للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْدَعْتَهُ وَدِيعَةً، فَادَّعَى أَنَّكَ أَمَرْتَهُ بِدَفْعِهَا إلَى فُلَانٍ فَفَعَلَ وَأَنْكَرْت أَنْتَ أَنْ تَكُونَ أَمَرْتَهُ فَهُوَ ضَامِنٌ إلَّا أَنْ تَقُومَ لَكَ بَيِّنَةٌ أَنَّكَ أَمَرْتَهُ بِذَلِكَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: قَالَ سَحْنُونٌ: وَيَحْلِفُ رَبُّهَا فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُودِعُ وَبَرِئَ قَالَ أَشْهَبُ: سَوَاءٌ أَوْدَعْتَهُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ صَحَّ مِنْ عِيَاضٍ وَفِي الْمَبْسُوطِ عَنْ مَالِكٍ إنْ لَمْ يَشْهَدْ رَبُّهَا عَلَيْهَا بِهَا صَدَّقَ الرَّسُولُ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِذَلِكَ، وَيَحْلِفُ وَفِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ لِعَبْدِ الْمَلِكِ إنَّ الرَّسُولَ مُصَدَّقٌ بِكُلِّ حَالٍ كَانَ دَيْنًا أَوْ صِلَةً أَنْكَرَهُ الْقَابِضُ أَوْ أَقَرَّ بِهِ إلَّا أَنْ يَقُولَ لَهُ اقْضِ عَنِّي فُلَانًا دَيْنَهُ عَلَيَّ فَيَضْمَنُ إنْ لَمْ يَشْهَدْ انْتَهَى.

(فَرْعٌ) : فَلَوْ مَاتَ الْمُودِعُ وَادَّعَى الْمُودَعُ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِدَفْعِهَا إلَى فُلَانٍ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَيَحْلِفُ الْوَرَثَةُ عَلَى الْعِلْمِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الصَّدَقَةِ وَلَوْ دَفَعْت فِي الصِّحَّةِ مَالًا لِمَنْ يُفَرِّقُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ فِي الْفُقَرَاءِ، ثُمَّ مِتَّ أَنْتَ قَبْلَ إنْفَاذِهِ فَإِنْ أَشْهَدْت فَإِنَّهُ يَنْفُذُ مَا فَاتَ وَمَا بَقِيَ، فَهُوَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، فَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ فَالْبَاقِي لِوَرَثَتِك، وَلَوْ فَرَّقَ بَاقِيهِ بَعْدَ مَوْتِكَ ضَمِنَ الْبَقِيَّةَ لِوَارِثِكَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: قَالَ عِيَاضٌ: مَعْنَاهُ أَنَّ الْوَرَثَةَ مُقِرُّونَ بِذَلِكَ، وَلَوْ نَازَعُوهُ لَضَمِنَ مَا فَرَّقَ، وَمَا بَقِيَ إنْ كَانَ لَمْ يَشْهَدْ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ مِنْهُمْ مَنْ يَدَّعِي عِلْمَهُ مِمَّنْ يَظُنُّ بِهِ ذَلِكَ الشَّيْخُ أَيْ نَازَعُوهُ أَنَّ الْمَيِّتَ لَمْ يَأْمُرْهُ بِذَلِكَ انْتَهَى.

(فَرْعٌ) : قَالَ فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ: لَا يَجُوزُ دَفْعُ الْوَدِيعَةِ بِأَمَارَةٍ أَوْ بِكِتَابَةٍ فَإِنْ فَعَلَ، وَجَاءَ الْمُودِعُ فَأَنْكَرَ حَلَفَ مَا أَمَرَهُ وَلَا كَتَبَ بِذَلِكَ إلَيْهِ، وَأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ عَلَيْهِ وَضَمِنَهَا مِثْلَهَا أَوْ قِيمَتَهَا، ثُمَّ يَرْجِعُ الْمُودِعُ عَلَى الْقَابِضِ مِنْهُ وَلَا يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ تَصْدِيقُهُ فِيمَا أَتَى بِهِ وَلَا مَعْرِفَتُهُ بِصِحَّةِ مَا جَاءَ بِهِ وَشَهَادَتُهُ بِذَلِكَ قَالَهُ ابْنُ سَهْلٍ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ انْتَهَى. وَذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي مَوْضِعٍ ثَانٍ، ثُمَّ قَالَ: وَكَذَلِكَ الْمُحَالُ عَلَيْهِمْ وَالْوَكِيلُ حُكْمُهُمْ كَذَلِكَ، وَلَا يُجْبَرُوا بِالدَّفْعِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَى الْمُرْسِلِ انْتَهَى. وَذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ اللَّخْمِيُّ فِي كِتَابِ الْوَدِيعَةِ بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا وَنَصُّهُ، وَلَيْسَ عَلَى الْمُودَعِ أَنْ يُسَلِّمَ الْوَدِيعَةَ بِأَمَارَةِ الْمُودِعِ وَلَا بِكِتَابَتِهِ وَإِنْ اعْتَرَفَ الْمُودِعُ أَنَّهُ خَطُّهُ إلَّا أَنْ يُثْبِتَ الرَّسُولُ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَنَّهُ خَطُّ الْمُودِعِ قَالَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ: لِأَنَّ صَاحِبَ الْحَقِّ لَوْ كَانَ حَاضِرًا لَمْ يَجِبْ لَهُ أَخْذُهَا حَتَّى يَشْهَدَ لَهُ بِمَا يَبْرَأُ بِهِ يُرِيدُ أَنَّ مِنْ حَقِّهِ الْإِبْرَاءَ وَإِشْهَادَهُ عَلَى الْقَبْضِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَبْرَأُ إذَا جَحَدَ الْمُودِعُ إلَّا أَنْ يَعْتَرِفَ الْمُودِعُ أَنَّهُ رَضِيَ لِصَاحِبِهَا بِتَسْلِيمِهَا بِذَلِكَ أَوْ رَضِيَ الْآنَ بِتَسْلِيمِهَا، فَيَلْزَمُ مَا رَضِيَ بِهِ، وَإِنْ رَضِيَ أَنْ يَدْفَعَهَا إلَى الرَّسُولِ بِغَيْرِ إمَارَةٍ وَلَا كِتَابٍ الْوَدِيعَةُ عَيْنٌ وَالْمُودِعُ مُوسِرٌ جَازَ رِضَاهُ، وَأُلْزِمَ مَا أَلْزَمَ نَفْسَهُ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنْ أَنْكَرَ الْمُودِعُ أَنْ يَكُونَ أَرْسَلَهُ قَامَ الْمُودِعُ بِالْمِثْلِ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى صَاحِبِهَا فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ وَإِنْ كَانَتْ عَرَضًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُقْضَى عَلَى مُتْلِفِهِ بِالْمِثْلِ أَوْ عَيْنًا وَالْمُودِعُ مُعْسِرٌ لَمْ يَجُزْ، وَرُدَّ رِضَاهُ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ ضَرَرًا عَلَى صَاحِبِهَا إنْ قَالَ: لَمْ أَبْعَثْ إلَّا أَنْ يَكُونَ الرَّسُولُ ثِقَةً مَأْمُونًا مِمَّنْ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُهُ، فَيُمَكِّنُ مِنْ قَبْضِهَا، وَيَلْزَمُ الْآخَرَ مَا رَضِيَ بِهِ وَإِنْ أَوْقَعَ الدَّفْعَ بِأَمَارَةٍ أَوْ بِكِتَابٍ مِنْ غَيْرِ ثَبْتٍ أَوْ بِقَوْلِ الرَّسُولِ خَاصَّةً، ثُمَّ قَدِمَ الْمُودِعُ فَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ بَعَثَهُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يَبْعَثْهُ وَلَا كَتَبَ، ثُمَّ يَكُونُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَغْرَمَ الرَّسُولُ أَوْ الْمُودِعُ فَإِنْ غَرِمَ الرَّسُولُ لَمْ يَرْجِعْ بِهَا عَلَى الْمُودِعِ وَاخْتُلِفَ إذَا أَغْرَمَهَا الْمُودِعُ هَلْ يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الرَّسُولِ؟

فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ: إذَا صَدَّقَ الرَّسُولَ وَدَفَعَ إلَيْهِ، ثُمَّ قَدِمَ الْغَائِبُ وَأَنْكَرَ وَغَرِمَ الْمُودَعُ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِهَا عَلَى الرَّسُولِ وَقَالَ أَشْهَبُ فِي مُدَوَّنَتِهِ: لَا يَرْجِعُ بِهَا وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمَوَّازِ إذَا دَفَعَ بِالْكِتَابِ أَوْ بِأَمَارَةٍ، ثُمَّ أَنْكَرَ الْمُودِعُ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْقَابِضِ، وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ وَإِنْ قَالَ الْمُودِعُ: أَمَرْتنِي أَنْ أَدْفَعَهَا إلَى فُلَانٍ وَصَدَّقَهُ عَلَيْهِ، وَأَنْكَرَ صَاحِبُهَا ذَلِكَ وَأَنْ يَكُونَ أَذِنَ لَهُ فِي خُرُوجِهَا عَنْ يَدِهِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ، ثُمَّ يَغْرَمُهَا أَيُّهُمَا أَحَبُّ فَإِنْ رَجَعَ صَاحِبُهَا عَلَى مُتْلِفِهَا لَمْ يَرْجِعْ بِهِ الْغَارِمُ عَلَى الرَّسُولِ وَاخْتُلِفَ إذَا رَجَعَ صَاحِبُهَا عَلَى الرَّسُولِ هَلْ يَرْجِعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>