فَلِلْمُكْتَرِي إنْفَاقُ قَدْرِهِ، وَيَتْبَعُهُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ فَلَهُ إنْفَاقُ حِصَّتِهَا، وَلَا يُنْفِقُ عَلَيْهَا شَيْئًا مِنْ حِصَّةِ الْأُولَى، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَزْرَعَهَا فَقَالَ أَشْهَبُ: لَا شَيْءَ عَلَى رَبِّهَا، وَلِلْمُكْتَرِي أَنْ يَفْسَخَ، فَإِنْ أَنَفَقَ مِنْ عِنْدِهِ فَلِرَبِّ الْأَرْضِ كِرَاؤُهُ كَامِلًا، وَلَا شَيْءَ لِلْمُكْتَرِي فِيمَا أَنْفَقَ إلَّا فِي نَقْصٍ قَائِمٍ مِنْ حَجَرٍ وَنَحْوِهِ يُعْطِيهِ قِيمَتَهُ مَنْقُوضًا، أَوْ يَأْمُرُهُ بِقَلْعِهِ (قُلْت:) يَجْرِي الْحُكْمُ بِأَنَّ لَهُ ذَلِكَ، وَلَوْ كَرِهَ رَبُّ الْأَرْضِ، أَوْ يَأْمُرُهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي ذَهَابِ الرَّحَى بِسَيْلٍ، أَوْ قِيمَةَ النَّقْضِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي بِنَاءِ الْمُكْتَرِي بِإِذْنِ رَبِّ الدَّارِ، أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ انْتَهَى.
ص (وَإِنْ تَزَوَّجَ ذَاتَ بَيْتٍ، وَلَوْ بِكِرَاءٍ فَلَا كِرَاءَ إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ) ش قَالَ فِي كِتَابِ كِرَاءِ الدُّورِ وَالْأَرَضِينَ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ نَكَحَ امْرَأَةً، وَهِيَ فِي بَيْتٍ اكْتَرَتْهُ سَنَةً فَدَخَلَ بِهَا فِيهِ، وَسَكَنَا بَاقِيَ الْمُدَّةِ فَلَا كِرَاءَ لَهَا عَلَيْهِ، وَلَا لِرَبِّهَا، وَهِيَ كَدَارٍ تَمْلِكُهَا هِيَ إلَّا أَنْ تُبَيِّنَ لَهُ أَنِّي بِالْكِرَاءِ فَإِمَّا أُدِّيَتْ أَوْ خَرَجَتْ، قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ: قَالَ اللَّخْمِيُّ: يُرِيدُ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْمُكَارَمَةِ، وَإِنْ كَانَ يَسْكُنُ بِهَا فِي مَسْكَنٍ لِأَبِيهَا، أَوْ أُمِّهَا كَانَ كَمَسْكَنِهَا لَا شَيْءَ لَهُمَا عَنْ مُدَّةِ مَا كَانَتْ فِي الْعِصْمَةِ، وَأَمَّا الْأَخُ وَالْعَمُّ فَالْأَمْرُ فِيهِمَا مُشْكِلٌ فَيَحْلِفُ وَيَسْتَحِقُّ إلَّا أَنْ تَطُولَ الْمُدَّةُ وَالسُّنُونَ، وَهُوَ لَا يَتَكَلَّمُ، وَمِثْلُهُ إذَا سَكَنَ عِنْدَ أَبَوَيْهِ، ثُمَّ طَلَبَا الْكِرَاءَ فَلَا شَيْءَ لَهُمَا، وَذَلِكَ لِأَخِيهِ وَعَمِّهِ إنْ لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ لَهُمَا عَلَى الْمُكَارَمَةِ انْتَهَى. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَالْقَوْلُ لِلْأَجِيرِ أَنَّهُ وَصَلَّ كِتَابًا)
ش: قَالَ فِي كِرَاءِ الدَّوَابِّ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ أَجَّرْت رَجُلًا عَلَى تَبْلِيغِ كِتَابٍ مِنْ مِصْرَ إلَى إفْرِيقِيَّةَ بِكَذَا فَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْصَلْته وَأَكْذَبَتْهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ: فِي أَمَدٍ يَبْلُغُ فِي مِثْلِهِ؛ لِأَنَّكَ ائْتَمَنْتَهُ عَلَيْهِ، وَعَلَيْكَ دَفْعُ كِرَائِهِ، وَكَذَلِكَ الْحُمُولَةُ كُلُّهَا، وَقَالَ غَيْرُهُ: عَلَى الْمُكْرِي الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ أَوْفَاهُ حَقَّهُ، وَبَلَّغَهُ غَايَتَهُ انْتَهَى.
وَقَوْلُهُ: فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي أَمَدٍ يَبْلُغُ فِي مِثْلِهِ يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ بَعْدَ أَنْ أَشْبَهَ فَإِنَّهُ عَائِدٌ إلَى الْفُرُوعِ الْأَرْبَعَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ: جَعَلَ الْقَوْلَ قَوْلَهُ، وَإِنْ كَانَتْ ذِمَّتُهُ عَامِرَةً بِمَا دَفَعَ فَصَدِّقْهُ فِي أَدَائِهَا ابْنُ يُونُسَ كَوَكِيلِ الْبَيْعِ يَقُولُ: بِعْت وَيَقُولُ الْمُوَكِّلُ: لَمْ تَبِعْ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: وَلَعَلَّ ابْنَ الْقَاسِمِ إنَّمَا أَرَادَ أَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتٍ؛ لِأَنَّهُ عُرْفٌ عِنْدَهُمْ أَوْ لِتَعَذُّرِ ذَلِكَ فَصَارَ كَالْمُشْتَرِطِ أَنْ يُصَدَّقَ فِي قَوْلِهِ: أَوْصَلْتَهُ، وَإِلَّا فَهُوَ إدْخَالٌ فِي ذِمَّةِ الَّذِي أُرْسِلَ إلَيْهِ وَانْظُرْ مِثْلَ هَذَا مَا قَالَ فِي كِرَاءِ الدُّورِ فِي مَسْأَلَةِ الدَّمِ، وَفِي كِتَابِ الْوَكَالَاتِ فِي مَسْأَلَةِ اللُّؤْلُؤِ وَانْظُرْ خِلَافَهَا مَسْأَلَةَ الصُّبْرَةِ فِي الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ وَمَسْأَلَةَ الْغَرَائِرِ فِي السَّلَمِ الثَّانِي، وَانْظُرْ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ هَذَا الرَّسُولُ يَقُولُ: دَفَعْت الْبِضَاعَةَ مِنْ كِتَابِ الشَّهَادَاتِ، وَفِي تَضْمِينِ الصُّنَّاعِ، وَفِي كِتَابِ الْوَكَالَاتِ، وَفِي غَيْرِ مَا مَوْضِعٍ مِنْ الْكِتَابِ وَانْظُرْ وَكِيلَ الْبَيْعِ فِي الْمُسَاقَاةِ، وَفِي الْأَيْمَانِ بِالطَّلَاقِ، وَانْظُرْهَا فِي النِّكَاحِ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute