للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كُتُبِ الْعِلْمِ ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ آخَرَ فَادَّعَاهُ وَأَتَى بِكِتَابٍ بِذَلِكَ وَقَدْ فَاتَ الْكِتَابُ فَقَالَ: لَا يَتَوَجَّهُ الْحُكْمُ لِمُسْتَحِقِّ الشَّيْءِ إلَّا بَعْدَ شَهَادَةِ الْعُدُولِ عَلَى يَمِينِهِ وَالْإِعْذَارِ إلَى الَّذِي هُوَ فِي يَدِهِ وَلَا يَصِحُّ الْحُكْمُ دُونَ تَعْيِينِ الْمَشْهُودِ فِيهِ عِنْدَ الْحُكْمِ، انْتَهَى كَلَامُ ابْنِ سَلْمُونٍ وَأَمَّا الْمَانِعُ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ فَفِعْلٌ وَسُكُوتٌ بِالْفِعْلِ أَنْ يَشْتَرِيَ مَا ادَّعَاهُ مِنْ عِنْدِ حَائِزِهِ فَقَالَ: إنَّمَا اشْتَرَيْتُهُ خَوْفَ أَنْ يَغِيبَ عَلَيْهِ فَإِذَا أَثْبَتَهُ رَجَعْت عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَقَالٌ وَقَالَ أَصْبَغُ: إلَّا أَنْ تَكُونَ بَيِّنَةٌ بَعِيدَةٌ جِدًّا أَوْ يَشْهَدُ قَبْلَ الشِّرَاءِ أَنَّهُ إنَّمَا اشْتَرَاهُ لِذَلِكَ فَذَلِكَ يَنْفَعُهُ وَلَوْ اشْتَرَاهُ وَهُوَ يَرَى أَنْ لَا بَيِّنَةَ لَهُ ثُمَّ وَجَدَ بَيِّنَةً فَلَهُ الْقِيَامُ أَوْ أَخْذُ الثَّمَنِ مِنْهُ قَالَ أَصْبَغُ: وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَأَمَّا السُّكُوتُ فَمِثْلُ أَنْ يَتْرُكَ الْقِيَامَ مِنْ غَيْرِ مَانِعِ أَمَدِ الْحِيَازَةِ قَالَهُ فِي اللُّبَابِ. (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ: فَإِنْ ثَبَتَ ذَلِكَ لِمَنْ بَاعَهُ مِمَّنْ بَاعَهُ مِنْ مُسْتَحَقِّهِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَحْلِفَ الَّذِي ثَبَتَ لَهُ وَمَنْ بَعْدَهُ فَإِذَا حَلَفُوا يَمِينَ الْقَضَاءِ فَحِينَئِذٍ يُحْكَمُ بِهِ لِمُسْتَحِقِّهِ، انْتَهَى.

ص (كَذِي شُبْهَةٍ)

ش: ظَاهِرُ التَّشْبِيهِ أَنَّ حُكْمَ مَنْ كَانَتْ الْأَرْضُ بِيَدِهِ بِشُبْهَةٍ حُكْمُ الْغَاصِبِ فِي جَمِيعِ الْوُجُوهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا مُرَادُهُ بِتَشْبِيهِهِ بِهِ فِيمَا إذَا اُسْتُحِقَّتْ مِنْ يَدِهِ بَعْدَ أَنْ زَرَعَهَا وَقَبْلَ فَوَاتِ إبَّانِ الزِّرَاعَةِ فَإِنَّ كِرَاءَ تِلْكَ السَّنَةِ لِلْمُسْتَحِقِّ وَأَمَّا إنْ اُسْتُحِقَّتْ مِنْ يَدِهِ قَبْلَ أَنْ يَزْرَعَهَا فَسَيَأْتِي حُكْمُهُ فِي قَوْلِهِ: وَلِلْمُسْتَحِقِّ أَخْذُهَا. وَأَمَّا إذَا اُسْتُحِقَّتْ بَعْدَ إبَّانَ الزِّرَاعَةِ فَإِنَّ كِرَاءَهَا لِلَّذِي أَكْرَاهَا قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَدَخَلَ فِي ذِي الشُّبْهَةِ الْمُشْتَرِي وَالْوَارِثُ وَالْمُكْتَرِي مِنْهُمَا إذَا لَمْ يَعْلَمُوا بِالْغَصْبِ أَوْ التَّعَدِّي وَكَذَلِكَ الْمُكْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِالْغَصْبِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّجْرَاجِيُّ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي التَّوْضِيحِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (أَوْ جَهِلَ) ش أَيْ حَالَ الزَّارِعِ هَلْ هُوَ غَاصِبٌ أَوْ ذُو شُبْهَةٍ؟ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ جَهْلُ حَالِ مُكْتَرِي الْأَرْضِ هَلْ هُوَ غَاصِبٌ أَوْ مُبْتَاعٌ؟ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُكْتَرِيَ مِنْ الْغَاصِبِ ذُو شُبْهَةٍ إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالتَّعَدِّي فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَفَاتَتْ بِحَرْثِهَا فِيمَا بَيْنَ مُكْرٍ وَمُكْتَرٍ) ش يُشِيرُ بِهَذَا إلَى قَوْلِهِ فِي كِتَابِ الِاسْتِحْقَاقِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ اكْتَرَى أَرْضًا بِثَوْبٍ أَوْ بِعَبْدٍ فَاسْتَحَقَّ أَوْ بِمَا يُوزَنُ مِنْ نُحَاسٍ أَوْ حَدِيدٍ بِعَيْنِهِ يَعْرِفَانِ وَزْنَهُ ثُمَّ اسْتَحَقَّ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ اُسْتُحِقَّ قَبْلَ أَنْ يُزْرَعَ أَوْ يُحْرَثَ انْفَسَخَ الْكِرَاءُ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ مَا زَرَعَ أَوْ أَحْدَثَ فِيهَا عَمَلًا فَعَلَيْهِ قِيمَةُ كِرَاءِ الْأَرْضِ وَقَالَ فِي كِرَاءِ الْأَرَضِينَ: وَمَنْ اكْتَرَى أَرْضًا بِعَبْدٍ أَوْ بِثَوْبٍ بِعَيْنِهِ فَاسْتُحِقَّ بَعْدَ الْحَرْثِ أَوْ الزِّرَاعَةِ فَعَلَيْهِ كِرَاءُ مِثْلِهَا وَكَذَلِكَ إنْ اكْتَرَاهَا بِحَدِيدٍ أَوْ بِرَصَاصٍ أَوْ نُحَاسٍ بِعَيْنِهِ وَقَدْ عَرَفَا وَزْنَهُ فَإِنَّ الْكِرَاءَ يُنْتَقَضُ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ زَرَعَهَا أَوْ حَرَثَهَا أَوْ أَحْدَثَ فِيهَا عَمَلًا فَعَلَيْهِ كِرَاءُ الْمِثْلِ، انْتَهَى. قَالَ عِيَاضٌ: وَهُوَ بَيِّنٌ؛ إذْ نَفْسُ الْحِرَاثَةِ وَإِنْ لَمْ يَزْرَعْ فَوْتٌ وَلِلْمُكْتَرِي كِرَاءُ الْمِثْلِ كَمَا لَوْ زُرِعَتْ وَلَا يُخْتَلَفُ أَنَّ ذَلِكَ فَوْتٌ بَيْنَ الْمُكْرِي وَالْمُكْتَرِي، انْتَهَى. فَهَذَا مُرَادُ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُ عَلَى اسْتِحْقَاقِ الْأَرْضِ الْمُكْتَرَاةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا اُسْتُحِقَّتْ الْأَرْضُ لَمْ يَبْقَ لِلْمُكْرِي كَلَامٌ حُرِثَتْ أَوْ لَمْ تُحْرَثْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص

<<  <  ج: ص:  >  >>