للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَوْتَ كَالْغَيْبَةِ وَالْمَرَضِ، وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ عَمِلَ بَعْدَ مَوْتِهِ يَوْمًا، أَوْ يَوْمَيْنِ أُلْغِيَ ذَلِكَ، وَإِنْ كَثُرَ لَمْ يُلْغَ كَمَا تَقَدَّمَ (السَّادِسُ) عُلِمَ أَيْضًا مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَا أَخَذَا الشَّيْءَ الَّذِي يَعْمَلَانِ فِيهِ فِي الصِّحَّةِ، أَوْ بَعْدَ مَرَضِ أَحَدِهِمَا، أَوْ سَفَرِهِ وَهُوَ جَارٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ مَا أَخَذَ أَحَدُهُمَا لَزِمَ شَرِيكَهُ عَمَلُهُ، وَضَمَانُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(السَّابِعُ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ: هَذَا فِي شَرِكَةِ الْأَبْدَانِ، وَأَمَّا فِي الشَّرِكَةِ بِالْمَالِ فَلِلَّذِي عَمِلَ نِصْفُ أُجْرَتِهِ عَلَى صَاحِبِهِ، وَالْفَضْلُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الْمَالَ أَجْرُهُ انْتَهَى.

وَقَالَ الرَّجْرَاجِيُّ قَبْلَ كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ: وَإِذَا مَرِضَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فَإِنْ كَانَتْ مَالِيَّةً فَالرِّبْحُ بَيْنَ الْمُعَافَى وَالْمَئُوفِ، وَلَهُ أَجْرُ عَمَلِهِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ سَبَبُ الرِّبْحِ وَأَمَّا الْبَدَنِيَّةُ وَذَكَرَ مَا تَقَدَّمَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

الثَّامِنُ قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَلَوْ عَقَدَ أَحَدُهُمَا إجَارَةً بَعْدَ طُولِ الْمَرَضِ، أَوْ بَعْدَ السَّفَرِ كَانَ ذَلِكَ لَهُ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ حِينَئِذٍ قَدْ انْقَطَعَتْ، وَكَذَلِكَ ضَمَانُ مَا هَلَكَ إذَا كَانَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ فِي مَوْضِعٍ لَمْ تَنْقَطِعْ الشَّرِكَةُ كَانَتْ الْقِيمَةُ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ كَانَتْ بَعْدَ أَنْ انْقَطَعَتْ كَانَتْ عَلَيْهِ وَحْدَهُ انْتَهَى.

وَنَقَلَ ابْنُ يُونُسَ صَدْرَ هَذَا الْكَلَامِ عَنْ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ وَأَقَرَّهُ (التَّاسِعُ) عُلِمَ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ مَا عَقَدَ عَلَيْهِ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ قَبْلَ طُولِ الْغَيْبَةِ وَطُولِ الْمَرَضِ يَكُونُ ضَمَانُهُ مِنْهُمَا وَهُوَ جَارٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.

(الْعَاشِرُ) الْفَرْقُ بَيْنَ شَرِيكَيْ الْعَمَلِ وَبَيْنَ الْأَجِيرَيْنِ إذَا اسْتَأْجَرَهُمَا أَحَدٌ عَلَى عَمَلٍ فَمَرِضَ أَحَدُهُمَا فَعَمِلَ الْآخَرُ جَمِيعَ الْعَمَلِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: لِلْمَرِيضِ نَصِيبُهُ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَصَاحِبُهُ مُتَطَوِّعٌ، وَقَالَ الرَّجْرَاجِيُّ: إنَّ الشَّرِيكَيْنِ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَمِيلٌ عَنْ صَاحِبِهِ ضَامِنٌ عَنْهُ مَا يَقْبَلَاهُ إذَا كَانَ الْمَتَاعُ مِمَّا يُضْمَنُ فَلِهَذَا لَمْ يَصِرْ الصَّحِيحُ مُتَطَوِّعًا وَأَمَّا الْأَجِيرَانِ فَلَيْسَ أَحَدُهُمَا ضَمِينًا، وَلَا حَمِيلًا فَلِهَذَا صَارَ الْحَافِرُ مُتَطَوِّعًا انْتَهَى.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ لَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ فِي مَسْأَلَةِ الْأَجِيرَيْنِ لَا يَجْرِي عَلَى الْقَوْلِ بِالرُّجُوعِ بِالْقِيَامِ بِالْوَاجِبِ بَلْ الْجَارِي عَلَيْهِ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْمَرِيضَ إنْ كَانَ يُمْكِنُهُ عَمَلُ ذَلِكَ بِأَجِيرِهِ، أَوْ بِنَفْسِهِ إذَا صَحَّ فَصَاحِبُهُ مُتَطَوِّعٌ، وَإِنْ كَانَ لَا يَعْمَلُ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَسْتَأْجِرَ فَالْعَامِلُ لَهُ أَجْرُهُ، وَرَاجِعْ الْمَسْأَلَةَ فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَفَسَدَتْ بِاشْتِرَاطِهِ كَكَثِيرِ الْآلَةِ وَهَلْ يُلْغَى الْيَوْمَانِ كَالصَّحِيحَةِ تَرَدُّدٌ)

ش: يَعْنِي أَنَّ الشَّرِكَةَ تَفْسُدُ إذَا شُرِطَ فِيهَا أَنَّ مَرَضَ أَحَدِهِمَا الْكَثِيرَ وَغَيْبَتَهُ مُغْتَفِرَانِ لِلْغَرَرِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إثْرَ قَوْلِهِ السَّابِقِ فِي الْقَوْلَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ إنْ لَمْ يَعْقِدَا فِي أَصْلِ الشَّرِكَةِ أَنَّ مَنْ مَرِضَ مِنْهُمَا، أَوْ غَابَ غَيْبَةً بَعِيدَةً فَمَا عَمِلَ الْآخَرُ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ عَقَدَا عَلَى هَذَا لَمْ تَجُزْ الشَّرِكَةُ فَإِنْ نَزَلَ ذَلِكَ كَانَ مَا اجْتَمَعَا فِيهِ مِنْ الْعَمَلِ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ عَمَلِهِمَا وَمَا انْفَرَدَ بِهِ أَحَدُهُمَا لَهُ خَاصَّةً انْتَهَى.

زَادَ الْقَرَافِيُّ بَعْدَ قَوْلِهِ لَمْ تَجُزْ الشَّرِكَةُ لِلْغَرَرِ: قَالَ ابْنُ يُونُسَ إثْرَ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ الْمَذْكُورِ يُرِيدُ قَلَّ، أَوْ كَثُرَ ثُمَّ قَالَ: قَالَ بَعْضُ فُقَهَائِنَا الْقَرَوِيِّينَ، وَإِنْ لَمْ يَعْقِدَا عَلَى هَذَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَدْرُ الَّذِي لَوْ صَحَّ هَذَا كَانَ بَيْنَهُمَا أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا وَيَكُونَ الزَّائِدُ عَلَى ذَلِكَ لِلْعَامِلِ وَحْدَهُ، وَيُسْمَحُ فِي الشَّرِكَةِ الصَّحِيحَةِ عَنْ التَّفَاضُلِ الْيَسِيرِ، وَأَمَّا إذَا فَسَدَتْ الشَّرِكَةُ لَمْ يُسْمَحْ بِذَلِكَ انْتَهَى.

وَنَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ، وَقَالَ بَعْدَهُ: وَخَالَفَهُ اللَّخْمِيُّ، وَقَالَ: لَا يَكُونُ ذَلِكَ الْقَدْرُ لَهُ، وَهَذَا نَقْلٌ بِالْمَعْنَى الشَّيْخُ، وَالْخِلَافُ يُبْنَى - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - عَلَى الْجُزْءِ مِنْ الْجُمْلَةِ هَلْ يَسْتَقِلُّ بِنَفْسِهِ أَمْ لَا كَمَنْ يَسْجُدُ عَلَى أَنْفِهِ بَدَلًا مِنْ الْإِيمَاءِ انْتَهَى.

، وَهَذَا هُوَ الْخِلَافُ الَّذِي أَشَرْنَا إلَيْهِ فِي التَّنْبِيهِ الرَّابِعِ مِنْ الْقَوْلَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ فِي لَغْوِ الْيَوْمَيْنِ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>