للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انْتَهَى. وَفِي نَوَازِلِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الْبَضَائِعِ وَالْوَكَالَاتِ فِي شَرْحِ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ رُشْدٍ إذَا وَكَّلَ الْوَكِيلُ عَلَى طَلَبِ آبِقٍ فَأَدْرَكَهُ فِي يَدِ مُشْتَرٍ أَنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْ إيقَاعِ الْبَيِّنَةِ عَلَى أَنَّهُ لِلَّذِي وَكَّلَهُ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ وَكَّلَهُ عَلَى الْخُصُومَةِ فِيهِ وَهُوَ صَحِيحٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَتَعَدَّى مَا وَكَّلَ عَلَيْهِ وَيَتَجَاوَزُهُ إلَى غَيْرِهِ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَهِيَ مَسْأَلَةُ مَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ رَجُلٌ فِي شَيْءٍ بِيَدِهِ، فَقَالَ: هُوَ لِفُلَانٍ الْغَائِبِ فَنُقِلَ الْكَلَامُ الْمُتَقَدِّمُ عَنْ الْمَازِرِيِّ وَنَصُّهُ: وَلَوْ أَرَادَ مَنْ بِيَدِهِ الدَّارُ أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً بِمَلِكِ الْغَائِبِ يُعَارِضُ بِهَا بَيِّنَةَ الْمُدَّعِي وَلَمْ تَثْبُتْ لَهُ وَكَالَةٌ تُبِيحُ الْمُدَافَعَةَ فَفِي تَمْكِينِهِ مِنْ ذَلِكَ خِلَافٌ لِلْعُلَمَاءِ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ بِيَدِهِ وَدِيعَةٌ أَوْ عَارِيَّةٌ أَوْ إجَارَةٌ وَرَبُّهَا غَائِبٌ فَادَّعَاهَا رَجُلٌ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا لَهُ فَلْيُقْضَ لَهُ بِهَا؛ لِأَنَّ الْغَائِبَ يُقْضَى عَلَيْهِ بَعْدَ الِاسْتِينَاءِ إلَّا أَنْ يَكُونَ رَبُّهَا بِمَوْضِعٍ قَرِيبٍ فَيَتَلَوَّمُ لَهُ الْقَاضِي وَيَأْمُرُ أَنْ يَكْتُبَ إلَيْهِ حَتَّى يُقَدَّمَ، انْتَهَى. فَلَمْ يَجْعَلْ لِمَنْ بِيَدِهِ الْوَدِيعَةُ وَالْعَارِيَّةُ وَلَا الْمُسْتَأْجِرُ الْمُخَاصَمَةَ بَلْ قَضَى بِذَلِكَ عَلَى الْغَائِبِ الَّذِي أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ ذَلِكَ لَهُ، وَقَالَ فِي أَكْرِيَةِ الدُّورِ مِنْ تَبْصِرَةِ اللَّخْمِيِّ: وَإِنْ هَدَمَ الدَّارَ أَجْنَبِيٌّ سَقَطَ مَقَالُ الْمُكْتَرِي فِي ذَلِكَ الْكِرَاءِ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ فِي ضَمَانِ الْمُكْرِي حَتَّى يَقْبِضَهَا الْمُكْتَرِي وَيَكُونُ صَاحِبُ الدَّارِ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يُغَرِّمَ الْهَادِمَ قِيمَتَهَا عَلَى أَنْ لَا كِرَاءَ فِيهَا أَوْ يُغَرِّمَهُ قِيمَتَهَا مُسْتَثْنَاةَ الْمَنَافِعِ سَنَةً وَيَأْخُذَهُ بِالْمُسَمَّى الَّذِي أَكْرَى بِهِ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ كَانَ لَهُ عَلَى الْمُكْتَرِي أَبْطَلَهُ لَهُ بِهَدْمِهِ لِتِلْكَ الدَّارِ، انْتَهَى. فَجَعَلَ الْمُتَكَلِّمَ فِي ذَلِكَ لِمَالِكِ الدَّارِ وَلَمْ يَجْعَلْهُ لِمَالِكِ الْمَنَافِعِ وَهُوَ الْمُكْتَرِي؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ فِي ذِمَّةِ الْمُكْرِي يَسْتَوْفِيهِ مِنْهَا لِسُقُوطِ ذَلِكَ عَنْهُ بِالْهَدْمِ لِكَوْنِ الْمَنَافِعِ فِي ضَمَانِ الْمُكْرِي حَتَّى يَسْتَوْفِيَهَا الْمُكْتَرِي

، وَقَالَ فِي نَوَازِلِ ابْنِ رُشْدٍ فِي مَسَائِلِ الْبَيْعِ: (سُئِلَ) عَنْ أَصْحَابِ الْمَوَارِيثِ إذَا بَاعُوا شَيْئًا عَلَى أَنَّهُ لِبَيْتِ الْمَالِ فَقَامَ مَنْ أَثْبَتَ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّ هَذَا الْمَبِيعَ لِقَرِيبٍ مِنْهُ غَائِبٍ وَهُوَ حَيٌّ وَحَازَهُ عِنْدَ الْقَاضِي هَلْ يَفْسَخُ الْقَاضِي الْبَيْعَ وَيُوقِفُهُ لِلْغَائِبِ أَوْ يَبْقَى بِيَدِ الْمُبْتَاعِ حَتَّى يَقْدَمَ الْغَائِبُ فَأَجَابَ لَا يُمَكِّنُ الْقَاضِي الْقَرِيبَ مِنْ الْمُخَاصَمَةِ عَنْ قَرِيبِهِ الْغَائِبِ فِيمَا بَاعَهُ صَاحِبُ الْمَوَارِيثِ دُونَ وَكَالَةٍ وَإِنَّمَا يُمَكِّنُهُ مِنْ إثْبَاتِ حَقِّهِ فِي ذَلِكَ وَالتَّحْصِينِ لَهُ بِالْإِشْهَادِ عَلَيْهِ مَخَافَةَ أَنْ تَغِيبَ الْبَيِّنَةُ أَوْ تَتَغَيَّرَ، وَقَالَ فِي رَسْمِ الْأَقْضِيَةِ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ.

وَسَأَلْته عَنْ عَشِيرَةِ رَجُلٍ ذَكَرُوا أَنَّ رَجُلًا مِنْهُمْ بِالْأَنْدَلُسِ وَفِي يَدِ رَجُلٍ مِنْهُمْ لَهُ دَارٌ وَأَنَّهُ ادَّعَاهَا لِنَفْسِهِ وَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ لِصَاحِبِهِمْ فِي يَدَيْهِ حَقٌّ وَسَأَلُوهُ أَنْ يَأْذَنَ لَهُمْ فِي الْمُخَاصَمَةِ وَإِثْبَاتِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ بِحَقِّ الْغَائِبِ قَبْلَ هَلَاكِ مَنْ يَعْلَمُ ذَلِكَ وَيَشْهَدُ عَلَيْهِ هَلْ تَرَى أَنْ يَأْذَنَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ، قَالَ: لَا أَرَى ذَلِكَ إلَّا بِوَكَالَةٍ أَوْ أَمْرٍ يَعْرِفُهُ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: مِثْلُ هَذَا حَكَى ابْنُ حَبِيبٍ فِي الْوَاضِحَةِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ غَانِمٍ عَنْ مَالِكٍ وَمِنْ رِوَايَةِ أَصْبَغَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَزَادَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ قَالَ: فَإِنْ جَهِلَ الْقَاضِي فَأَمَرَهُ بِالْمُخَاصَمَةِ فَحَكَمَ عَلَيْهِ أَوَّلَهُ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلَا لَهُ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ مِثْلَهُ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُحَصَّلًا مُسْتَوْفًى فِي الرَّسْمِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا.

وَيُشِيرُ بِذَلِكَ إلَى مَا فِي رَسْمِ الْأَقْضِيَةِ الثَّالِثِ مِنْ السَّمَاعِ الْمَذْكُورِ وَنَصُّهُ: وَسَأَلْته عَنْ الرَّجُلِ يَمُوتُ وَيَتْرُكُ زَوْجَةً وَبِيَدِهَا مَالُهُ وَرِبَاعُهُ وَدَوَابُّهُ وَكُلُّ كَثِيرٍ لَهُ وَقَلِيلٍ وَلِلْهَالِكِ أَخٌ غَائِبٌ فَيَقُومُ ابْنُ الْأَخِ الْغَائِبِ فَيَقُولُ أَنَا أُثْبِتُ أَنَّ هَذَا الْمَالَ الَّذِي بِيَدِهَا كُلَّهُ لِعَمِّي وَلَيْسَ لَهَا مِنْهُ شَيْءٌ وَأَبِي وَارِثُهُ، فَإِذَا قُضِيَ بِهِ لِعَمِّي فَضَعُوهُ بِيَدِ عَدْلٍ وَلَا تَدْفَعُوهُ إلَيَّ أَوْ يَقُومُ فِي ذَلِكَ رَجُلٌ غَيْرُ ابْنِهِ فَيَقُولُ مِثْلَ مَقَالَتِهِ، فَقَالَ: أَمَّا الِابْنُ فَأَرَى أَنْ يُمَكَّنَ مِنْ ذَلِكَ فَإِذَا ثَبَتَ مَا قَالَ وُضِعَ عَلَى يَدِ عَدْلٍ فَأَمَّا الرَّجُلُ غَيْرُ ذَلِكَ فَلَا أَدْرِي مَا هَذَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ أَجَازَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ لِلِابْنِ أَنْ يُخَاصِمَ عَنْ أَبِيهِ الْغَائِبِ فِي رِبَاعِهِ وَحَيَوَانِهِ وَجَمِيعِ مَالِهِ دُونَ تَوْكِيلٍ، وَكَذَلِكَ الْأَبُ فِيمَا ادَّعَاهُ لِابْنِهِ وَقَعَ ذَلِكَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>