وَالدَّابَّةِ وَالدَّارِ إذَا لَمْ تَنْقَسِمْ، وَإِنْ لَمْ يَدْعُ إلَى الْبَيْعِ، وَرَضِيَ بِبَقَاءِ الشَّرِكَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَدُّ الْكِرَاءِ، وَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ تَنْقَسِمُ وَدَعَا الشَّرِيكُ إلَى قِسْمَةِ الْمَنَافِعِ كَانَ ذَلِكَ لَهُ وَقُسِمَتْ بِالْقُرْعَةِ فَمَا صَارَ لِلْمُكْرِي أَخَذَهُ الْمُكْتَرِي، وَإِنْ أَرَادَ الْمُكْرِي أَنْ يَقْسِمَ بِالتَّرَاضِي كَانَ لِلْمُكْتَرِي مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ دَعَا الشَّرِيكُ إلَى قَسْمِ الرِّقَابِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ، وَمِنْ حَقِّ الْمُكْتَرِي أَنْ يَقْسِمَ بِالْقُرْعَةِ فَمَا صَارَ لِلْمُكْرِي كَانَ حَقُّ الْمُكْتَرِي فِيهِ، وَإِنْ اعْتَدَلَتْ قِسْمَةُ الْمَنَافِعِ مَعَ قِسْمَةِ الرِّقَابِ كَانَ ذَلِكَ لِلْمُكْتَرِي، فَإِنْ كَانَ الَّذِي صَارَ لِلْمُكْرِي أَقَلَّ مِنْ النِّصْفِ بِمَا لَا ضَرَرَ عَلَى الْمُكْتَرِي فِيهِ حَطَّهُ مِنْ الْكِرَاءِ بِقَدْرِهِ، وَإِنْ صَارَ لَهُ أَكْثَرُ، وَأَمْكَنَ أَنْ يُمَيِّزَ ذَلِكَ الْقَدْرَ الزَّائِدَ فَعَلَ، وَانْتَفَعَ بِهِ الْمُكْرِي، وَإِنْ كَانَ لَا يَتَمَيَّزُ، وَلَا يُصَابُ فِيهِ مَسْكَنٌ بِانْفِرَادِهِ بَقِيَ لِلْمُكْتَرِي، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ: كُنْتُ فِي مَنْدُوحَةٍ عَنْهُ، وَلَا حَاجَةَ لِي فِيهِ انْتَهَى.
(الثَّانِي:) لَمْ يَذْكُرْ الْمُؤَلِّفُ مِنْ شُرُوطِ الْمَنْفَعَةِ أَنْ تَكُونَ مَمْلُوكَةً، وَكَذَا ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ، وَذَكَرَهُ الْقَرَافِيُّ، وَقَالَ احْتِرَازًا مِنْ الْأَوْقَافِ وَالرَّبْطِ وَمَوَاضِعِ الْجُلُوسِ مِنْ الْمَسَاجِدِ وَالطُّرُقَاتِ وَالْمَدَارِسِ وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَمْلُوكَ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ كُلِّهَا الِانْتِفَاعُ دُونَ الْمَنْفَعَةِ (فَرْعٌ:) يَتَفَرَّعُ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ كِرَاءُ دُورِ مَكَّةَ وَنُقِلَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ عَنْ مَالِكٍ فِيهَا أَرْبَعُ رِوَايَاتٍ: الْجَوَازُ وَالْمَنْعُ وَالْكَرَاهَةُ فِي أَيَّامِ الْمَوْسِمِ، وَلَا خِلَافَ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّهَا فُتِحَتْ عَنْوَةً وَانْظُرْ الْكَلَامَ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُشْبَعًا فِي حَاشِيَتِي عَلَى الْمَنَاسِكِ قَالَ الْقَرَافِيُّ تَنْبِيهٌ: مُقْتَضَى هَذِهِ الْمَبَاحِثِ أَنْ يُحَرَّمَ كِرَاءُ دُورِ مِصْرَ وَأَرْضِهَا؛ لِأَنَّ مَالِكًا صَرَّحَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّهَا فُتِحَتْ عَنْوَةً وَيَلْزَمُ عَلَى ذَلِكَ تَخْطِئَةُ الْقُضَاةِ فِي إثْبَاتِ الْأَمْلَاكِ وَعُقُودِ الْإِجَارَاتِ وَالْقَاعِدَةُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهَا أَنَّ مَسَائِلَ الْخِلَافِ إذَا اتَّصَلَ بِبَعْضِهَا قَضَاءُ حَاكِمٍ تَعَيَّنَ ذَلِكَ الْقَوْلُ وَارْتَفَعَ الْخِلَافُ، فَإِذَا قَضَى حَاكِمٌ بِثُبُوتِ مِلْكِ أَرْضِ الْعَنْوَةِ ثَبَتَ الْمِلْكُ وَارْتَفَعَ الْخِلَافُ وَتَعَيَّنَ مَا حَكَمَ بِهِ الْحَاكِمُ، وَهَذَا التَّقْرِيرُ يَطَّرِدُ فِي مَكَّةَ وَمِصْرَ وَغَيْرِهِمَا انْتَهَى.
ص (وَلَوْ مُصْحَفًا)
ش: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَتَجُوزُ إجَارَةُ الْمُصْحَفِ لِجَوَازِ بَيْعِهِ، وَأَجَازَ بَيْعَهُ كَثِيرٌ مِنْ التَّابِعِينَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا لَمْ يَجْعَلْهُ مَتْجَرًا، أَمَّا مَا عَمِلْتَهُ بِيَدِكَ فَجَائِزٌ، وَتَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى كِتَابَتِهِ انْتَهَى.
أَبُو الْحَسَنِ اُنْظُرْ قَوْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ مَا لَمْ يَجْعَلْهُ مَتْجَرًا، هَلْ فَلَا يَجُوزُ أَوْ يَكْرَهُ؟ انْتَهَى.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَأَرْضًا غَمَرَ مَاؤُهَا وَنَدَرَ انْكِشَافُهُ)
ش: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي كِرَاءِ الدُّورِ وَالْأَرَضِينَ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَنَصُّهَا: وَمَنْ اكْتَرَيْت مِنْهُ أَرْضَهُ الْغَرِقَةَ بِكَذَا إنْ انْكَشَفَ عَنْهَا الْمَاءُ، وَإِلَّا فَلَا كِرَاءَ بَيْنَكُمَا جَازَ إذَا لَمْ تَنْقُدْ، وَلَا يَجُوزُ النَّقْدُ إلَّا أَنْ يُوقِنَ بِانْكِشَافِهَا قَالَ غَيْرُهُ: إنْ خِيفَ أَنْ لَا يَنْكَشِفَ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ أَبُو الْحَسَنِ اُنْظُرْهُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ: تَحْصِيلُ مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ جَوَازُ الْعَقْدِ كَانَتْ الْأَرْضُ أَرْضَ مَطَرٍ، أَوْ نِيلٍ أَوْ غَيْرَهُمَا مَأْمُونَةً، أَوْ غَيْرَ مَأْمُونَةٍ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى جَوَازِ النَّقْدِ وَوُجُوبِهِ فَمَا كَانَ مِنْ الْأَرْضِ مَأْمُونًا كَأَرْضِ النِّيلِ وَالْمَطَرِ الْمَأْمُونَةِ وَأَرْضِ السَّقْيِ بِالْعُيُونِ الثَّابِتَةِ وَالْآبَارِ الْمُعَيَّنَةِ فَالنَّقْدُ فِيهَا لِلْأَعْوَامِ الْكَثِيرَةِ جَائِزٌ، وَمَا كَانَ مِنْهَا غَيْرَ مَأْمُونٍ فَلَا يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهِ إلَّا بَعْدَ أَنْ تُرْوَى، وَيُتَمَكَّنَ مِنْ الْحَرْثِ كَانَتْ مِنْ أَرْضِ النِّيلِ أَوْ الْمَطَرِ، أَوْ السَّقْيِ بِالْعُيُونِ وَالْآبَارِ، وَأَمَّا وُجُوبُ النَّقْدِ فَيَجِبُ عِنْدَهُ فِي أَرْضِ النِّيلِ إذَا رُوِيَتْ؛ إذْ لَا يُحْتَاجُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَأَمَّا غَيْرُهَا فَلَا يَجِبُ فِيهَا النَّقْدُ حَتَّى يَتِمَّ الزَّرْعُ وَيُسْتَغْنَى عَنْ الْمَاءِ انْتَهَى.
ص (وَشَجَرٌ لِتَجْفِيفِ الْمُلَابِسِ عَلَيْهَا عَلَى الْأَحْسَنِ)
ش: الْأَحْسَنُ هُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: تَبِعَ ابْنُ الْحَاجِبِ ابْنَ شَاسٍ فِي حِكَايَةِ الْقَوْلَيْنِ وَقَبِلَهُ شَارِحُوهُ، وَلَا أَعْرِفُ الْقَوْلَ بِالْمَنْعِ وَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ: الْجَوَازُ كَإِجَارَةِ مَصَبِّ مِرْحَاضٍ وَحَائِطٍ لِحَمْلِ خَشَبٍ انْتَهَى.
ص (لَا لِأَخْذِ ثَمَرَتِهِ)
ش: أَيْ الشَّجَرِ، وَهَذَا رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ بِلَا اسْتِيفَاءِ عَيْنٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute