إلَيْهِ وَيَشْهَدَا عَلَيْهِ بِسَرِقَتِهِ فَيَنْظُرَانِ إلَيْهِ وَرَبُّ الْمَتَاعِ مَعَهُمْ قَالَ: لَوْ أَرَادَ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْهُ، قَالَ: لَيْسَ عَلَيْهِ قَطْعٌ، وَنَحْنُ نَقُولُ: إنَّهُ قَوْلُ مَالِكٍ، قَالَ أَصْبَغُ: أَرَى عَلَيْهِ الْقَطْعَ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ رُشْدٍ: قَوْلُ أَصْبَغَ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ الْمَتَاعَ مُسْتَتِرًا بِهِ لَا يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدًا يَرَاهُ لَا رَبُّ الْمَتَاعِ وَلَا غَيْرُهُ كَمَنْ زَنَى وَالشُّهُودُ يَنْظُرُونَ إلَيْهِ وَلَوْ شَاءُوا أَنْ يَمْنَعُوهُ مَنَعُوهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّ الْحَدَّ عَلَيْهِ وَاجِبٌ بِشَهَادَتِهِمْ، وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَا حَكَاهُ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ هُوَ أَنَّهُ رَآهُ مِنْ نَاحِيَةِ الْمُخْتَلِسِ لَمَّا أَخَذَ الْمَتَاعَ مِنْ صَاحِبِهِ وَهُوَ يَنْظُرُ إلَيْهِ وَلَيْسَ بِمَنْزِلَةِ الْمُخْتَلِسِ عَلَى الْحَقِيقَةِ إذْ لَمْ يَعْلَمْ هُوَ بِنَظَرِ صَاحِبِ الْمَتَاعِ إلَيْهِ انْتَهَى. بِلَفْظِهِ فَتَأَمَّلْهُ.
ص (وَنُدِبَ سُؤَالُهُمْ كَالسَّرِقَةِ مَا هِيَ وَكَيْفَ أُخِذَتْ)
ش: قَالَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ السَّرِقَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ إذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ عِنْدَهُ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ سَرَقَ مَا يُقْطَعُ فِي مِثْلِهِ أَنْ يَسْأَلَهُمْ عَنْ السَّرِقَةِ مَا هِيَ؟ وَكَيْفَ أُخِذَتْ؟ وَمِنْ أَيْنَ أَخَذَهَا؟ وَإِلَى أَيْنَ أَخْرَجَهَا؟ كَمَا يَكْشِفُهُمْ عَنْ الشَّهَادَةِ عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا فَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ مَا يَدْرَأُ بِهِ الْحَدَّ دَرَأَهُ انْتَهَى. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: قَوْلُهُ: مَا هِيَ؟ هَذَا سُؤَالٌ عَنْ جِنْسِهَا؛ لِأَنَّ السُّؤَالَ بِمَا إنَّمَا يَكُونُ عَنْ الْحَقِيقَةِ وَالْمَاهِيَّةِ، وَقَوْلُهُ: كَيْفَ هِيَ؟ أَيْ كَيْفَ صِفَةُ أَخْذِهَا، وَقَوْلُهُ: مِنْ أَيْنَ أَخَذَهَا هَلْ مِنْ حِرْزٍ أَمْ لَا وَإِلَى أَيْنَ أَخْرَجَهَا هَلْ أَخْرَجَهَا مِنْ الْحِرْزِ أَوْ أَخَذَ قَبْلَ أَنْ يُخْرِجَهَا، ثُمَّ قَالَ: وَقَوْلُهُ: يَنْبَغِي مَعْنَاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ يَجِبُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي شَهَادَتِهِمْ مَا يُسْقِطُ الْحَدَّ فَيُؤَدِّي ذَلِكَ إلَى أَنْ يَقْطَعَ عُضْوًا شَرِيفًا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ» انْتَهَى. وَقَالَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الزِّنَا مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَيَنْبَغِي إذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ عِنْدَهُ عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا أَنْ يَكْشِفَهُمْ عَنْ شَهَادَتِهِمْ وَكَيْفَ رَأَوْهُ وَكَيْفَ صَنَعَ فَإِنْ رَأَى فِي شَهَادَتِهِمْ مَا تَبْطُلُ بِهِ الشَّهَادَةُ أَبْطَلَهَا انْتَهَى. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: اُنْظُرْ قَوْلَهُ يَنْبَغِي هَلْ مَعْنَاهُ يَجِبُ أَوْ هُوَ عَلَى بَابِهِ الْأَقْرَبِ الْوُجُوبُ كَمَا قَالَ فِي السَّرِقَةِ؟ أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ وَأَنَّ السَّرِقَةَ اُخْتُلِفَ فِي نِصَابِهَا اخْتِلَافًا كَثِيرًا وَفِي الزِّنَا لَمْ يُخْتَلَفْ إلَّا أَنْ يُقَالَ فِي الزِّنَا أَيْضًا شَدِيدٌ؛ لِأَنَّهُ قِيلَ زِنَا الْعَيْنِ النَّظَرُ وَالْيَدَانِ تَزْنِيَانِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَيَجِبُ الْكَشْفُ عَنْ هَذَا لِئَلَّا يَظُنَّ الشَّاهِدُ أَنَّ ذَلِكَ زِنًا انْتَهَى. فَحَاصِلُ كَلَامِهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ أَنَّهُ يَمِيلُ إلَى أَنْ يَنْبَغِي لِلْوُجُوبِ وَهُوَ الظَّاهِرُ فَتَأَمَّلْهُ.
(تَفْرِيعٌ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَيَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَنْ يَسْأَلَهُمْ فِي السَّرِقَةِ إلَى آخِرِهِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: فَإِنْ غَابُوا قَبْلَ أَنْ يَسْأَلَهُمْ غَيْبَةً بَعِيدَةً أَوْ مَاتُوا أُنْفِذَتْ الشَّهَادَةُ وَأُقِيمَ الْحَدُّ قَالَ: وَإِنْ كَانَ الشُّهُودُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةٍ فَغَابَ مِنْهُمْ أَرْبَعَةٌ بَعْدَ أَنْ شَهِدُوا لَمْ يَسْأَلْ مَنْ حَضَرَ وَثَبَتَ الْحَدُّ؛ لِأَنَّ مَنْ حَضَرَ لَوْ رَجَعُوا عَنْ شَهَادَتِهِمْ لَثَبَتَ الْحَدُّ بِمَنْ غَابَ وَرَأَى بَعْضُ الشُّيُوخِ أَنَّ غَيْبَةَ أَرْبَعَةٍ لَا يَمْنَعُ سُؤَالَ مَنْ حَضَرَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَذْكُرَ الْحَاضِرُونَ مَا يُوجِبُ التَّوْقِيفَ عَنْ شَهَادَةِ الْغَائِبِينَ وَالْحَاضِرِينَ جَمِيعًا وَقَيَّدَ اللَّخْمِيُّ قَوْلَ مُحَمَّدٍ إذَا غَابُوا بِمَا إذَا كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِمَا يُوجِبُ الْحَدَّ انْتَهَى.
ص (وَلِمَا لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا آيِلٍ إلَيْهِ) ش يُرِيدُ وَلَيْسَ بِزِنًا وَلَا مِمَّا يَخْتَصُّ بِهِ النِّسَاءُ وَاكْتَفَى الشَّيْخُ عَنْ ذِكْرِ الزِّنَا بِمَا تَقَدَّمَ وَعَنْ ذِكْرِ مَا يَخْتَصُّ بِالنِّسَاءِ بِمَا سَيَذْكُرُهُ وَمِمَّا لَا يَكْفِي فِيهِ الشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ إسْقَاطُ الْحَضَانَةِ نَقَلَهُ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ قَوْلِ الرِّسَالَةِ وَمَنْ حَبَسَ دَارًا، قَالَ: وَمِنْ ذَلِكَ الْوَصِيَّةُ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ قَالَ: وَكَذَلِكَ الْأَدَبُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَمِنْ ذَلِكَ الطَّلَاقُ وَالْخُلْعُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ وَقَالَ الشَّيْخُ زَرُّوقٌ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ: اُخْتُلِفَ فِي إلْحَاقِ مَا هُوَ آيِلٌ إلَى الْمَالِ بِالْمَالِ وَالْمَشْهُورُ الْإِلْحَاقُ ثُمَّ قَالَ وَعَلَى الْمَشْهُورِ فَالْخُلْعُ آيِلٌ إلَى الْمَالِ وَفِيهِ خِلَافٌ انْتَهَى. قُلْت إنْ أَرَادَ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا ادَّعَتْ عَلَى زَوْجِهَا أَنَّهُ خَالَعَهَا عَلَى شَيْءٍ مِنْ مَالِهَا فَهَذَا مِنْ دَعْوَى الطَّلَاقِ وَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ الرَّجُلَ ادَّعَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute