وَثَائِقِ الْجَزِيرِيِّ فِي تَسْجِيلٍ بِنَقْضِ حُكْمِ قَضَاءِ قَاضٍ فَنَظَرَ فِيهِ فَتَبَيَّنَ لَهُ مِنْ خَطَئِهِ وَجَهْلِهِ بِالسُّنَّةِ مَا أَوْجَبَ فَسْخَ قَضَائِهِ عِنْدَ فُلَانٍ إذَا كَانَ لَمْ يَعْذِرْ إلَيْهِ أَوْ لَمْ يُصَرِّحْ بِأَسْمَاءِ الشُّهُودِ الَّذِينَ حَكَمَ بِهِمْ إذْ لَيْسَ ذَلِكَ جَائِزًا إذْ لَيْسَ بِمَشْهُورٍ بِالْعَدْلِ فِي الْحُكْمِ، انْتَهَى. فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْحُكْمَ قَبْلَ الْإِعْذَارِ لَا يَجُوزُ وَفِي الْبُرْزُلِيِّ فِي مَسَائِلِ الْأَقْضِيَةِ وَحَكَى ابْنُ فَرْحُونٍ مَسْأَلَةً طَوَّلَ فِيهَا مِنْ ابْتِيَاعٍ وَخُصُومَةٍ فِيهَا فَذَكَرَ فِيهَا أَنَّ حُكْمًا وَقَعَ بِغَيْرِ إعْذَارٍ فَاخْتُلِفَ فِيهِ فَذَهَبَ مُنْذِرُ بْنُ إِسْحَاقَ إلَى أَنَّ الْحُكْمَ بِغَيْرِ إعْذَارٍ غَيْرُ صَوَابٍ وَلَا هُوَ مِنْ وَجْهِ الْحَقِّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ مَنْ لَا يَجِبُ قَبُولُهُ وَلَيْسَ نَظَرُهُ بِحُجَّةٍ، قَالَ: وَفِيهِ ضَعْفٌ وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ: إذَا لَمْ يُكْتَبْ الْإِعْذَارُ فِي الْحُكْمِ وَزَعَمَ الْمَكْتُوبُ عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِ الْحَاكِمِ أَوْ عَزْلِهِ أَنَّهُ لَمْ يُمَكِّنْهُ مِنْ جُرْحِ الشَّاهِدِ فَلَا يُسْمَعُ مِنْهُ وَالْحُكْمُ مَاضٍ عَلَيْهِ وَقَالَ غَيْرُهُمَا: إنْ دُعِيَ إلَى الْإِعْذَارِ فَإِنَّهُ يُعْذَرُ إلَيْهِ وَذَلِكَ مِنْ حَقِّهِ فَإِنْ أَتَى بِمِدْفَعٍ نَظَرَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِمِدْفَعٍ مَضَى الْحُكْمُ بِالْإِعْذَارِ إلَيْهِ وَلَا يَسْتَأْنِفُ النَّظَرَ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْحُكْمِ لِغَفْلَةِ مَنْ غَفَلَ عَنْ تَتَبُّعِ حَقِّهِ، انْتَهَى. وَيُؤْخَذُ مِنْ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ سَمَاعِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْحَسَنِ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ أَنَّ الْغَائِبَ عَلَى حُجَّتِهِ وَلَهُ نَقْضُ الْحُكْمِ إذَا ظَهَرَ مَا يَنْقُضُهُ وَلَوْ لَمْ تُرْجَ لَهُ الْحُجَّةُ؛ لِأَنَّهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ لَمْ تُرْجَ لَهُ الْحُجَّةُ وَفِي أَثْنَاءِ شَرْحِ الْمَسْأَلَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ رَسْمِ طَلَّقَ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ طَلَاقِ السُّنَّةِ فِي تَعْلِيلِ الْمَسْأَلَةِ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ لَا يَجِبُ الْحُكْمُ بِهَا إلَّا بَعْدَ الْإِعْذَارِ إلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، انْتَهَى. وَانْظُرْ مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ فِي بَابِ مَا يُفْسَخُ فِيهِ حُكْمُ الْقَاضِي، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَنُدِبَ تَوْجِيهُ مُتَعَدِّدٍ فِيهِ) ش الضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِفِي يَعُودُ عَلَى الْإِعْذَارِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَأَعْذَرَ يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْقَاضِي إذَا وَجَّهَ مَنْ يَعْذُرُ إلَى أَحَدٍ فَلْيُوَجِّهْ إلَيْهِ مُتَعَدِّدًا، قَالَ فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ: يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ لَا يَحْكُمَ عَلَى أَحَدٍ حَتَّى يَعْذُرَ بِرَجُلٍ أَوْ رَجُلَيْنِ وَإِذَا أَعْذَرَ بِوَاحِدٍ أَجْزَأَهُ، انْتَهَى.
ص (وَمُوَجِّهِهِ)
ش: وَكَذَا لَا إعْذَارَ فِيمَنْ يُوَجِّهُهُ الْقَاضِي فِي الْإِعْذَارِ إلَى شَخْصٍ أَوْ غَيْرِهِ، قَالَ فِي تَبْصِرَةِ ابْنِ فَرْحُونٍ: (مَسْأَلَةٌ) قَالَ أَبُو إبْرَاهِيمَ وَلَا يُعْذِرُ الْقَاضِي فِيمَنْ أَعْذَرَ بِهِ إلَى مَشْهُودٍ عَلَيْهِ مِنْ امْرَأَةٍ أَوْ مَرِيضٍ لَا يَخْرُجَانِ (مَسْأَلَةٌ) وَلَا يُعْذِرُ فِي الشَّاهِدَيْنِ اللَّذَيْنِ يُوَجِّهُهُمَا لِحُضُورِ حِيَازَةِ الشُّهُودِ لِمَا شَهِدُوا فِيهِ مِنْ دَارٍ أَوْ عَقَارٍ وَقَالَ ابْنُ سَرَّى: سَأَلْت ابْنَ عَتَّابٍ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: لَا إعْذَارَ فِيمَنْ وُجِّهَ لِلْإِعْذَارِ وَأَمَّا الْمُوَجَّهَانِ لِلْحِيَازَةِ فَيُعْذَرُ فِيهِمَا وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِمَا.
(مَسْأَلَةٌ) وَكَذَلِكَ الشَّاهِدَانِ الْمُوَجَّهَانِ لِحُضُورِ الْيَمِينِ لَا يُحْتَاجُ إلَى تَسْمِيَتِهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَا إعْذَارَ فِيهِمَا عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ الْقَوْلِ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ أَقَامَهُمَا مَقَامَ نَفْسِهِ وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ الْإِعْذَارِ فِيهِمَا. (مَسْأَلَةٌ) وَكَذَلِكَ الشُّهُودُ الَّذِينَ يَحْضُرُونَ تَطْلِيقَ الْمَرْأَةِ وَأَخْذَهَا بِشَرْطِهَا فِي مَسَائِلِ الشُّرُوطِ فِي النِّكَاحِ لَا يُحْتَاجُ إلَى تَسْمِيَتِهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَا إعْذَارَ فِيهِمْ، انْتَهَى. قَالَ وَالِدِي - حَفِظَهُ اللَّهُ - وَلَعَلَّ الْمُؤَلِّفَ أَشَارَ إلَى جَمِيعِ ذَلِكَ وَمَا أَشْبَهَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute