للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى ابْنِ رُشْدٍ، وَخَرَجَ بِأَدَاةِ الْحَصْرِ اسْتِلْحَاقُ الْأُمِّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَاسْتِلْحَاقُ الْأُمِّ لَغْوٌ وَفِي نَوَازِلِ سَحْنُونٍ مِنْ كِتَابِ الِاسْتِلْحَاقِ فِي رَجُلٍ لَهُ امْرَأَةٌ وَلَهُ وَلَدٌ فَتَزْعُمُ الْمَرْأَةُ أَنَّ الْغُلَامَ وَلَدُهَا مِنْ زَوْجٍ غَيْرِهِ، وَيَزْعُمُ الرَّجُلُ أَنَّ الْغُلَامَ وَلَدُهُ مِنْ امْرَأَةٍ غَيْرِهَا أَنَّهُ يُلْحَقُ بِالزَّوْجِ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ ابْنُ رُشْدٍ لَا اخْتِلَافَ أَعْلَمُهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا يَجُوزُ لَهَا اسْتِلْحَاقُ وَلَدِهَا بِخِلَافِ الْأَبِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَنْتَسِبُ إلَى أَبِيهِ لَا إلَى أُمِّهِ وَلَوْلَا مَا أَحْكَمَ الشَّرْعُ لَكَانَ نِسْبَتُهُ إلَى أُمِّهِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا أَخَصُّ بِهِ مِنْ أَبِيهِ؛ لِأَنَّهُمَا اشْتَرَكَا فِي الْمَاءِ وَاخْتَصَّتْ بِالْحَمْلِ وَالْوَضْعِ انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَفِي الْقَذْفِ مِنْهَا إنْ نَظَرَتْ امْرَأَةٌ إلَى رَجُلٍ وَقَالَتْ: ابْنِي وَمِثْلُهُ يُولَدُ لَهَا، وَصَدَّقَهَا لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ مِنْهَا إذْ لَيْسَ هُنَا أَبٌ يُلْحَقُ بِهِ وَفِي الْوَلَاءِ مِنْهَا إنْ جَاءَتْ امْرَأَةٌ بِغُلَامٍ مَفْصُولٍ ادَّعَتْ أَنَّهُ وَلَدُهَا لَمْ يُلْحَقُ بِهَا فِي مِيرَاثٍ وَلَا يُحَدُّ مَنْ افْتَرَى عَلَيْهَا بِهِ انْتَهَى، وَقَوْلُهُ مَجْهُولُ النَّسَبِ هُوَ أَيْضًا مِمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ أَدَاةُ الْحَصْرِ أَيْ إنَّمَا يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُ الْأَبِ وَلَدًا مَجْهُولَ النَّسَبِ أَمَّا مَنْ كَانَ نَسَبُهُ مَعْلُومًا، فَلَا يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ قَالَ فِي كِتَابِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَمِمَّا يُعْرَفُ بِهِ كَذِبُهُ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ أَبٌ مَعْرُوفٌ أَوْ هُمْ مِنْ الْمَحْمُولِينَ مِنْ بَلَدٍ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْهُ قَطُّ كَالزِّنْجِ وَالصَّقَالِبَةِ أَوْ تَقُومُ بَيِّنَةٌ أَنَّ أُمَّ هَذَا الصَّبِيِّ لَمْ تَزَلْ زَوْجَةً لِغَيْرِ هَذَا الْمُدَّعِي حَتَّى مَاتَتْ، فَإِنْ قَالُوا: لَمْ تَزَلْ مِلْكًا لِغَيْرِهِ، فَلَا أَدْرِي مَا هَذَا، وَلَعَلَّهُ تَزَوَّجَهَا انْتَهَى. قَالَ فِي تَهْذِيبِ الطَّالِبِ: قَالَ بَعْضُ أَشْيَاخِنَا إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ أُمَّ الصَّبِيِّ لَمْ تَزَلْ زَوْجَةً لِفُلَانٍ وَجَبَ الْحَدُّ عَلَى هَذَا الْمُدَّعِي، وَكَذَلِكَ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِنَا إذَا عُرِفَ لِلْوَلَدِ نَسَبٌ، وَادَّعَاهُ رَجُلٌ أَنَّهُ يُحَدُّ الْمُدَّعِي وَكَأَنَّهُ نَفَاهُ مِنْ نَسَبِهِ، وَفِي هَذَا عِنْدِي نَظَرٌ انْتَهَى. وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ: فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَامَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّهَا لَمْ تَزَلْ زَوْجَةً لِغَيْرِهِ وَيُحَدُّ حَدَّ الْقَذْفِ؛ لِأَنَّهُ نَفَاهُ مِنْ نَسَبِهِ انْتَهَى. وَهُوَ ظَاهِرٌ.

(تَنْبِيهٌ) : ثُمَّ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ اسْتَلْحَقَ مَحْمُولًا مِنْ بَلْدَةٍ دَخَلَهَا لَحِقَ بِهِ، وَهَذَا يَنْبَنِي عَلَى أَمْرٍ اُخْتُلِفَ فِيهِ هَلْ يُعْتَبَرُ شَرْطًا فِي الِاسْتِلْحَاقِ أَمْ لَا، وَهُوَ أَنْ يَعْلَمَ تَقَدُّمَ مِلْكِ أُمِّ هَذَا الْوَلَدِ أَوْ نِكَاحِهَا لِهَذَا الْمُقِرِّ قَالَ سَحْنُونٌ يُعْتَبَرُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَهُوَ قَوْلٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُعْتَبَرُ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ فِي النَّظَرِ؛ لِأَنَّهُمْ اعْتَبَرُوا فِي هَذَا الْبَابِ الْإِمْكَانَ وَحْدَهُ مَا لَمْ يُقِرَّ دَلِيلٌ عَلَى كَذِبِ الْمُقِرِّ انْتَهَى كَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ بَلَدٍ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْهُ قَطُّ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ لَا يُعْلَمُ أَنَّهُ دَخَلَهُ قَطُّ وَعَلَيْهَا اخْتَصَرَهَا ابْنُ يُونُسَ فَعَلَى رِوَايَةِ الْبَرَاذِعِيِّ يَكُونُ مَحْمُولًا عَلَى الصِّدْقِ مَعَ الْإِشْكَالِ وَعَلَى رِوَايَةِ ابْنِ يُونُسَ يَكُونُ مَحْمُولًا عَلَى غَيْرِ الصِّدْقِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(قُلْت) : وَكَلَامُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ عِلْمُ ذَلِكَ قَالَ فِيهَا: وَمَنْ اسْتَلْحَقَ وَلَدًا لَا يُعْرَفُ لَهُ نَسَبٌ لَحِقَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ أَنَّهُ مَلَكَ أُمَّهُ بِشِرَاءٍ أَوْ نِكَاحٍ، وَكَذَلِكَ إنْ اسْتَلْحَقَ عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ لَحِقَا بِهِ إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ كَذِبُهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ فَلَا يُلْحَقُ بِهِ، ثُمَّ قَالَ وَمِمَّا يُعْرَفُ بِهِ كَذِبُهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَبٌ مَعْرُوفٌ إلَخْ مَا تَقَدَّمَ، فَحَاصِلُهُ أَنَّ سَحْنُونًا يَشْتَرِطُ عِلْمَ تَقَدُّمِ النِّكَاحِ أَوْ التَّسَرِّي وَابْنَ الْقَاسِمِ لَا يَشْتَرِطُهُ أَمَّا لَوْ فُرِضَ أَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ نِكَاحٌ، وَلَا تَسَرٍّ أَبَدًا لَمْ يُلْحَقْ بِهِ، وَهَذَا دَاخِلٌ فِي قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ لَمْ يُكَذِّبْهُ الْعَقْلُ؛ لِأَنَّ مَنْ عُلِمَ مِنْهُ عَدَمُهُمَا يَسْتَحِيلُ مِنْهُ الْوَلَدُ عَقْلًا لَكِنَّ الْعِلْمَ بِعَدَمِ النِّكَاحِ وَالتَّسَرِّي عَسِيرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَلَمْ يَكُنْ رِقًّا لِمُكَذِّبِهِ أَوْ مَوْلَى لَكِنَّهُ يُلْحَقُ بِهِ)

ش: كَذَا فِي النُّسَخِ الَّتِي رَأَيْنَاهَا وَهُوَ كَلَامٌ مُتَدَافِعٌ؛ لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>