للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّهُ اسْتَهْلَكَ مَالًا فِي جُنُونِهِ أَوْ فِي صَبْوَتِهِ لَزِمَهُ وَمَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ أَقَرَّ بَالِغًا فَقَالَ بَلْ أَقْرَرْت غَيْرَ بَالِغٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ وَأَظُنُّ بَعْضَ أَصْحَابِنَا جَعَلَ الْقَوْلَ قَوْلَ الْمُدَّعِي، وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَقَرَّ مَجْنُونًا، وَلَمْ يُعْلَمْ لَهُ سَبْقُ جُنُونٍ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَوْ قَوْلُ الْمُقَرِّ لَهُ؟ رِوَايَتَانِ وَلَوْ قَالَ لَا أَدْرِي هَلْ كُنْتُ بَالِغًا أَمْ لَا أَوْ كُنْتُ عَاقِلًا أَمْ لَا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ قَالَ الْقَاضِي وَعَلَى الْقَوْلِ الْمَظْنُونِ يُشْبِهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ انْتَهَى.

(قُلْت) الظَّاهِرُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الصِّبَا وَالْجُنُونِ فَإِذَا قَالَ لَا أَدْرِي أَكُنْتُ صَبِيًّا أَوْ بَالِغًا لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ حَتَّى يَثْبُتَ أَنَّهُ بَالِغٌ وَإِذَا قَالَ: لَا أَدْرِي أَكُنْتُ بَالِغًا عَاقِلًا أَمْ لَا لَزِمَهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْعَقْلُ حَتَّى يَثْبُتَ انْتِفَاؤُهُ فَتَأَمَّلْهُ.

ص (أَوْ بِقَرْضٍ شُكْرًا عَلَى الْأَصَحِّ)

ش: كَلَامُ ابْنِ غَازِيٍّ عَلَيْهَا حَسَنٌ، وَمَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِقَرْضٍ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِغَيْرِ الْقَرْضِ عَلَى وَجْهِ الشُّكْرِ يَلْزَمُهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَالشُّكْرُ إنَّمَا هُوَ مُعْتَبَرٌ فِي قَضَاءِ السَّلَفِ؛ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ يُوجِبُ شُكْرًا وَلَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ مِنْ غَيْرِ قَرْضٍ وَادَّعَى قَضَاءَهُ لَمْ يُصَدَّقْ وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ وَسَوَاءٌ قَالَ كَانَ عِنْدِي عَلَى وَجْهِ الشُّكْرِ أَوْ لَا انْتَهَى. وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ فِي شَرْحِ الْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ مِنْ سَمَاعِ سَحْنُونٍ مِنْ كِتَابِ الْمِدْيَانِ وَالتَّفْلِيسِ وَزَادَ فِيهِ إذْ لَيْسَ بِمَوْضِعِ شُكْرٍ عَلَى مَا مَضَى الْقَوْلُ فِيهِ فِي رَسْمِ تَوَضَّأَ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى وَيُشِيرُ بِذَلِكَ إلَى مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيمَنْ أَشْهَدَ رَجُلًا أَنَّهُ تَقَاضَى مِنْ فُلَانٍ مِائَةَ دِينَارٍ كَانَتْ لَهُ عَلَيْهِ، فَجَزَاهُ اللَّهُ خَيْرًا فَإِنَّهُ أَحْسَنَ قَضَائِي فَلَيْسَ لِي عَلَيْهِ شَيْءٌ فَقَالَ الْمَشْهُودُ لَهُ: قَدْ كَذَبَ إنَّمَا أَسْلَفْته الْمِائَةَ سَلَفًا إنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَشْهُودِ لَهُ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا مِثْلُ مَا فِي آخِرِ الْمِدْيَانِ مِنْهَا وَمَا فِي رَسْمِ الْمُكَاتَبِ مِنْ سَمَاعِ يَحْيَى مِنْ هَذَا الْكِتَابِ أَنَّ مَنْ أَقَرَّ بِالِاقْتِضَاءِ لَا يُصَدَّقُ فِي أَنَّهُ اقْتَضَاهُ مِنْ حَقٍّ لَهُ، وَإِنْ كَانَ إقْرَارُهُ عَلَى وَجْهِ الشُّكْرِ وَقَالَ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَفِي سَمَاعِ سَحْنُونٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إنَّ مَنْ أَقَرَّ بِسَلَفٍ وَادَّعَى قَضَاءَهُ عَلَى وَجْهِ الشُّكْرِ لَا يَلْزَمُهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْقَضَاءِ وَالِاقْتِضَاءِ أَنَّ السَّلَفَ مَعْرُوفٌ يَلْزَمُهُ شُكْرُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ} [لقمان: ١٤] وَقَوْلِهِ {وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} [البقرة: ٢٣٧] .

وَقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «مَنْ أَزْكَتْ عَلَيْهِ يَدُ رَجُلٍ فَلْيَشْكُرْهَا» فَحُمِلَ الْمُقِرُّ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ إلَى أَدَاءِ مَا تَعَيَّنَ عَلَيْهِ مِنْ الشُّكْرِ لِفَاعِلِهِ لَا إلَى الْإِقْرَارِ عَلَى نَفْسِهِ بِوُجُوبِ السَّلَفِ عَلَيْهِ إذْ قَدْ قَضَاهُ إيَّاهُ عَلَى مَا ذُكِرَ وَحُسْنُ الْقَضَاءِ وَاجِبٌ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ حَقٌّ أَنْ يَفْعَلَهُ، فَلَمْ يَجِبْ عَلَى الْمُقْتَضِي أَنْ يَشْكُرَهُ فَلَمَّا لَمْ يَجِبْ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَجَبَ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ تَأْثِيرٌ فِي الدَّعْوَى، وَهَذَا عَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَى أَصْلِ أَشْهَبَ فِي أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ بِأَكْثَرَ مِمَّا أَقَرَّ بِهِ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُقْتَضِي وَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ نَصٌّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ انْتَهَى مُخْتَصَرًا

ص (وَقَبْلَ أَجَلِ مِثْلِهِ إلَخْ)

ش:

<<  <  ج: ص:  >  >>