للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُزَنِيّ: لَا وُضُوءَ فِيهِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: فِيهِ الْوُضُوءُ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ فَإِنَّ مَا يَخْرُجُ مِنْ فَوْقِ الْمَعِدَةِ لَا يَكُونُ عَلَى نَعْتِ مَا يَكُونُ مِنْ أَسْفَلِهَا، انْتَهَى مُخْتَصَرًا.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) هَلْ يَكْفِي فِي هَذِهِ الثُّقْبَةِ الْمُنْفَتِحَةِ الِاسْتِجْمَارُ؟ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي فَصْلِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ.

(الثَّانِي) قَوْلُهُ: ثُقْبَةٌ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ الْمَضْمُومَةِ وَسُكُونِ الْقَافِ ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ (وَالْمَعِدَةُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ، وَنُقِلَ أَيْضًا مِعْدَةٌ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ، قَالَهُ فِي الصِّحَاحِ وَهُوَ مَوْضِعُ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يَنْحَدِرَ إلَى الْأَمْعَاءِ وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْكَرِشِ لِلْحَيَوَانِ وَجَمْعُهَا مِعَدٍ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ كَذَا قَالَ فِي التَّسْهِيلِ، وَقَالَهُ الدَّمِيرِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَرَأَيْت فِي بَعْضِ شُرُوحِ الشَّافِيَةِ لِابْنِ الْحَاجِبِ فِي التَّصْرِيفِ أَنَّ جَمْعَهَا مَعِدٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ. قُلْت وَهَذَا لَيْسَ بِجَمْعٍ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَوْزَانِ الْجَمْعِ وَإِنَّمَا هُوَ اسْمُ جَمْعٍ نَحْوَ نَبْقٌ وَنَبْقَةٌ فَتَأَمَّلْهُ. قَالَ الدَّمِيرِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَادَّعَى النَّوَوِيُّ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَعِدَةِ السُّرَّةُ قَالَ: وَحُكْمُ الْمُنْفَتِحِ فِي السُّرَّةِ وَمَا حَاذَاهَا حُكْمُ مَا فَوْقَهَا قَالَ الدَّمِيرِيُّ: وَالْمَعْرُوفُ أَنَّهَا الْمَكَانُ الْمُنْخَسِفُ تَحْتَ الصَّدْرِ إلَى السُّرَّةِ كَذَا ذَكَرَهُ الْفُقَهَاءُ وَالْأَطِبَّاءُ وَاللُّغَوِيُّونَ انْتَهَى. قُلْت وَلَمْ أَقِفْ لِلْمَالِكِيَّةِ فِي ذَلِكَ عَلَى شَيْءٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُخْتَلَفُ فِي ذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(الثَّالِثُ) إذَا خَرَجَ الْقَيْءُ بِصِفَةِ الْمُعْتَادِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ نَادِرًا لَمْ يُنْتَقَضْ الْوُضُوءُ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ صَارَ ذَلِكَ عَادَةً لَهُ فَحَكَى ابْنُ الْحَاجِبِ فِي ذَلِكَ قَوْلَيْنِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ انْقَطَعَ خُرُوجُ الْحَدَثِ مِنْ مَحِلِّهِ وَصَارَ مَوْضِعُ الْقَيْءِ مَحِلًّا لَهُ وَجَبَ الْوُضُوءُ فَإِنْ كَانَ خُرُوجُهُ مِنْ مَحِلِّهِ أَكْثَرَ لَمْ يَجِبْ، انْتَهَى. وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَقَالَ: قَوْلُهُ بِصِفَةِ الْمُعْتَادِ أَيْ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ لَا بِكُلِّ الصِّفَاتِ انْتَهَى. قُلْت أَمَّا إذَا انْسَدَّ الْمَخْرَجَانِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الثُّقْبَةِ وَإِنْ لَمْ يَنْسَدَّا فَفِيهِ الْقَوْلَانِ، وَالظَّاهِرُ عَدَمُ النَّقْضِ حِينَئِذٍ

ص (وَبِسَبَبِهِ وَهُوَ زَوَالُ عَقْلٍ وَإِنْ بِنَوْمٍ ثَقُلَ وَلَوْ قَصُرَ لَا خَفَّ وَنُدِبَ إنْ طَالَ) ش لَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى الْقِسْمِ الْأَوَّلِ مِنْ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ وَهُوَ الْأَحْدَاثُ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْقِسْمِ الثَّانِي وَهُوَ الْأَسْبَابُ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ لُغَةً وَشَرْعًا وَأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ هُنَا هُوَ مَا أَدَّى إلَى خُرُوجِ الْحَدَثِ، قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَهُوَ مَا نُقِضَ بِمَا يُؤَدِّي إلَيْهِ قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ: يَعْنِي أَنَّهُ غَيْرُ نَاقِضٍ فِي نَفْسِهِ وَإِنَّمَا يُنْقَضُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الْحَدَثِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: هَذَا التَّعْرِيفُ وَقَعَ بِحُكْمٍ مِنْ أَحْكَامِ الْمَحْدُودِ وَهُوَ مُجْتَنَبٌ فِي التَّعْرِيفَاتِ، وَلَوْ قَالَ: وَهُوَ مَا كَانَ مُؤَدِّيًا إلَى خُرُوجِ الْحَدَثِ لَكَانَ أَبْيَنَ وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَقَالَ: لَكَانَ أَحْسَنَ مَكَانَ أَبْيَنَ وَحَصَرَ الْمُصَنِّفُ الْأَسْبَابَ فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: زَوَالِ الْعَقْلِ وَلَمْسِ مَنْ يُشْتَهَى وَمَسُّ الذَّكَرِ.

وَكَذَلِكَ فَعَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: قَالَ ابْنُ هَارُونَ: تَرِدُ عَلَيْهِ الرِّدَّةُ وَرَفْضُ الْوُضُوءِ وَالشَّكُّ فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهَا فِي الْأَحْدَاثِ وَلَا فِي الْأَسْبَابِ وَلَعَلَّهُ قَصَدَ حَصْرَ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ، انْتَهَى يَعْنِي كَلَامَ ابْنِ هَارُونَ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَقَدْ يُقَالُ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ نَوَاقِضُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ أَحْدَاثًا وَلَا تُؤَدِّي إلَى خُرُوجِ الْحَدَثِ وَإِنَّمَا يَجِبُ الْوُضُوءُ عِنْدَ مَنْ أَوْجَبَهُ بِهَا لِمَعْنًى آخَرَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، انْتَهَى. يَعْنِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ الرِّدَّةَ إنَّمَا تُوجِبُ الْوُضُوءَ؛ لِأَنَّهَا تُحْبِطُ الْأَعْمَالَ وَمِنْ جُمْلَتِهَا الْوُضُوءُ وَالرَّفْضُ إنَّمَا يُبْطِلُهُ لِوُقُوعِ الْخَلَلِ فِي النِّيَّةِ وَالشَّكُّ فِي الْحَدَثِ إنَّمَا يُوجِبُهُ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ فِي الذِّمَّةِ بِيَقِينٍ فَلَا يَبْرَأُ مِنْهَا إلَّا بِالْإِتْيَانِ بِهَا بِيَقِينٍ، وَالطَّهَارَةُ شَرْطٌ فِيهَا وَالشَّكُّ فِي حُصُولِ الشَّرْطِ يُوجِبُ الشَّكَّ فِي حُصُولِ الْمَشْرُوطِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ زَوَالَ الْعَقْلِ بِغَيْرِ النَّوْمِ، وَلَا يُفْصَلُ فِيهِ كَمَا يُفْصَلُ فِي النَّوْمِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالرِّسَالَةِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ نَامَ جَالِسًا أَوْ رَاكِبًا الْخُطْوَةَ وَنَحْوَهَا فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ اسْتَثْقَلَ نَوْمَهُ وَطَالَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ وَنَوْمُهُ رَاكِبًا قَدْرَ مَا بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ طَوِيلٌ وَلَا وُضُوءَ عَلَى مَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>