للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النُّكَتِ وَالتُّونُسِيُّ وَاللَّخْمِيُّ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فَجَعَلَ رَبَّ الثَّوْبِ تَارَةً يُرِيدُ أَخْذَهُ وَتَارَةً يُرِيدُ تَضْمِينَ الصُّنَّاعِ قِيمَتَهُ فَقَالَ: إنْ أَرَادَ أَخْذَهُ دَفَعَ قِيمَةَ الصَّبْغِ، ثُمَّ يُنْظَرُ، فَإِنْ زَادَتْ دَعْوَى الصَّانِعِ عَلَى قِيمَةِ الصَّبْغِ حَلَفَ رَبُّ الثَّوْبِ لِيَسْقُطَ عَنْهُ الزَّائِدُ عَلَى قِيمَةِ الصَّبْغِ مِنْ التَّسْمِيَةِ الَّتِي ادَّعَى الصَّانِعُ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ بِيَمِينٍ إلَى آخِرِهِ، وَقَوْلُهُ: بِيَمِينٍ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ أَخَذَهُ بِيَمِينٍ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: إنْ زَادَتْ دَعْوَى الصَّانِعِ عَلَيْهَا أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ دَعْوَاهُ مُسَاوِيَةً لَهَا، أَوْ أَقَلَّ أَخَذَهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَأَمَّا إنْ اخْتَارَ رَبُّ الثَّوْبِ تَضْمِينَ الصَّانِعِ فَإِنَّهُ يُقَالُ لِلصَّانِعِ: ادْفَعْ لَهُ قِيمَةَ الثَّوْبِ أَبْيَضَ، فَإِنْ فَعَلَ فَلَا يَمِينَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَإِنْ امْتَنَعَ حَلَفَا وَاشْتَرَكَا، وَكَيْفِيَّةُ حَلِفِهِمَا أَنْ يُبْدَأَ بِرَبِّ الثَّوْبِ فَيُقَالَ: احْلِفْ لَهُ أَنَّكَ لَمْ تَسْتَعْمِلْهُ، فَإِذَا حَلَفَ قِيلَ لِلصَّانِعِ: احْلِفْ أَنَّهُ اسْتَعْمَلَكَ، وَإِلَّا ادْفَعْ قِيمَةَ الثَّوْبِ أَبْيَضَ، فَإِنْ حَلَفَ قِيلَ لِرَبِّهِ: ادْفَعْ قِيمَةَ عَمَلِهِ وَخُذْهُ، فَإِنْ أَبَى قِيلَ لِلصَّانِعِ: ادْفَعْ إلَيْهِ قِيمَةَ ثَوْبِهِ غَيْرَ مَعْمُولٍ، فَإِنْ أَبَى كَانَا شَرِيكَيْنِ هَذَا بِقِيمَةِ ثَوْبِهِ غَيْرَ مَعْمُولٍ، وَهَذَا بِقِيمَةِ عَمَلِهِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُدَّعٍ عَلَى صَاحِبِهِ، قَالَ جَمِيعَ ذَلِكَ فِي التَّوْضِيحِ (تَنْبِيهٌ:) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَكَذَلِكَ إنْ ادَّعَى أَنَّ الصَّانِعَ سَرَقَهُ مِنْهُ إلَّا أَنَّهُ إنْ كَانَ الصَّانِعُ مِمَّنْ لَا يُشَارُ إلَيْهِ بِذَلِكَ عُوقِبَ رَبُّ الثَّوْبِ، وَإِلَّا لَمْ يُعَاقَبْ انْتَهَى.

ص (لَا إنْ تَخَالَفَا فِي لَتِّ السَّوِيقِ، وَأَبَى مِنْ دَفْعِ مَا قَالَهُ يَكْرُهُ فَمِثْلُ سَوِيقِهِ)

ش: قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ عَنْ عِيَاضٍ: لَتُّ السَّوِيقِ بِالتَّاءِ بِاثْنَتَيْنِ مِنْ فَوْقٍ هُوَ بَلُّهُ بِالسَّمْنِ وَنَحْوِهِ انْتَهَى.

وَيُشِيرُ الْمُؤَلِّفُ إلَى قَوْلِهِ فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ لَتَّ سَوِيقًا بِسَمْنٍ، وَقَالَ لِرَبِّهِ أَمَرْتَنِي أَنْ أَلُتَّهُ لَكَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، وَقَالَ لَهُ: لَمْ آمُرْك أَنْ تَلُتَّهُ قِيلَ لِصَاحِبِ السَّوِيقِ: إنْ شِئْت فَاغْرَمْ لَهُ مَا قَالَ، وَخُذْ السَّوِيقَ مَلْتُوتًا، فَإِنْ أَبَى قِيلَ لِلَّاتِّ: اغْرَمْ لَهُ مِثْلَ سَوِيقَةِ غَيْرَ مَلْتُوتٍ، وَإِلَّا فَأَسْلِمْهُ إلَيْهِ بِلُتَاتِهِ، وَلَا شَيْءَ لَكَ، وَلَا يَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ فِي الطَّعَامِ لِوُجُودِ مِثْلِهِ، وَقَالَ غَيْرُهُ إذَا امْتَنَعَ رَبُّ السَّوِيقِ أَنْ يُعْطِيَهُ مَا لَتَّهُ بِهِ قُضِيَ لَهُ عَلَى اللَّاتِّ بِمِثْلِ سَوِيقِهِ غَيْرَ مَلْتُوتٍ انْتَهَى.

أَبُو الْحَسَنِ مَسْأَلَةُ السَّوِيقِ هَذِهِ دَائِرَةٌ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ رَبُّهُ أَوْدَعْتُك إيَّاهُ، أَوْ يَقُولَ: سُرِقَ مِنِّي فَقَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ: وَقَالَ رَبُّهُ: لَمْ آمُرْكَ بِلَتِّهِ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ، وَكَذَا لَفْظُهُ فِي الْأُمَّهَاتِ، وَنَقَلَهَا عَبْدُ الْحَقِّ بِلَفْظِ: وَقَالَ رَبُّهُ: مَا دَفَعْت إلَيْكَ شَيْئًا عَبْدُ الْحَقِّ فَهَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ فِي الثَّوْبِ: سُرِقَ مِنِّي، ثُمَّ ذَكَرَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَوْلَ الْغَيْرِ، وَهَلْ هُوَ وِفَاقٌ، أَوْ خِلَافٌ؟ وَالظَّاهِرُ: أَنَّ الْمُؤَلِّفَ حَمَلَهُ عَلَى الْخِلَافِ، وَتَرَكَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِتَرْجِيحِ غَيْرِهِ عِنْدَهُ اُنْظُرْ أَبَا الْحَسَنِ وَابْنَ يُونُسَ وَالنُّكَتَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَلَهُ وَلِلْجَمَّالِ بِيَمِينٍ إلَى قَوْلِهِ فَلِمُكْتَرِيهِ بِيَمِينٍ)

ش: قَالَ فِي كِتَابِ كِرَاءِ الرَّوَاحِلِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَإِنْ قَالَ الْمُكْتَرِي: دَفَعْت الْكِرَاءَ، وَأَكْذَبَهُ الْجَمَّالُ، وَقَدْ بَلَغَ الْغَايَةَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْجَمَّالِ إنْ كَانَتْ الْحُمُولَةُ بِيَدِهِ، أَوْ بَعْدَ أَنْ سَلَّمَهَا بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، وَمَا قَرُبَ، وَعَلَى الْمُكْتَرِي الْبَيِّنَةُ، وَكَذَلِكَ الْحَاجُّ إنْ قَامَ الْكَرِيُّ بَعْدَ بُلُوغِهِمْ مَا لَمْ يَبْعُدْ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ، فَإِنْ تَطَاوَلَ ذَلِكَ فَالْمُكْتَرِي مُصَدَّقٌ مَعَ يَمِينِهِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْجَمَّالُ بَيِّنَةً، وَكَذَلِكَ قِيَامُ الصُّنَّاعِ بِحِدْثَانِ رَدِّ الْمَتَاعِ، فَإِنْ قَبَضَ الْمَتَاعَ رَبُّهُ وَتَطَاوَلَ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَتَاعِ، وَعَلَيْهِ الْيَمِينُ انْتَهَى.

فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ: وَلَهُ أَيْ لِلْأَجِيرِ يُشِيرُ إلَى قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَكَذَلِكَ قِيَامُ الصُّنَّاعِ إلَى آخِرِهِ وَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ إلَّا لِطُولٍ فَلِمُكْتَرِيهِ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ مَسْأَلَةِ الْأَجِيرِ وَالْجَمَّالِ، وَإِطْلَاقُ الْمُكْتَرِي عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَعَلَى الْمُكْرِي سَائِغٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: قَوْلُهُ: فَإِنْ تَطَاوَلَ ذَلِكَ فَالْمُكْتَرِي مُصَدَّقٌ مَعَ يَمِينِهِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْجَمَّالُ الْبَيِّنَةَ ظَاهِرُهُ: أَنَّ الْجَمَّالَ يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْمُكْتَرِيَ لَمْ يُقَبِّضْهُ، وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ عَلَى إقْرَارِ الْمُكْتَرِي أَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْ إلَيْهِ شَيْئًا فَيُقْضَى بِهَا انْتَهَى.

وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ لَهُ رَاجِعًا لِرَبِّ الْأَرْضِ وَالدَّارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>