للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَمَّنْ لَهُ شِرْكٌ فِي دُورٍ وَنَخْلٍ مَعَ قَوْمٍ فَتَصَدَّقَ بِحِصَّتِهِ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَوْلَادِهِ أَوْ غَيْرِهِمْ صَدَقَةً مُحْبَسَةً وَمِنْهَا مَا يَنْقَسِمُ وَمِنْهَا مَا لَا يَنْقَسِمُ وَمِنْ الشُّرَكَاءِ مَنْ يُرِيدُ الْقِسْمَ؛ قَالَ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ مَا انْقَسَمَ فَمَا أَصَابَ الْمُتَصَدِّقُ مِنْهَا فَهُوَ عَلَى التَّحْبِيسِ وَمَا لَا يَنْقَسِمُ بِيعَ فَمَا أَصَابَ الْمُتَصَدِّقُ مِنْ الثَّمَنِ فِي حِصَّتِهِ اشْتَرَى بِهِ مَا يَكُونُ صَدَقَةً مُحْبَسَةً فِي مِثْلِ مَا سَبَّلَهَا فِيهِ الْمُتَصَدِّقُ وَاخْتُلِفَ هَلْ يُقْضَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ انْتَهَى.

وَبَعْضُهُ فِي ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَإِطْلَاقُ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ إجَازَتَهُ فِي الشَّائِعِ كَقَوْلِهَا فِي آخِرِ الشُّفْعَةِ. قَالَ مَالِكٌ إنْ حَبَسَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي دَارٍ حَظَّهُ مِنْهَا عَلَى رَجُلٍ وَوَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ فَبَاعَ شَرِيكُهُ حَظَّهُ مِنْهَا فَلَيْسَ لَهُ وَلَا لِلْمُحْبِسِ عَلَيْهِمْ أَخْذُهُ بِالشُّفْعَةِ إلَّا أَنْ يَأْخُذَهُ بِالْحَبْسِ فَيَجْعَلَهُ فِي مِثْلِ مَا جَعَلَ حَظَّهُ فِيهِ. اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَتْ الدَّارُ تَحْمِلُ الْقِسْمَ جَازَ الْحَبْسُ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَى شَرِيكِهِ بِذَلِكَ إنْ كَرِهَ الْبَقَاءَ عَلَى الشَّرِكَةِ قَاسَمَ (قُلْت) هَذَا عَلَى أَنَّ الْقَسْمَ تَمْيِيزُ حَقٍّ وَعَلَى أَنَّهُ بَيْعٌ يُؤَدِّي إلَى بَيْعِ الْحَبْسِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمَمْنُوعُ بَيْعُهُ مَا كَانَ مُعَيَّنًا لَا الْمَعْرُوضُ لِلْقَسْمِ لِأَنَّهُ كَالْمَأْذُونِ فِي بَيْعِهِ مِنْ مُحْبِسِهِ. قَالَ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَنْقَسِمُ فَلِلشَّرِيكِ رَدُّ الْحَبْسِ (قُلْت) وَمِثْلُهُ فِي نَوَازِلِ الشَّعْبِيِّ. قَالَ وَإِنْ كَانَ عُلُوٌّ وَسُفْلٌ لِرَجُلَيْنِ فَلِرَبِّ الْعُلُوِّ رَدُّ تَحْبِيسِ ذِي السُّفْلِ لِأَنَّهُ إنْ فَسَدَ مِنْهُ شَيْءٌ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُصْلِحُهُ وَلِرَبِّ السُّفْلِ رَدُّ تَحْبِيسِ ذِي الْعُلُوِّ لِلضَّرَرِ مَتَى وَهِيَ مِنْهُ مَا يُفْسِدُ سُفْلَهُ وَالْحَائِطُ كَالدَّارِ فِيمَا يَنْقَسِمُ وَمَا لَا يَنْقَسِمُ (قُلْت) وَمِثْلُ إطْلَاقِهَا فِي تَحْبِيسِ الشَّرِيكِ فِي الدَّارِ وَقَعَ فِي رَسْمٍ كُتِبَ عَلَيْهِ ذِكْرُ حَقٍّ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ الشُّفْعَةِ فَتَكَلَّمَ فِيهِ ابْنُ رُشْدٍ بِحُكْمِ الشُّفْعَةِ وَأَعْرَضَ عَنْ حُكْمِ الْحَبْسِ الْمُشَاعِ

وَلِابْنِ سَهْلٍ عَنْ ابْنِ زَرْبٍ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَنْ لَهُ حِصَّةٌ فِي دَارٍ لَا تَنْقَسِمُ فَحَبَسَهَا فَقَالَ بَعْضُهُمْ تَحْبِيسُهُ لَا يَنْفُذُ وَأَجَازَهُ بَعْضُهُمْ وَبِإِجَازَتِهِ أَقُولُ ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ ثُمَّ قَالَ قُلْت فِي جَوَازِ تَحْبِيسِ مُشَاعِ رُبْعٍ وَرِثُوهُ مُشْتَرَكٌ فِيهِ مُطْلَقًا وَوَقَفَهُ عَلَى إذْنِ شَرِيكِهِ فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ وَإِلَّا بَطَلَ ثَالِثُهَا يَجُوزُ مُطْلَقًا أَوْ يُجْعَلُ ثَمَنُ الْحَظِّ الْمُحْبَسِ مِمَّا لَا يَنْقَسِمُ مِثْلُ مَا حَبَسَهُ فِيهِ لِظَاهِرِهَا مَعَ ظَاهِرِ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَنَصَّ ابْنُ زَرْبٍ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَالْمَذْهَبِ وَابْنُ حَبِيبٍ مَعَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَيَتَخَرَّجُ الْقَوْلُ بِالْجَوَازِ فِي الْعُلُوِّ وَالسُّفْلِ انْتَهَى.

وَأَقْوَى الْأَقْوَالِ الثَّانِي لِجَعْلِهِ اللَّخْمِيَّ الْمَذْهَبَ ابْنُ عَرَفَةَ الْمُتَيْطِيُّ إنْ أَقَرَّ بَعْضُ الْوَرَثَةِ بِتَحْبِيسِ رُبْعٍ نَفَذَ إقْرَارُهُ فِي حَظِّهِ فَقَطْ (قُلْت) مِثْلُهُ فِي النَّوَادِرِ لِعَبْدِ الْمَلِكِ وَظَاهِرُهُ نُفُوذُهُ مُطْلَقًا وَلَوْ كَانَ فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِهِ مُطْلَقًا فِي تَحْبِيسِ الْمُشَاعِ وَاضِحٌ وَعَلَى وَقْفِهِ عَلَى إذْنِ شَرِيكِهِ فِيهِ نَظَرٌ. قَالَ وَأَشَدُّ مَا عَلَى الْمُنْكِرِ الْحَلِفُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ أَنَّ الْمُحْبَسَ حُبِسَ عَلَيْهِمْ (قُلْت) يُرِيدُ إنْ كَانَ مِمَّنْ يُظَنُّ بِهِ الْعِلْمُ. قَالَ وَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الْيَمِينِ لِأَنَّ الْحَبْسَ لَا يُمَلِّكُ مِلْكَ الْمَبِيعِ لِأَنَّ مَصِيرَهُ لِلْأَعْقَابِ وَالْمَرْجِعِ وَلَا يَحْلِفُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ وَلَوْ نَكَلَ إذَا رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَيْهِ لَمْ يَبْطُلْ الْحَبْسُ عَلَيْهِ بِنُكُولِهِ فَهَذِهِ وُجُوهٌ تَمْنَعُ رَدَّ الْيَمِينِ فِي الْحَبْسِ وَالْبَاجِيُّ اخْتَلَفَ هَلْ عَلَى الْمُنْكِرِ يَمِينٌ فَقَالَ بَعْضُهُمْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ وَبَعْضُهُمْ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ ابْنُ زَرْبٍ نَزَلَتْ فِي رَجُلٍ حَبَسَ مَالًا وَثَبَتَ حَوْزُهُ فَادَّعَى بَعْضُ وَرَثَتِهِ أَنَّ الْحَبْسَ رَجَعَ إلَيْهِ وَسَكَنَ فِيهِ حَتَّى مَاتَ وَأَرَادَ تَحْلِيفَ الْمُحْبَسِ عَلَيْهِمْ فَقُلْت لَا يَمِينَ عَلَيْهِمْ وَقَالَ بَعْضُ فُقَهَاءِ عَصْرِنَا عَلَيْهِمْ الْيَمِينُ وَهُوَ عِنْدِي خَطَأٌ انْتَهَى.

وَقَوْلُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْمَقَابِرُ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ اللَّخْمِيِّ ثُمَّ قَالَ يُرِيدُ بِالْمَقَابِرِ الْمُتَّخَذَةَ حَيْثُ يَجُوزُ اتِّخَاذُهَا سَمِعَ ابْنَ الْقَاسِمِ ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ السَّمَاعِ مُخْتَصَرًا وَلْنَأْتِ بِالسَّمَاعِ مِنْ أَصْلِهِ وَنَصُّهُ وَسُئِلَ عَنْ فِنَاءِ قَوْمٍ كَانُوا يَرْمُونَ فِيهِ وَفِيهِ عَرْضٌ لَهُمْ ثُمَّ إنَّهُمْ غَابُوا عَنْ ذَلِكَ فَاُتُّخِذَ مَقْبَرَةً ثُمَّ جَاءُوا فَقَالُوا نُرِيدُ أَنْ نُسَوِّيَ هَذِهِ الْمَقَابِرَ وَنَرْمِيَ عَلَى حَالِ مَا كُنَّا نَرْمِي فَقَالَ مَالِكٌ أَمَّا مَا قَدِمَ مِنْهَا فَأَرَى ذَلِكَ لَهُمْ وَأَمَّا كُلُّ شَيْءٍ جَدِيدٍ فَلَا أُحِبُّ لَهُمْ دَرْسَ ذَلِكَ. ابْنُ رُشْدٍ أَفْنِيَةُ الدُّورِ الْمُتَّصِلَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>