فَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَخْذِهَا وَتَرْكِهَا، انْتَهَى. وَزَادَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَذَلِكَ بِحَسَبِ مَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ مِنْ أَحَدِ الْخَوْفَيْنِ، انْتَهَى.
فَهَذَا الْأَخِيرُ تَقْيِيدٌ لِمَا أَطْلَقَهُ الْمُصَنِّفُ فِي نَقْلِ قِسْمِ الْوُجُوبِ بَلْ نَقَلَ الْقَرَافِيُّ عَنْ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ يَحْرُمُ أَخْذُهَا إذَا كَانَ الْإِمَامُ غَيْرَ مَأْمُونٍ إذَا أَنْشَدْت أَخْذَهَا، انْتَهَى. الثَّالِثُ قَوْلُهُ عَلَى الْأَحْسَنِ فِيهِ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ بِالْكَرَاهَةِ وَهُوَ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الشَّامِلِ (تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ وَمَا قَيَّدَهَا بِهِ وَهُوَ أَيْضًا أَعْنِي هَذَا الِاخْتِلَافَ فِيمَا عَدَا لُقَطَةِ الْحَاجِّ لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهَا وَمَعْنَى نَهْيِهِ عَنْهَا مَخَافَةُ أَنْ لَا يَجِدَهَا رَبُّهَا لِتَفَرُّقِ الْحَاجِّ فِي بُلْدَانِهِمْ الْمُخْتَلِفَةِ فَتَبْقَى فِي ضَمَانِهِ فَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَلْتَقِطَ لُقَطَةَ الْحَاجِّ لِلنَّهْيِ الْوَارِدِ فِي ذَلِكَ عَنْ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَإِنْ الْتَقَطَهَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ تَعْرِيفِهَا مَا يَجِبُ فِي سِوَاهَا، انْتَهَى.
وَهَذَا - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - فِي غَيْرِ الْمَحَلِّ الَّذِي يَجِبُ فِيهِ الِالْتِقَاطُ بَلْ صَرِيحُ كَلَامِهِ أَنَّهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّهُ تَقْيِيدٌ لِلثَّلَاثَةِ الْأَقْوَالِ وَهِيَ إنَّمَا هِيَ فِي غَيْرِ قِسْمِ الْوُجُوبِ فَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَإِلَّا كُرِهَ إلَّا أَنَّ الْكَرَاهَةَ فِيهَا أَقْوَى فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(التَّنْبِيهُ الثَّانِي) قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بَعْدَ أَنْ حَكَى الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ: وَالْأَظْهَرُ إنْ كَانَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْحِفْظِ أَنْ يَجِبَ الِالْتِقَاطُ وَلَا يُعَدُّ عِلْمُهُ بِخِيَانَةِ نَفْسِهِ مَانِعًا وَأَحْرَى خَوْفُهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ تَرْكُ الْخِيَانَةِ وَالْحِفْظُ لِلْمَالِ الْمَعْصُومِ وَقُصَارَى الْأَمْرِ أَنَّ مَنْ يَأْمَنُ عَلَى نَفْسِهِ الْخِيَانَةَ فَقَدْ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ الْخِطَابُ بِالْحِفْظِ وَحْدَهُ وَمَنْ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ الْخِيَانَةَ وَجَبَ عَلَيْهِ أَمْرَانِ الْحِفْظُ وَتَرْكُ الْخِيَانَةِ وَبَعْدَ تَسْلِيمِ هَذَا فَالْأَظْهَرُ مِنْ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ الِاسْتِحْبَابُ أَوْ الْوُجُوبُ لَوْ قِيلَ بِهِ لِوُجُوبِ إعَانَةِ الْمُسْلِمِ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَالْقُدْرَةِ عَلَى الْإِعَانَةِ، انْتَهَى.
وَكَلَامُهُ حَسَنٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (التَّنْبِيهُ الثَّالِثُ) قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: كُلُّ فِعْلٍ وَاجِبٍ أَوْ مَنْدُوبٍ لَا تَتَكَرَّرُ مَصْلَحَتُهُ بِتَكَرُّرِهِ كَإِنْقَاذِهِ الْغَرِيقَ أَوْ إزَاحَةِ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ فَهُوَ عَلَى الْكِفَايَةِ وَمَا تَتَكَرَّرَ مَصْلَحَتُهُ بِتَكَرُّرِهِ فَهُوَ عَلَى الْأَعْيَانِ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ فِي مُقَدَّمَةِ هَذَا الدِّيوَانِ فَعَلَى هَذَا يَتَّجِهُ الْأَخْذُ وَوُجُوبُهُ عِنْدَ تَعَيُّنِ هَلَاكِ الْمَالِ وَعِنْدَ تَعَيُّنِ الْهَلَاكِ بَيْنَ الْأُمَنَاءِ يَكُونُ فَرْضًا عَلَى الْكِفَايَةِ إذَا خَافُوا غَيْرَهُمْ عَلَى اللُّقَطَةِ وَمَنْدُوبًا فِي حَقِّ هَذَا الْمُعَيَّنِ بِخُصُوصِهِ كَمَا (قُلْتُ) فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَغَيْرِهَا أَصْلُهَا فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ، وَفِعْلُ هَذَا الْمُصَلِّي الْمَخْصُوصِ يُنْدَبُ ابْتِدَاءً فَإِذَا شَرَعَ اتَّصَفَ بِالْوُجُوبِ، انْتَهَى. فَتَأَمَّلْهُ
ص (وَتَعْرِيفُهُ سَنَةً إلَخْ)
ش: تَصَوُّرُهُ وَاضِحٌ (تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) يَجِبُ التَّعْرِيفُ عَقِبَ الِالْتِقَاطِ، قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَيَجِبُ تَعْرِيفُهَا سَنَةً عَقِيبَهُ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ، أَيْ: عَقِبَ الِالْتِقَاطِ وَظَاهِرُهُ لَوْ أَخَّرَ التَّعْرِيفَ يَضْمَنُ وَفِي اللَّخْمِيِّ إنْ أَمْسَكَهَا سَنَةً وَلَمْ يُعَرِّفْهَا ثُمَّ عَرَّفَهَا فَهَلَكَتْ ضَمِنَهَا، انْتَهَى. وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَقَيَّدَ بِالسَّنَةِ اهـ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَالضَّمِيرُ مِنْ قَوْلِهِ عَقِيبَهُ رَاجِعٌ إلَى الِالْتِقَاطِ الْمَفْهُومِ مِنْ السِّيَاقِ وَلَا يُؤَخِّرُ التَّعْرِيفَ فَإِنَّ ذَلِكَ دَاعِيَةٌ إلَى إيَاسِ رَبِّهَا فَلَا يَتَعَرَّضُ إلَى طَلَبِهَا فَإِنْ تَرَكَ تَعْرِيفَهَا حَتَّى طَالَ ضَمِنَهَا كَذَا قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ نَقَلْت كَلَامَهُ عَلَى مَا فَهِمْت، انْتَهَى. وَفِي مُعِينِ الْحُكَّامِ (فَرْعٌ) وَإِذَا أَمْسَكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute