الْآبَارُ وَلَمْ أَسْمَعْ وَاحِدًا يَقُولُ إنَّ الْعُيُونَ وَالْآبَارَ تُقْسَمُ وَلَا أَرَى أَنْ يُقْسَمَ إلَّا عَلَى الشُّرْبِ، انْتَهَى. ثُمَّ قَالَ: ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ أَرَادَ قَسْمَ الْوَاحِدِ مِنْهَا فَإِنَّ الْوَاحِدَ مِنْهَا إذَا اعْتَدَلَ فِي الْقَسْمِ قُسِمَ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَتَأْوِيلُهُ عَلَى الْكِتَابِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ نَافِعٍ وَابْنِ حَبِيبٍ وَحَمَلَ ابْنُ لُبَابَةَ مَنْعَ الْقَسْمِ فِيهَا عَلَى الْعُمُومِ وَاسْتَدَلَّ بِمُخَالَفَتِهِ فِي الْآبَارِ وَالْعُيُونِ وَلَا أَرَى أَنْ يُقْسَمَ إلَّا عَلَى الشُّرْبِ وَلَمْ يَقُلْ فِيهِمَا بَلْ قَالَ فِي الْمَآجِلِ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ قَلِيلِهَا وَكَثِيرِهَا، قَالَ عِيَاضٌ: وَلَا حُجَّةَ لِبَيِّنَتِهِ فِي هَذَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَكَلَّمَ عَلَى مَاجِلٍ وَاحِدٍ وَهُوَ يُمْكِنُ إذَا قُسِمَ وَكَانَ كَثِيرًا أَنْ يُصَيِّرَ مِنْهُ مَآجِلَ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُصَيِّرَ الْعَيْنَ عُيُونًا وَلَا الْبِئْرَ آبَارًا فَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ الْعَيْنَ الْوَاحِدَةَ وَالْبِئْرَ الْوَاحِدَةَ وَأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ قَسْمَ الْكَثِيرِ كَمَا، قَالَ سَحْنُونٌ وَمَنْ مَعَهُ، انْتَهَى. وَيَشْهَدُ لِقَوْلِ سَحْنُونٍ وَمَنْ مَعَهُ قَوْلُهُ فِي أَوَائِلِ الْقِسْمَةِ فَإِنْ وَرِثَ قَوْمٌ أَرَاضِيَ وَعُيُونًا كَثِيرَةً فَإِنْ أَرَادَ أَحَدُهُمْ قَسْمَ كُلِّ عَيْنٍ وَأَرْضٍ وَأَرَادَ غَيْرُهُ اجْتِمَاعَ حِصَّتِهِ مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ اسْتَوَتْ الْأَرْضُ فِي الْكَرْمِ وَالْعُيُونُ فِي الْغَرَرِ قُسِمَتْ كُلُّ أَرْضٍ وَعُيُونُهَا عَلَى حِدَةٍ، انْتَهَى.
ص (وَمُنِعَ اشْتِرَاءُ الْخَارِجِ)
ش: قَالَ الشَّارِحُ: يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَجْنَبِيٍّ أَنْ يَشْتَرِيَ مَا يَخْرُجُ لِأَحَدِهِمْ بِالسَّهْمِ وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْخَارِجِ وَهَكَذَا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَزَادَ؛ لِأَنَّهُ لَا شِرْكَ لَهُ فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا جَازَ مَا أَخْرَجَ السَّهْمُ فِي تَمْيِيزِ حَظِّ الشَّرِيكِ خَاصَّةً؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ عِنْدَ مَالِكٍ بِالْقُرْعَةِ لَيْسَتْ مِنْ الْبُيُوعِ، انْتَهَى. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُوهِمُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلشَّرِيكِ اشْتِرَاءُ الْخَارِجِ وَكَذَلِكَ لَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا أَرَادَ التَّفْرِقَةَ بَيْنَ جَوَازِ الْقِسْمَةِ فِي تَمْيِيزِ حَظِّ كُلِّ وَاحِدٍ وَعَدَمِ جَوَازِ الْبَيْعِ، قَالَ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ: هَذَا جَوَابُ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ كَأَنَّهُ قِيلَ: لِمَ أَجَزْت مَا أَخْرَجَ السَّهْمُ بِالْقَسْمِ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ وَلَمْ تُجِزْهُ لِأَجْنَبِيٍّ وَكِلَاهُمَا مَبِيعٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَقَاسِمَيْنِ بَاعَ بَعْضَ نَصِيبِهِ بِبَعْضِ نَصِيبِ الْآخَرِ وَذَلِكَ مِثْلُ قِسْمَةِ الْمَجْهُولِ؛ إذْ لَا يَدْرِي أَيُّهُمَا يَصِيرُ لَهُ وَمَا قَدْرُهُ كَالْأَجْنَبِيِّ، فَقَالَ: وَإِنْ كَانَتْ الْقِسْمَةُ عِنْدَ مَالِكٍ بَيْعًا فَإِنَّ الْقِسْمَةَ تُفَارِقُ الْبَيْعَ فِي بَعْضِ الْحَالَاتِ وَقَوْلُهُ؛ إذْ لَا شَرِكَةَ لَهُ إنَّمَا ذُكِرَ هَذَا التَّفْرِيقُ بَيْنَ الشَّرِيكِ وَالْأَجْنَبِيِّ وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِلشَّرِيكِ شِرَاءُ مَا يَخْرُجُ بِالسَّهْمِ لِشَرِيكِهِ، انْتَهَى. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (فَإِنْ تَفَاحَشَ أَوْ ثَبَتَ نُقِضَتْ)
ش: أَيْ ثَبَتَ الْجَوْرُ وَالْغَلَطُ، قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْقِسْمَةِ، قَالَ الْبَاجِيُّ فِي وَثَائِقِهِ: إنَّمَا يَرْجِعُ بِالْغَبْنِ فِي الْقُرْبِ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ، قَالَ بَعْضُ الْأَنْدَلُسِيِّينَ: وَأَمَّا مَا يُقَامُ بِالْغَبْنِ فِيمَا قَرُبَ وَأَمَّا مَا بَعُدَ أَمْرُهُ وَطَالَ تَارِيخُهُ فَلَا يُقَامُ فِيهِ بِغَبْنٍ، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ سَهْلٍ عَنْ أَبِي إبْرَاهِيمَ: وَحَدُّ ذَلِكَ الْعَامِ وَيُفِيتُهُ أَيْضًا الْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ أَيْضًا: وَإِذَا ثَبَتَ الْغَبْنُ فِي الْقِسْمَةِ اُنْتُقِضَتْ مَا لَمْ تَفُتْ الْأَمْلَاكُ بِبِنَاءٍ أَوْ هَدْمٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ الْفَوَاتِ فَإِنْ فَاتَتْ الْأَمْلَاكُ بِمَا ذَكَرْنَا رَجَعَا فِي ذَلِكَ إلَى الْقِيمَةِ يَقْتَسِمُونَهَا وَإِنْ فَاتَ بَعْضُهُ وَبَقِيَ سَائِرُهُ عَلَى حَالِهِ اُقْتُسِمَ مَا لَمْ يَفُتْ مَعَ قِيمَةِ مَا فَاتَ، انْتَهَى.
ص (كَالْمُرَاضَاةِ إنْ أَدْخَلَا مُقَوِّمًا)
ش: نَحْوُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ نَقَلَهَا أَبُو الْحَسَنِ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ وَنَصُّهَا: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَإِذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا الْغَلَطَ بَعْدَ الْقَسْمِ فَإِنْ قَسَّمُوا بِالتَّرَاضِي بِلَا سَهْمٍ وَهُمْ حَائِزٌ وَالْأَمْرُ فَلَا يُنْظَرُ إلَى دَعْوَى ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْغَلَطُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَمْرٍ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّهُ كَبَيْعِ التَّسَاوُمِ يَلْزَمُ فِيهِ التَّغَابُنُ وَإِنْ قُسِمَ بِالسَّهْمِ عَلَى تَعْدِيلِ الْقَسْمِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ يَتَفَاحَشُ الْغَلَطُ فَتُرَدُّ فِيهِ الْقِسْمَةُ كَبَيْعِ الْمُرَابَحَةِ، قَالَ أَبُو عِمْرَانَ: إنَّمَا يَصِحُّ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ عَلَى وَجْهٍ وَهُوَ إذَا تَوَلَّوْا الْقِسْمَةَ بِأَنْفُسِهِمْ وَأَمَّا إنْ أَدْخَلُوا بَيْنَهُمْ مَنْ يُقَوِّمُ لَهُمْ ثُمَّ ظَهَرَ فِيهَا الْغَبْنُ فُسِخَتْ الْقِسْمَةُ بَيْنَهُمْ؛ لِأَنَّا وَإِنْ سَمَّيْنَاهُ تَرَاضِيًا فَلَمْ يَدْخُلُوا فِيهِ إلَّا عَلَى التَّسَاوِي، انْتَهَى.
وَظَاهِرُهَا أَنَّ الشُّرَكَاءَ إذَا لَمْ يُدْخِلُوا مُقَوِّمًا وَإِنَّمَا قَوَّمُوا لِأَنْفُسِهِمْ أَنَّهُ لَا يُقَامُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute