للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَؤُلَاءِ يُمَوِّنُهُ فَلَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَهُ وَتَجُوزُ شَهَادَةُ الرَّجُلِ لِشَرِيكِهِ الْمُفَاوِضِ إذَا شَهِدَ لَهُ فِي غَيْرِ التِّجَارَةِ إذَا كَانَ لَا يَجُرُّ لِنَفْسِهِ بِذَلِكَ شَيْئًا انْتَهَى. وَقَالَ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ مَنْ هُوَ فِي عِيَالِ الرَّجُلِ لَهُ وَكَذَلِكَ الْأَخُ وَالْأَجْنَبِيُّ إذَا كَانَا فِي عِيَالِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا فِي عِيَالِهِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا إذَا كَانَا مُبَرِّزَيْنِ فِي الْعَدَالَةِ فِي الْأَقْوَالِ وَالتَّعْدِيلِ. قَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ: الْمُبَرِّزُ بِكَسْرِ الرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ أَيْ ظَاهِرُ الْعَدَالَةِ سَابِقًا غَيْرَهُ مُتَقَدِّمًا، وَأَصْلُهُ مِنْ تَبْرِيزِ الْخَيْلِ فِي السَّبَقِ وَتَقَدُّمِ سَابِقِهَا وَهُوَ الْمُبَرِّزُ لِظُهُورِهِ وَبُرُوزِهِ أَمَامَهَا انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي أَوَّلِ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ الشَّهَادَاتِ: يُشْتَرَطُ التَّبْرِيزُ فِي الْعَدَالَةِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ سُئِلَ فِي مَرَضِهِ شَهَادَةً لِتُنْقَلَ عَنْهُ فَقَالَ: لَا أَعْلَمُهَا، ثُمَّ شَهِدَ بِهَا وَاعْتَذَرَ بِأَنَّهُ خَشِيَ فِي مَرَضِهِ عَدَمَ تَثَبُّتِهِ فِيهَا، وَمَنْ زَادَ فِي شَهَادَتِهِ أَوْ نَقَصَ بَعْدَ أَدَائِهَا، وَشَهَادَةُ الْأَخِ لِأَخِيهِ وَالْأَجِيرِ لِمَنْ اسْتَأْجَرَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِهِ وَشَهَادَةُ الْمَوْلَى لِمَنْ أَعْتَقَهُ وَشَهَادَةُ الصَّدِيقِ الْمُلَاطِفِ لِصَدِيقِهِ وَشَهَادَةُ الشَّرِيكِ الْمُفَاوِضِ لِشَرِيكِهِ فِي غَيْرِ مَالِ الْمُفَاوَضَةِ انْتَهَى. وَسَيَأْتِي لَفْظُ السَّمَاعِ فِي الْقَوْلَةِ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْمَانِعِ الثَّالِثِ وَكَأَنَّ الْمُؤَلِّفَ اسْتَغْنَى عَنْ هَذَا الشَّرْطِ بِقَوْلِهِ بَعْدَ هَذَا وَلَا إنْ جَرَّ بِهَا، فَإِنَّهُمْ جَعَلُوا مِنْ ذَلِكَ شَهَادَةَ الْمُنْفَقِ عَلَيْهِ لِلْمُنْفِقِ فَتَأَمَّلْهُ.

(تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ) قَالَ سَحْنُونٌ فِي كِتَابِ ابْنِهِ: مَعْنَى لَيْسَ الَّذِي فِي عِيَالِهِ هُوَ الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ مِثْلُ الصُّنَّاعِ وَغَيْرِهِمْ فَأَمَّا الْأَجِيرُ الَّذِي يَصِيرُ جَمِيعُ عَمَلِهِ لِمَنْ اسْتَأْجَرَهُ وَهُوَ فِي عِيَالِهِ أَوْ لَيْسَ فِي عِيَالِهِ قَدْ دَفَعَ إلَيْهِ مُؤْنَتَهُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ وَإِنْ كَانَ مُعْتَزِلًا عَنْهُ انْتَهَى مِنْ النَّوَادِرِ وَنَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ وَأَبُو الْحَسَنِ وَزَادَ قَالَ اللَّخْمِيُّ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْمَنْعَ إذَا كَانَ فِي نَفَقَتِهِ كَانَتْ النَّفَقَةُ بِالطَّوْعِ أَوْ مِنْ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّ الْمَظِنَّةَ تَتَعَلَّقُ بِالْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّهُ يُخْشَى إنْ لَمْ يَشْهَدْ لَهُ أَنْ يَصْرِفَهُ وَكَذَلِكَ الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ كَالطَّرَّازِ وَالْقَصَّارِ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ فِي شَهَادَتِهِ لَهُ أَنْ يَخُصَّهُ بِأَعْمَالِهِ انْتَهَى. وَأَمَّا شَهَادَةُ السِّمْسَارِ فَقَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ فِي شَرْحِ قَوْلِهَا وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْمَعْزُولِ عَلَى مَا حَكَمَ بِهِ: يَقُومُ مِنْهُ وَمِمَّا فَوْقَهُ، وَمِنْ قَوْلِهَا بَعْدُ وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ قَسَّامِ الْقَاضِي: إنَّ شَهَادَةَ الْخَاطِبِ وَالسِّمْسَارِ لَا تَجُوزُ.

وَفِي ذَلِكَ خِلَافٌ وَالْفَتْوَى بِقَبُولِ شَهَادَةِ الْخَاطِبِ دُونَ السِّمْسَارِ انْتَهَى. لَكِنْ قَيَّدَ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ بِالطَّلَاقِ عَدَمَ جَوَازِ شَهَادَةِ السِّمْسَارِ بِمَا إذَا شَهِدَ فِيمَا يُتَّهَمُ فِيهِ وَنَصُّهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ شَهِدَ رَجُلَانِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ أَمَرَهُمَا أَنْ يُنْكِحَاهُ وَأَنْ يَبْتَاعَا لَهُ بَيْعًا وَأَنَّهُمَا فَعَلَا ذَلِكَ وَهُوَ يُنْكِرُ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُمَا خَصْمَانِ قَالَ ابْنُ نَاجِي: مِثْلُهُ فِي النِّكَاحِ الْأَوَّلِ حَيْثُ لَمْ تَجُزْ شَهَادَةُ الْأَبِ فِي عُقْدَةِ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّهُ شَهِدَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَيَقُومُ مِنْهُمَا أَنَّ شَهَادَةَ السِّمْسَارِ لَا تَجُوزُ وَذَلِكَ فِيمَا يُتَّهَمُ فِيهِ كَمَا إذَا شَهِدَ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ، وَأَمَّا حَيْثُ لَا يُتَّهَمُ فَجَائِزَةٌ كَمَا إذَا شَهِدَ فِي الثَّمَنِ وَكَانَتْ أُجْرَتُهُ لَا تَخْتَلِفُ سَوَاءً بَاعَ بِقَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ وَنَصَّ عَلَيْهِ بِذَلِكَ الشَّعْبِيُّ وَأَفْتَى ابْنُ الْحَاجِّ بِجَوَازِ شَهَادَتِهِ ذَكَرَهُ فِيمَا إذَا أَنْكَرَ الْمُبْتَاعُ الْبَيْعَ وَيَقُومُ مِنْهَا أَيْضًا أَنَّ شَهَادَةَ الْخَاطِبِ لَا تَجُوزُ وَفِيهَا خِلَافٌ حَكَاهُ صَاحِبُ الطِّرَازِ فَيَتْرُكُ أَوَّلَ الْأَنْكِحَةِ فَقَالَ: لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْخَاطِبَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا مَعًا كَخَصْمَيْنِ، وَقِيلَ: إنَّمَا ذَلِكَ إذَا أَخَذَا عَلَى ذَلِكَ أَجْرًا فَإِنْ لَمْ يَأْخُذَا أَجْرًا جَازَ وَكَانَتْ الْفَتْوَى تَجْرِي بِهِ وَسُئِلَ عَنْهَا ابْنُ رُشْدٍ فَأَجَابَ بِجَوَازِهَا لِعَدَمِ التُّهْمَةِ، وَأَمَّا شَهَادَةُ الْمُشْرِفِ لِمَنْ يُشْرِفُ عَلَيْهِ فَسَأَلَ عَنْهَا عِيَاضٌ ابْنَ رُشْدٍ فَأَفْتَاهُ بِالْجَوَازِ وَهُوَ وَاضِحٌ لِقَوْلِ أَحْمَدَ بْنِ نَصْرٍ وَغَيْرِهِ إنْ تَنَازَعَ الْمُشْرِفُ وَالْوَصِيُّ عِنْدَ مَنْ يَكُونُ الْمَالُ؟ فَإِنَّهُ يَكُونُ عِنْدَ الْوَصِيِّ وَيَقُومُ مِنْهَا مَا فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ مِنْ الشَّهَادَاتِ فِيمَنْ دَفَعَ إلَى رَجُلَيْنِ مَالًا وَأَمَرَهُمَا أَنْ يَدْفَعَاهُ إلَى رَجُلٍ وَأَنْ يُشْهِدَا عَلَيْهِ فَزَعَمَا أَنَّهُمَا فَعَلَا ذَلِكَ وَأَنْكَرَ الرَّجُلُ فَقَالَ: لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>