ص (أَوْ مَا لَكَ أَصْلٌ وَلَا فَصْلٌ)
ش: تَصَوُّرُهُ ظَاهِرٌ (فَرْعٌ) قَالَ فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ مِنْ كِتَابِ الْقَذْفِ وَقَالَ يَعْنِي ابْنَ الْقَاسِمِ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ فِي مُشَاتَمَةٍ: مَا أَعْرِفُ أَبَاكَ وَهُوَ يَعْرِفُهُ ضُرِبَ الْحَدَّ ثَمَانِينَ. قَالَ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا بَيِّنٌ عَلَى مَا قَالَهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ أَبُوهُ هُوَ الَّذِي يَعْرِفُهُ فَقَدْ قَطَعَ نَسَبَهُ وَنَفَاهُ عَنْهُ انْتَهَى. وَذَكَرَهُ فِي النَّوَادِرِ وَقَالَ بَعْدَهُ وَمِنْ كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ قَالَ لِرَجُلٍ مَا أَعْرِفُ أَبَاكَ فَمَا أَنْكَرَ مَا قَالَ فَلْيَرْفَعْهُ إلَى السُّلْطَانِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَوْ قَالَ: مَا يُعْرَفُ أَبُوكَ لَحُدَّ انْتَهَى. وَانْظُرْ مَا مَعْنَى قَوْلِهِ فَمَا أَنْكَرَ مَا قَالَ وَلَعَلَّهُ يَعْنِي أَنَّهُ قَالَ مَا أَرَدْت بِذَلِكَ قَذْفًا وَلَكِنِّي لَا أَعْرِفُ أَبَاهُ حَقِيقَةً.
سُئِلْت عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِشَرِيفٍ مَا أَنْتَ شَرِيفٌ وَأَنَا سَمِعْت جَدَّك يَقُولُ مَا أَنَا شَرِيفٌ فَأَظْهَرَ الْمُدَّعِي مَثْبُوتًا بِالشَّرَفِ فَأَجَبْت بِأَنِّي لَا أَعْرِفُ فِيهَا نَصًّا وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الرَّجُلُ مَعْرُوفًا بِالشَّرَفِ وَلَمْ يَكُنْ عُلِمَ بِثُبُوتِ شَرَفِهِ. وَقَالَ مَا قَالَ مُعْتَمِدًا عَلَى مَا سَمِعَ مِنْ جَدِّهِ فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَيَحْلِفُ بِاَللَّهِ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ وَكَانَ الْجَوَابُ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي بِاللِّسَانِ وَوَافَقَ عَلَى ذَلِكَ مَنْ حَضَرَ وَأَسْقَطَ الْمُدَّعِي حَقَّهُ مِنْ الْيَمِينِ وَاصْطَلَحُوا. وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. وَهَذَا يُشْبِهُ مَا ذَكَرَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الْقَذْفِ فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ شَرِيفَةً مَشْهُورَةً بِالشَّرَفِ فَوَقَعَ بَيْنَهُمَا مُنَازَعَةٌ فَقِيلَ لَهُ عَلَى وَجْهِ النُّصْحِ: تَفْعَلُ هَذَا بِشَرِيفَةٍ مِنْ أَهْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فَقَالَ الزَّوْجُ: هِيَ شَرِيفَةٌ بِالنَّسَبِ وَأَنَا شَرِيفٌ بِالْحَسَبِ وَأَنَا أَحْسَنُ مِنْهَا وَأَبِي أَحْسَنُ مِنْ أَبِيهَا وَجَدِّي أَحْسَنُ مِنْ جَدِّهَا وَبَلَدِي أَحْسَنُ مِنْ بَلَدِهَا. وَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ بِمَقَالَتِهِ وَاعْتَرَفَ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ بِذَلِكَ فَسُئِلَ عَمَّا أَرَادَ بِقَوْلِهِ فَقَالَ إنَّ أَبِي كَانَ خَطِيبًا وَجَدِّي كَانَ خَطِيبًا وَأَبُوهَا وَجَدُّهَا لَيْسَا كَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ وَيُؤَدَّبُ وَمُوجِبُ الْقِيَاسِ أَنَّ قَوْلَهُ جَدِّي أَحْسَنُ مِنْ جَدِّكِ يُوجِبُ ظَاهِرُهُ قَتْلَ قَائِلِهِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى التَّنْقِيصِ الْمُوجِبِ لِذَلِكَ لَكِنْ يُوجِبُ إلْغَاءَ إيجَابِهِ لِذَلِكَ لِاحْتِمَالِ صِدْقِ لَفْظِهِ عَلَى جَدٍّ لَا يُوجِبُ صِدْقَهُ عَلَيْهِ مِثْلُهُ وَالِاحْتِمَالُ فِي النَّازِلَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيمَا بَيَّنَهُ مِنْ خِطَابَةِ جَدِّهِ دُونَ جَدِّهَا إنْ كَانَ فِي قَوْلِهِ ذَلِكَ صَادِقًا فَدَلِيلُ أَدَبِهِ وَاضِحٌ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى بَيَانٍ انْتَهَى (فَائِدَةٌ) أَوَّلُ مَا حَدَثَ تَمْيِيزُ الْأَشْرَافِ بِالشَّطْبَةِ الْخَضْرَاءِ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ أَمَرَ بِذَلِكَ السُّلْطَانُ الْأَشْرَفُ شَعْبَانُ ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ حَجَرٍ فِي الْأَنْبَاءِ وَنَقَلَهُ عَنْهُ السَّخَاوِيُّ فِي مَسْأَلَةِ الْأَشْرَافِ لَهُ قَالَ وَأَنْشَدَ فِي ذَلِكَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ جَابِرٍ
جَعَلُوا لِأَبْنَاءِ الرَّسُولِ عَلَامَةً ... إنَّ الْعَلَامَةَ شَأْنُ مَنْ لَمْ يُشْهَرْ
نُورُ النُّبُوَّةِ فِي كَرِيمِ وُجُوهِهِمْ ... يُغْنِي الشَّرِيفَ عَنْ الطِّرَازِ الْأَخْضَرِ
(وَقَالَ غَيْرُهُ)
أَطْرَافُ تِيجَانٍ أَتَتْ مِنْ سُنْدُسٍ ... خُضْرٍ بِأَعْلَامٍ عَلَى الْأَشْرَافِ
وَالْأَشْرَفُ السُّلْطَانُ خَصَّهُمْ بِهَا ... شَرَفًا لِتَعْرِفَهُمْ مِنْ الْأَطْرَافِ
وَذَكَرَ ابْنُ حَجَرٍ أَنَّهَا كَانَتْ عَلَامَةَ بَنِي الْعَبَّاسِ شَطْبَةً سَوْدَاءَ ثُمَّ تُرِكَتْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَفِي: يَا ابْنَ النَّصْرَانِيِّ، أَوْ الْأَزْرَقِ. إنْ لَمْ يَكُنْ فِي آبَائِهِ كَذَلِكَ)
ش: يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ مُسْلِمٍ يَا ابْنَ النَّصْرَانِيِّ أَوْ يَا ابْنَ الْيَهُودِيِّ أَوْ يَا ابْنَ الْمَجُوسِيِّ فَإِنَّهُ يُحَدُّ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي آبَائِهِ أَحَدٌ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَلَكِنْ يُنَكَّلُ. قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي آخِرِ كِتَابِ الْقَذْفِ وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّارِحُ وَلَا الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّهُ يُنَكَّلُ إذَا كَانَ فِي آبَائِهِ أَحَدٌ كَذَلِكَ وَذَلِكَ لِوُضُوحِهِ وَلَكِنْ يَتَعَيَّنُ ذِكْرُهُ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ لَا أَدَبَ عَلَيْهِ.
وَقَدْ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ قَذَفَ عَبْدًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ أُدِّبَ وَمَنْ قَذَفَ ذِمِّيًّا زُجِرَ عَنْ أَذَى النَّاسِ كُلِّهِمْ وَمَنْ قَذَفَ نَصْرَانِيَّةً وَلَهَا بَنُونَ مُسْلِمُونَ أَوْ زَوْجٌ مُسْلِمٌ نُكِّلَ بِإِذَايَةِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute