للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا أَنْ يَدْخُلَهَا الْخِلَافُ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْأَمَانَةِ، فَهِيَ أَرْبَعَةُ وُجُوهٍ دَافِعٌ مِنْ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ وَمِنْ أَمَانَةٍ إلَى أَمَانَةٍ وَمِنْ ذِمَّةٍ إلَى أَمَانَةٍ وَمِنْ أَمَانَةٍ إلَى ذِمَّةٍ انْتَهَى مُخْتَصَرًا لَكِنَّهُ بِلَفْظِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ إذَا دَفَعَ مِنْ ذِمَّةٍ إلَى أَمَانَةٍ لَا يَبْرَأُ بِتَصْدِيقِ الْقَابِضِ إذَا ادَّعَى التَّلَفَ يُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فِي غَيْرِ الْوَكِيلِ الْمُفَوَّضِ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: أَمَّا لَوْ لَمْ يَمُتْ وَأَكْذَبَهُ لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَلَوْ صَدَّقَهُ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ فِي قَبْضِهَا مِنْهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يُرِيدُ، فَلَوْ لَمْ يَمُتْ الرَّسُولُ أَوْ دَفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى مَنْ أَمَرَهُ بِدَفْعِهَا إلَيْهِ، وَضَاعَتْ وَأَنْكَرَ رَبُّهَا فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي دَفْعِهَا إلَيْهِ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مُعَايَنَةِ الدَّفْعِ، فَإِنْ لَمْ يُقِمْهَا ضَمِنَ سَوَاءٌ صَدَّقَهُ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ فِي قَبْضِهَا مِنْهُ أَوْ لَمْ يُصَدِّقْهُ فِي ذَلِكَ انْتَهَى فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْمُنْكِرُ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مُنْكِرًا لَا يَضْمَنُ وَكَأَنَّهُ اعْتَمَدَ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ وَمَا نَسَبَهُ ابْنُ رُشْدٍ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا وَتَرَكَ مَا مَشَى عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ لِقُوَّةِ الْأَوَّلِ، وَلَا مُنَافَاةَ عَلَى هَذَا بَيْنَ مَا قَالَ هُنَا وَبَيْنَ مَا قَالَهُ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ، وَلَوْ قَالَ غَيْرُ الْمُفَوَّضِ قَبَضْت وَتَلِفَ بَرِئَ، وَلَمْ يَبْرَأْ الْغَرِيمُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّ مَا قَالَهُ فِي الْوَكَالَةِ مَحْمُولٌ عَلَى الْقِسْمِ الثَّالِثِ فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ، وَهُوَ الدَّفْعُ مِنْ ذِمَّةٍ إلَى أَمَانَةٍ الَّذِي صَرَّحَ بِنَفْيِ الْخِلَافِ فِيهِ بِدَلِيلِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْغَرِيمُ، وَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ هُنَاكَ يُرِيدُ إذَا قَالَ الْوَكِيلُ الْمَخْصُوصُ قَبَضْت ثَمَنَ مَا بِعْت إلَخْ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(تَنْبِيهٌ) : فِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ دَعْوَى الرَّدِّ مُسَامَحَةٌ وَإِنَّمَا فِيهَا دَعْوَى إيصَالِ الْأَمَانَةِ.

(تَنْبِيهٌ) ثَانٍ قَالَ فِي النُّكَتِ اعْلَمْ أَنَّ الرَّسُولَ إذَا شُرِطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَشْهَدَ عَلَى مَنْ يَدْفَعُ إلَيْهِ يَنْفَعُهُ، وَإِذَا شُرِطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ لَمْ يَنْفَعْهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا يُنْظَرُ إلَيْهَا حِينَ وُجُوبِ مُتَعَلِّقِهَا، فَكَأَنَّهُ شَرَطَ سُقُوطَ أَمْرٍ لَمْ يَجِبْ بَعْدُ بِخِلَافِ شَرْطِهِ تَرْكَ الْإِشْهَادِ وَذَكَرَهُ ابْنُ حَبِيبٍ فِيمَا أَرَاهُ انْتَهَى. وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ مِنْ هَذَا فِي رَسْمِ أَوْصَى مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ الرُّهُونِ مَسْأَلَةُ الْمُرْتَهِنِ يَأْخُذُ الرَّهْنَ عَلَى أَنْ يَضَعَهُ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ وَيَدَّعِي أَنَّهُ وَضَعَهُ، وَيُصَدِّقُهُ عَلَى ذَلِكَ الْعَدْلُ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَيُصَدَّقُ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قُلْت اُنْظُرْ هَذَا مَعَ الْقَوْلِ بِالْوَفَاءِ بِشَرْطِ دَعْوَى التَّصْدِيقِ فِي دَعْوَى عَدَمِ الْقَضَاءِ انْتَهَى. وَسَيَقُولُهُ الْمُصَنِّفُ (تَنْبِيهٌ) : إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ هُنَا فِي الضَّمَانِ مَعَ عَدَمِ الْإِشْهَادِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْعُرْفُ عَدَمَ الْإِشْهَادِ صُدِّقَ الْمُودِعُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ، وَتَقَدَّمَ فِيهِ أَيْضًا أَنَّ تَصْدِيقَ رَبِّ الْمَالِ لَا يُسْقِطُ الضَّمَانَ مَعَ عَدَمِ الْإِشْهَادِ، وَكَمَا هُوَ ظَاهِرُ قِرَاضِ الْمُدَوَّنَةِ وَلَفْظُ ابْنِ الْحَاجِبِ هُنَا إلَّا أَنْ يَدْفَعَ ذَلِكَ بِحَضْرَةِ رَبِّ الْمَالِ، فَتَأَمَّلْهُ وَرَاجِعْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَرْعٌ) : قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إثْرَ الْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ، وَهِيَ قَوْلُهُ مَنْ بَعَثْت مَعَهُ بِمَالٍ مَا نَصُّهُ وَكَذَلِكَ إنْ أَمَرْتَهُ بِصَدَقَةٍ عَلَى قَوْمٍ مُعَيَّنِينَ فَإِنْ صَدَّقَهُ بَعْضُهُمْ وَكَذَّبَهُ بَعْضُهُمْ ضَمِنَ حِصَّةَ مَنْ كَذَّبَهُ، وَلَوْ أَمَرْتَهُ بِصَدَقَةٍ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنِينَ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِبَيِّنَةٍ انْتَهَى.

ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ وَإِنَّمَا يَحْلِفُ إذَا كَانَ مُتَّهَمًا وَنَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَرْعٌ) : قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الْوَدِيعَةِ وَإِنْ بَعَثْت بِمَالٍ إلَى رَجُلٍ بِبَلَدٍ فَقَدِمَهَا الرَّسُولُ، ثُمَّ مَاتَ بِهَا وَزَعَمَ الرَّجُلُ أَنَّ الرَّسُولَ لَمْ يَدْفَعْ إلَيْهِ شَيْئًا فَلَا شَيْءَ لَكَ فِي تَرِكَةِ الرَّسُولِ وَلَكَ الْيَمِينُ عَلَى مَنْ يَجُوزُ أَمْرُهُ مِنْ وَرَثَتِهِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ لِذَلِكَ سَبَبًا، وَلَوْ مَاتَ الرَّسُولُ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَى الْبَلَدِ، فَلَمْ يُوجَدْ لِلْمَالِ أَثَرٌ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ، وَيُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ انْتَهَى زَادَ فِي مُخْتَصَرِ الْوَقَارِ، فَإِنْ نَكَلُوا غَرِمُوا، وَقَالَ فِيهِ فَإِنْ مَاتَ الْمَبْعُوثُ بِهَا إلَيْهِ بَعْدَ وُصُولِ الْمَبْعُوثِ بِهَا مَعَهُ إلَى الْبَلَدِ وَادَّعَى دَفْعَهَا إلَى الرَّجُلِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ عَلَى دَفْعِهَا بِبَيِّنَةٍ، وَإِنْ وَصَلَ الْمَبْعُوثُ بِهَا مَعَهُ إلَى الْبَلَدِ، وَلَمْ يُوصِلْهَا إلَى الْمَبْعُوثِ بِهَا إلَيْهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ لَهَا ذِكْرًا حَتَّى رَجَعَ إلَى رَبِّهَا، وَادَّعَى تَلَفَهَا، فَهُوَ ضَامِنٌ لَهَا انْتَهَى مِنْ كِتَابِ الْبِضَاعَةِ مِنْهُ وَنَحْوُهُ فِي النَّوَادِرِ فِي كِتَابِ الْوَكَالَاتِ وَنَصُّهُ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: قَالَ مُطَرِّفٌ: عَنْ مَالِكٍ وَمَنْ أَبْضَعَ مَعَ رَجُلٍ بِضَاعَةً وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهَا إلَى آخَرَ، وَأَشْهَدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>