للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (أَوْ مَبْتُوتَةً وَإِنْ بِعِدَّةٍ، وَهَلْ وَإِنْ بَتَّ فِي مَرَّةٍ؟ تَأْوِيلَانِ)

ش: يَعْنِي أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ أَلْبَتَّةَ أَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ وَطِئَهَا دُونَ عَقْدٍ أَوْ عَقَدَ عَلَيْهَا قَبْلَ أَنْ تَتَزَوَّجَ زَوْجًا غَيْرَهُ وَوَطِئَهَا فَإِنَّهُ يُحَدُّ سَوَاءٌ وَقَعَ ذَلِكَ وَهِيَ فِي عِدَّةٍ أَوْ بَعْدَ فَرَاغِ الْعِدَّةِ. يُرِيدُ إذَا كَانَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ وَأَمَّا إنْ كَانَ يَجْهَلُ التَّحْرِيمَ فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ إذَا كَانَ مِثْلُهُ يَجْهَلُ ذَلِكَ، كَمَا سَيَقُولُهُ الْمُصَنِّفُ بَعْدُ فِي قَوْلِهِ، أَوْ الْحُكْمَ إنْ جَهِلَ مِثْلُهُ فَإِنَّهُ رَاجِعٌ إلَى جَمِيعِ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ يُحَدُّ فِيهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَغَيْرُهُ أَعْنِي رُجُوعَهُ لِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَعْدَ هَذَا بِلَا عَقْدٍ فَإِنَّمَا هُوَ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ أَوْ مُطَلَّقَةً قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ مُعْتَقَةً كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ وَلَا يَرْجِعُ لِمَسْأَلَةِ الْمَبْتُوتَةِ.

قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ أَمَّا لَوْ وَطِئَ بِالْمِلْكِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ أَوْ نَكَحَ الْمُحَرَّمَةَ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ صِهْرٍ مُؤَبَّدٍ وَطِئَهَا أَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ وَطِئَهَا فِي الْعِدَّةِ أَوْ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ زَوْجٍ وَوَطِئَهَا أَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَاحِدَةً، ثُمَّ وَطِئَهَا بِغَيْرِ تَزْوِيجٍ أَوْ أَعْتَقَ أَمَةً ثُمَّ وَطِئَهَا فَإِنَّهُ يُحَدُّ.

قَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَوْلُهُ: أَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا. ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ بِلَفْظِ الثَّلَاثِ أَوْ الْبَتَّةِ وَسَوَاءٌ كَانَ الثَّلَاثُ مُجْتَمِعَاتٍ أَوْ مُتَفَرِّقَاتٍ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ أَصْبَغُ فِي الْبَتَّةِ لَا يُحَدُّ؛ عَالِمًا كَانَ أَوْ جَاهِلًا لِقُوَّةِ الْخِلَافِ فِي الْبَتَّةِ هَلْ هِيَ وَاحِدَةٌ أَمْ لَا؟ وَقَالَ فِي الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا مِثْلَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ. إلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي الْجَاهِلِ لَا يُحَدُّ اسْتِحْسَانًا وَتَأَوَّلَ صَاحِبُ تَهْذِيبِ الطَّالِبِ قَوْلَهُ فِي الثَّلَاثِ عَلَى أَنَّهَا مُتَفَرِّقَاتٌ قَالَ: وَأَمَّا إنْ كَانَتْ فِي لَفْظٍ وَاحِدٍ فَلَا حَدَّ؛ عَالِمًا كَانَ أَوْ جَاهِلًا لِلِاخْتِلَافِ فِيهَا وَقَالَ غَيْرُهُ: إنَّ هَذَا التَّأْوِيلَ عَلَى أَصْبَغَ، ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافُهُ وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الثَّلَاثِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ مُفْتَرِقَاتٍ أَوْ مُجْتَمِعَاتٍ لِضَعْفِ قَوْلِ مَنْ قَالَ بِإِلْزَامِهِ الْوَاحِدَةَ فِي الثَّلَاثِ وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ كُلُّهَا مُقَيَّدَةٌ بِمَا إذَا كَانَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ. وَأَمَّا الْجَاهِلُ بِالْحُكْمِ فَلَا كَمَا سَيَأْتِي مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اهـ. كَلَامُ التَّوْضِيحِ

وَتَحَصَّلَ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا مُتَفَرِّقَاتٍ ثُمَّ وَطِئَهَا دُونَ عَقْدٍ أَوْ عَقَدَ عَلَيْهَا قَبْلَ زَوْجٍ وَوَطِئَهَا فَإِنَّهُ يُحَدُّ. وَأَمَّا إنْ كَانَتْ التَّطْلِيقَاتُ مُجْتَمِعَاتٍ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ فَتَأْوِيلُ عَبْدِ الْحَقِّ عَلَى قَوْلِ أَصْبَغَ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ وَأَنَّ قَوْلَهُ مِثْلُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ مَنْ يَقُولُ إنَّهَا وَاحِدَةٌ إذَا كَانَتْ فِي كَلِمَةٍ فَتَكُونُ كَالْمُطَلَّقَةِ الْوَاحِدَةِ الرَّجْعِيَّةِ فَلَا يُحَدُّ كَمَا لَوْ طَلَّقَ الرَّجُلُ طَلْقَةً رَجْعِيَّةً ثُمَّ وَطِئَهَا فِي الْعِدَّةِ فَإِنَّهُ لَا يُحَدُّ وَهُوَ أَحَدُ التَّأْوِيلَيْنِ اللَّذَيْنِ أَشَارَ إلَيْهِمَا الْمُؤَلِّفُ وَتَأْوِيلُ غَيْرِهِ أَنَّهُ يُحَدُّ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا سَيَأْتِي. فَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُؤَلِّفِ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَيْهِ هَذَا إذَا تَلَفَّظَ بِالثَّلَاثِ.

وَأَمَّا إنْ تَلَفَّظَ بِالْبَتَّةِ فَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ لُزُومُ الْحَدِّ كَمَا تَقَدَّمَ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يُحَدُّ وَوَجْهُهُ مَا تَقَدَّمَ فِي تَوْجِيهِ الثَّلَاثِ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ.

قَالَ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْقَذْفِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ تَزَوَّجَ خَامِسَةً أَوْ امْرَأَةً طَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَوْ أَلْبَتَّةَ قَبْلَ أَنْ تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ أَوْ أُخْتَهُ مِنْ الرَّضَاعِ أَوْ النَّسَبِ أَوْ مِنْ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ عَامِدًا عَارِفًا بِالتَّحْرِيمِ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَلَمْ يَلْحَقْ بِهِ الْوَلَدُ إذْ لَا يَجْتَمِعُ الْحَدُّ وَثُبُوتُ النَّسَبِ انْتَهَى.

ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ: وَمَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ طَلْقَةً وَاحِدَةً ثُمَّ وَطِئَهَا بَعْدَ الطَّلْقَةِ وَقَالَ ظَنَنْت أَنَّهُ لَا يُبِتُّهَا مِنْهُ إلَّا الثَّلَاثَ فَلَهَا صَدَاقٌ وَاحِدٌ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ إذَا عُذِرَ بِجَهْلٍ

. وَلَوْ طَلَّقَهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ ثَلَاثًا ثُمَّ وَطِئَهَا فِي الْعِدَّةِ وَقَالَ ظَنَنْت ذَلِكَ يَحِلُّ لِي فَإِنْ عُذِرَ بِالْجَهَالَةِ لَمْ يُحَدَّ. وَكَذَلِكَ مَنْ تَزَوَّجَ خَامِسَةً أَوْ أُخْتَهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَعُذِرَ بِالْجَهَالَةِ فِي التَّحْرِيمِ لَمْ يُحَدَّ انْتَهَى.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) عُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فِي النِّكَاحِ (أَوْ مَبْتُوتَةً) قَبْلَ زَوْجٍ إنَّمَا تَكَلَّمَ فِيهِ عَلَى تَأْبِيدِ التَّحْرِيمِ وَعَدَمِهِ فَذَكَرَ أَنَّهُ لَا يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا. وَأَمَّا الْحَدُّ وَعَدَمُهُ فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ فَيَفْصِلُ فِيهِ بَيْنَ الْعَالِمِ وَالْجَاهِلِ (الثَّانِي) قَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْبَتَّةُ بَعْدَ الثَّلَاثِ زَائِدٌ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ (الثَّالِثُ) تَقَدَّمَ فِي بَابِ الِاسْتِلْحَاقِ الْمَسَائِلُ الَّتِي يَجْتَمِعُ فِيهَا الْحَدُّ وَلُحُوقُ الْوَلَدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (أَوْ مُطَلَّقَةً

<<  <  ج: ص:  >  >>