنْ كَانَ قَائِمًا، ثُمَّ قَالَ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ بِمَالِ وَلَدِهِ، أَوْ أَعْتَقَ، أَوْ وَهَبَ أَوْ بَاعَ قَالَ: إنْ كَانَ مُوسِرًا يَوْمَ فَعَلَ ذَلِكَ جَازَ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا لَمْ يَجُزْ وَأَخَذَ الِابْنُ مَالَهُ كُلَّهُ كَانَ الِابْنُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا. «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ» قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ، وَقَدْ سَمِعْت أَصْبَغَ يُجِيزُ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ فِعْلِ الْأَبِ بَيْعَهُ وَعِتْقَهُ وَهِبَتَهُ وَإِصْدَاقَ النِّسَاءِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا قَائِمًا ذَلِكَ كُلُّهُ أَوْ فَائِتًا طَالَ أَمَدُ الْبُعْدِ أَمْ لَمْ يَطُلْ، بَنَى بِالْمَرْأَةِ أَوْ لَمْ يَبْنِ، كَانَ الْبَيْعُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِوَلَدِهِ، فَذَلِكَ كُلُّهُ عِنْدَهُ مَاضٍ وَيَلْزَمُ الْأَبَ قِيمَةُ ذَلِكَ فِي مَالِهِ وَذِمَّتِهِ وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إذَا أَصْدَقَ الْمَرْأَةَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ السُّلْطَانُ تَقَدَّمَ إلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَنَهَاهُ عَنْهُ فَلَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِنْ قَضَائِهِ فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: وَلَا أَقُولُ بِهِ وَقَوْلِي فِيهِ عَلَى قَوْلِ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ، وَقَدْ رَجَعَ أَصْبَغُ عَنْ بَيْعِهِ لِنَفْسِهِ، وَلَمْ يُجِزْهُ وَرَدَّهُ مِثْلَ قَوْلِهِمَا قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: وَاجْتَمَعُوا إذَا كَانَ السُّلْطَانُ تَقَدَّمَ إلَى الْأَبِ أَنْ لَا يُصْدِقَ مِنْ مَالِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ امْرَأَةً، ثُمَّ إنْ فَعَلَ فَلَا يَمْضِي ذَلِكَ عَلَى الْوَلَدِ، وَيَكُونُ أَحَقَّ بِشَيْئِهِ مِنْ الْمَرْأَةِ بَنَى بِهَا أَبُوهُ أَوْ لَمْ يَبْنِ، مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا، عَلِمَتْهُ الْمَرْأَةُ أَوْ جَهِلَتْهُ، وَهَذَا مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ اهـ.
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: فِي رَسْمِ اسْتَأْذَنَ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الصَّدَقَاتِ وَالْهِبَاتِ: وَحُكْمُ مَا بَاعَهُ الْأَبُ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ فِي مَصْلَحَةِ نَفْسِهِ، أَوْ حَابَى فِيهِ حُكْمُ مَا بَاعَهُ، أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ وَيُفْسَخُ فِي الْقِيَامِ وَيَكُونُ الْحُكْمُ فِيهِ فِي الْفَوَاتِ حُكْمَ مَا ذَكَرْتُهُ اهـ.
وَالْمَسْأَلَةُ مُطَوَّلَةٌ فِيهِ وَفِي كِتَابِ النِّكَاحِ مِنْ الْبَيَانِ وَفِي رَسْمِ الْجَوَازِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى وَسَمَاعِ أَصْبَغَ مِنْ كِتَابِ الْمِدْيَانِ وَالتَّفْلِيسِ، وَقَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ: فَإِنْ بَاعَ مِلْكَ ابْنِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ بَاعَ عَلَى ابْنِهِ فَالْبَيْعُ مَاضٍ عَلَى الِابْنِ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ فِي الْوَثِيقَةِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُتَوَلِّي لِأُمُورِهِ وَالنَّاظِرُ لَهُ وَكَذَلِكَ الْكِرَاءُ إذَا قَالَ: أَكْرَيْت، وَلَمْ يَقُلْ عَلَى ابْنِي اهـ. وَقَالَ فِي كِتَابِ الْحَجْرِ مِنْ الذَّخِيرَةِ: وَمَنْ بَاعَ، أَوْ رَهَنَ مِنْ مَتَاعِ وَلَدِهِ لِنَفْسِهِ فَهُوَ مَرْدُودٌ، وَإِنْ عَرَفَ أَنَّهُ فَعَلَهُ لِنَفْسِهِ، وَإِنْ جُهِلَ هَلْ لِنَفْسِهِ أَوْ لِوَلَدِهِ؟ لَا يُرَدُّ لِإِمْكَانِ صِحَّةِ التَّصَرُّفِ وَهَذَا فِي عَدَمِهِ، وَأَمَّا فِي مُلَائِهِ فَيَمْضِي وَيَضْمَنُ الثَّمَنَ فِيمَا بَاعَ لِصِحَّةِ التَّصَرُّفِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ اهـ. وَقَالَ الْجَزِيرِيُّ فِي وَثَائِقِهِ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْأَبُ أَنَّهُ بَاعَ عَلَى ابْنِهِ، أَوْ لِنَفْسِهِ وَالْمِلْكُ لِلِابْنِ مَضَى الْبَيْعُ عَلَى الِابْنِ وَكَذَلِكَ الْكِرَاءُ، قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ أَنَّهُ بَاعَ لِنَفْسِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute