للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ فَرَاجِعْهُ وَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّالِثُ) : قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ بَرِئَ مُطْلَقًا يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ سَوَاءٌ كَانَ الَّذِي أَبْرَأَهُ مِنْهُ مَعْلُومًا أَوْ مَجْهُولًا كَمَا قَالَ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ وَأَبْرَأَ وَإِنْ جَهِلَهُ الثَّلَاثَةُ وَفِي الْمَذْهَبِ مَسَائِلُ لَا يُفْسِدُهَا الْجَهْلُ وَانْظُرْ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ الْمُشَارَ إلَيْهِ عِنْدَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي الْوَكَالَةِ قَالَ الْقَرَافِيُّ فِي بَابِ الْحَمَالَةِ نَظَائِرُ قَالَ الْعَبْدِيُّ يَجُوزُ الْمَجْهُولُ فِي الْحَمَالَةِ وَالْهِبَةِ زَادَ غَيْرُهُ الْوَصِيَّةَ وَالْبَرَاءَةَ مِنْ الْمَجْهُولِ وَالصُّلْحَ وَالْخُلْعَ وَالصَّدَاقَ فِي النِّكَاحِ وَالصَّدَقَةَ وَالْقِرَاضَ وَالْمُسَاقَاةَ وَالْمُغَارَسَةَ فَتَكُونُ إحْدَى عَشْرَةَ مَسْأَلَةً.

(الرَّابِعُ) : مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ أَنَّ لَفْظَةَ عِنْدِي تَقْتَضِي الْأَمَانَةَ وَلَفْظَةُ عَلَيْهِ تَقْتَضِي الذِّمَّةَ نُقِلَ مِثْلُهُ فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ عَنْ الْغَرْنَاطِيِّ وَنَصُّهُ وَمَنْ أَقَرَّ لِرَجُلٍ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ عَلَيْهِ عِنْدَهُ بَرِئَ مِنْ الْحُقُوقِ الْوَاجِبَةِ مِنْ الضَّمَانَاتِ وَالدُّيُونِ وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ عِنْدَهُ بَرِئَ مِنْ الضَّمَانَاتِ وَالْأَمَانَاتِ انْتَهَى. مِنْ وَثَائِقِ أَبِي إِسْحَاقَ الْغَرْنَاطِيِّ.

(فُرُوعٌ الْأَوَّلُ) : إذَا عَمَّمَ الْمُبَارَآتِ بَعْدَ عَقْدِ الْخُلْعِ فَأَفْتَى ابْنُ رُشْدٍ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِجَمِيعِ الدَّعَاوَى كُلِّهَا مِمَّا تَتَعَلَّقُ بِالْخُلْعِ أَوْ بِغَيْرِهِ وَأَفْتَى غَيْرُهُ بِأَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى أَحْكَامِ الْخُلْعِ خَاصَّةً ذَكَرَهُ الْبُرْزُلِيُّ فِي مَسَائِلِ الْخُلْعِ وَهِيَ فِي نَوَازِلِ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ مَسَائِلِ الطَّلَاقِ، وَذَكَرْتُهَا فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ كِتَابِ الِالْتِزَامِ الَّذِي أَلَّفْتُهُ (الثَّانِي) قَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي أَثْنَاءِ مَسَائِلِ الْأَقْضِيَةِ وَالشَّهَادَاتِ نَاقِلًا لَهُ عَنْ تَعْلِيقَةِ التُّونُسِيِّ مَا نَصُّهُ وَهُوَ أَنَّ رَجُلًا قَامَ بِعَقْدِ اسْتِرْعَاءٍ وَطَلَبَ إثْبَاتَهُ عَلَى رَجُلٍ فَقَالَ: هَذَا الرَّجُلُ إنَّهُ سَاقِطٌ عَنِّي بِإِشْهَادِ هَذَا الْقَائِمِ عَلَى نَفْسِهِ بِقَطْعِ دَعْوَاهُ عَنِّي، وَإِنَّ كُلَّ بَيِّنَةٍ مُسْتَرْعَاةٍ قَدِيمَةٍ أَوْ حَدِيثَةٍ فَهِيَ سَاقِطَةٌ، فَقَالَ الْقَائِمُ إنِّي لَمْ أَفْهَمْ هَذِهِ الْوَثِيقَةَ الْمُنْعَقِدَةَ بَيْنِي وَبَيْنَك، وَهِيَ مَعْقُودَةٌ عَلَى الْكَمَالِ جَوَابُهَا إنْ شَهِدَ بِهَا، فَإِنَّهَا تَمْضِي عَلَى الْقَائِمِ، فَإِنَّ قَوْلَهُ لَمْ أَفْهَمْهَا إبْطَالٌ لَهَا، وَتَزْوِيرٌ لِشُهُودِهَا، وَهَذَا بَابٌ عَظِيمٌ إنْ فُتِحَ لِلْخِصَامِ بَطَلَتْ بِهِ حُقُوقٌ كَثِيرَةٌ وَبَيِّنَاتٌ مُحَقَّقَةٌ، وَسَدُّ هَذَا الْبَابِ وَاجِبٌ انْتَهَى، وَيَشْهَدُ لِمَا قَالَهُ مَسَائِلُ مُتَعَدِّدَةٌ مِنْ نَوَازِلِ ابْنِ رُشْدٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّالِثُ) قَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي أَوَاخِرِ مَسَائِلِ الْوَكَالَاتِ: مَسْأَلَةٌ لَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُبْرِئَ عَنْ الْمَحْجُورِ الْبَرَاءَةَ الْعَامَّةَ، وَإِنَّمَا يُبْرِئُ عَنْهُ فِي الْمُعَيَّنَاتِ، وَكَذَلِكَ الْمَحْجُورُ يَقْرَبُ رُشْدُهُ لَا يُبْرِئُهُ إلَّا مِنْ الْمُعَيَّنَاتِ، وَلَا تَنْفَعُهُ الْمُبَارَأَةُ الْعَامَّةُ حَتَّى يَطُولَ رُشْدُهُ كَسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ وَنَصَّ عَلَيْهِ الْمُتَيْطِيُّ وَمِنْ هَذَا لَا يُبْرِئُ الْقَاضِي النَّاظِرَ فِي أَحْبَاسِ الْمُبَارَآتِ الْعَامَّةِ وَإِنَّمَا يُبْرِئُهُ مِنْ الْمُعَيَّنَاتِ وَإِبْرَاؤُهُ عُمُومًا جَهْلٌ مِنْ الْقُضَاةِ، وَقَدْ رَأَيْت ذَلِكَ لِقَاضٍ يَزْعُمُ الْمَعْرِفَةَ، وَلَا يَعْلَمُ صِنَاعَةَ الْقَضَاءِ، وَكَذَلِكَ رَأَيْت تَقْدِيمَ قَاضٍ آخَرَ لِنَاظِرٍ فِي حَبْسٍ مُعَيَّنٍ، وَجَعَلَ بِيَدِهِ مِنْ ذَلِكَ النَّظَرَ التَّامَّ الْعَامَّ وَجَعَلَهُ مُصَدَّقًا فِي كُلِّ مَا يَتَوَلَّى دَخْلَهُ وَخَرْجَهُ دُونَ بَيِّنَةٍ لِثِقَتِهِ بِالْقِيَامِ بِهِ، وَهَذَا أَيْضًا جَهْلٌ؛ لِأَنَّ أَحْوَالَ الْأَحْبَاسِ كَأَمْوَالِ الْأَيْتَامِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ} [النساء: ٦] يَقُولُ لِئَلَّا تَضْمَنُوا وَيَقُولُ الْآخَرُ لِئَلَّا تَحْلِفُوا فَعَلَى كُلِّ حَالٍ لَا يُصْرَفُ الْأَمْرُ إلَيْهِمْ عَلَى حَدِّ مَا يَصْرِفُهُ الْإِنْسَانُ فِي مَالِ نَفْسِهِ إذْ لَيْسَ لَهُ تَصَرُّفٌ إلَّا عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ فَهُوَ مَحْجُورٌ عَنْ التَّصَرُّفِ التَّامِّ انْتَهَى.

ص (فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ وَإِنْ بِصَكٍّ إلَّا بِبَيِّنَةِ أَنَّهُ بَعْدَهُ)

ش: قَالَ فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ مِنْ الشَّهَادَاتِ وَسُئِلَ عَنْ رَجُلٍ أَتَى بِشَاهِدَيْنِ يَشْهَدَانِ أَنَّ هَذَا الْمُدَّعِيَ أَقَرَّ عِنْدَنَا مُنْذُ شَهْرَيْنِ أَنْ لَيْسَ لَهُ قِبَلَ فُلَانٍ شَيْءٌ وَلَا يَدْرِي الشَّاهِدَانِ اللَّذَانِ شَهِدَا عَلَى الْحَقِّ قَبْلَ هَؤُلَاءِ أَمْ بَعْدُ قَالَ أَرَى أَنْ يَقْضِيَ بِشَاهِدَيْ الْمَطْلُوبِ ابْنُ رُشْدٍ الْمَعْنَى أَنَّ الْمَطْلُوبَ أَقَرَّ بِالْعِشْرِينَ وَادَّعَى الْبَرَاءَةَ مِنْهَا وَاسْتَظْهَرَ عَلَى مَا ادَّعَاهُ بِإِقْرَارِ الطَّالِبِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عِنْدَهُ، فَالطَّالِبُ يَقُولُ إنَّمَا أَقْرَرْت قَبْلَ أَنْ تَجِبَ الْعِشْرُونَ وَالْمَطْلُوبُ يَقُولُ إنَّمَا أَقْرَرْت بَعْدَ وُجُوبِهَا فَقِيلَ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمَطْلُوبِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ يَقْضِي بِشَاهِدَيْ الْمَطْلُوبِ مَعْنَاهُ يَقْضِي بِأَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>