بَعْضٍ فَاخْتُلِفَ فِيمَنْ سَرَقَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ هَلْ يُقْطَعُ أَمْ لَا؟ فَاَلَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ أَنَّهُ يُقْطَعُ.
وَإِنْ أُخِذَ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ بِهِ مِنْ الْمَسْجِد. وَأَمَّا بُسُطُ الْمَسْجِدِ فَإِنَّهَا إنْ كَانَتْ مَتْرُوكَةً فِيهِ لَيْلًا وَنَهَارًا فَهِيَ كَالْحُصْرِ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ تُحْمَلُ وَتُرَدُّ فَلَا قَطْعَ فِيهَا. قَالَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ السَّرِقَةِ مِنْ الْبَيَانِ مَنْ سَرَقَ مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْمَسَاجِدِ شَيْئًا مِمَّا هُوَ مُتَشَبِّثٌ بِهِ كَجَائِزَةٍ مِنْ جَوَائِزِهِ أَوْ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِهِ أَوْ تَرِيَّةٍ مِنْ تِرْيَانِهِ الْمُعَلَّقَةِ بِهِ الْمُتَشَبِّثَةِ أَوْ حَصِيرٍ قَدْ سُمِّرَ فِي حَائِطٍ مِنْ حِيطَانِهِ أَوْ خِيطَ إلَى مَا سِوَاهُ مِنْ الْحُصْرِ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ سَحْنُونٍ فَلَا اخْتِلَافَ فِي وُجُوبِ الْقَطْعِ عَلَى مَنْ سَرَقَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ مِنْ مَوْضِعِهِ وَهُوَ مُتَشَبِّثٌ بِهِ وَأَمَّا مَا سَرَقَهُ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ غَيْرُ مُتَشَبِّثٍ بِهِ كَقَنَادِيلَ مَوْضُوعَةٍ فِي تِرْيَاتِهَا أَوْ حُصْرٍ مَوْضُوعَةٍ فِي مَوَاضِعِهَا فَقِيلَ إنَّ مَوْضِعَهَا حِرْزٌ لَهَا يُقْطَعُ وَإِنْ أَخَذَ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ بِهَا مِنْ الْمَسْجِد وَقِيلَ أَنَّهُ لَا قَطْعَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ وَإِنْ خَرَجَ بِهِ مِنْ الْمَسْجِدِ اخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى مَا يَأْتِي فِي رَسْمِ نَقْدِهَا مِنْ سَمَاعِ عِيسَى انْتَهَى.
ثُمَّ قَالَ فِي رَسْمِ نَقْدِهَا مِنْ سَمَاعِ عِيسَى قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ سَرَقَ حُصْرَ الْمَسْجِدِ قُطِعَ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي لَا أَبْوَابَ لَهُ وَلَيْسَتْ الْأَبْوَابُ بِاَلَّتِي تُحْرِزُ وَمَنْ سَرَقَ الْأَبْوَابَ أَيْضًا قُطِعَ وَمَنْ سَرَقَ الْقَنَادِيلَ فَإِنِّي أَرَى أَنْ يُقْطَعَ سَرَقَ ذَلِكَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ السَّلَمِ وَلَهُ بَنُونَ صِغَارٌ فِي الَّذِي يَسْرِقُ مِنْ حُصْرِ الْمَسْجِدِ إنْ كَانَتْ سَرِقَتُهُ نَهَارًا لَمْ أَرَ عَلَيْهِ قَطْعًا.
وَإِنْ كَانَ تَسَوَّرَ عَلَيْهَا لَيْلًا بَعْدَ أَنْ أُغْلِقَ فَأَخْرَجَ مِنْهَا مَا يَكُونُ فِيهِ الْقَطْعُ قُطِعَ وَقَالَ فِيهِ أَيْضًا فِي الَّذِي يَسْرِقُ مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوْ مَسْجِدٍ لَا يُغْلَقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ انْتَهَى. وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ يُقْطَعُ فِي الْقَنَادِيلِ وَفِي الْحُصْرِ؛ كَانَ عَلَى الْمَسْجِدِ غَلْقٌ أَمْ لَا لِمَالِكٍ وَسَوَّى بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ قَالَ وَقَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ وَلِذَلِكَ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ.
(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) إذَا قُلْنَا يُقْطَعُ إذَا سَرَقَ قَنَادِيلَ الْمَسْجِدِ أَوْ حُصْرَهُ أَوْ بُسُطَهُ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ مُسَمَّرَةً وَلَا مَخِيطَةً فَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَخْرُجَ بِذَلِكَ مِنْ الْمَسْجِدِ كَمَا يَتَبَادَرُ ذَلِكَ مِنْ لَفْظِ الْمُصَنِّفِ أَعْنِي قَوْلَهُ أَوْ أَخْرَجَ قَنَادِيلَهُ أَوْ حُصْرَهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ لَمَّا اعْتَرَضَ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ فِي أَنَّ عِبَارَتَهُ تُوهِمَ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ فِي سَقْفِ الْمَسْجِدِ وَبَابِهِ حَتَّى يَخْرُجَ بِهِ مِنْ الْمَسْجِدِ قَالَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَالصَّوَابُ لَوْ قَالَ: وَمَوْضِعُ الْبَابِ وَالسَّقْفِ حِرْزٌ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ الْقَطْعُ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ بِهِ مِنْ الْمَسْجِدِ نَصَّ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَغَيْرُهُ وَنَصَّ عَلَيْهِ مَالِكٌ فِي الْوَاضِحَةِ فِي الْبَلَاطِ وَالْحُصْرِ وَالْقَنَادِيلِ انْتَهَى وَقَالَ فِي الْجَوَاهِرِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي الْقَطْعِ فِي قَنَادِيلِهِ وَحُصْرِهِ وَيُقْطَعُ فِي الْقَنَادِيلِ وَالْحُصْرِ وَالْبَلَاطِ وَإِنْ أُخِذَ فِي الْمَسْجِدِ كَانَ فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ وَحِرْزُهَا مَوَاضِعُهَا وَكَذَلِكَ الطِّنْفِسَةُ يَبْسُطُهَا الرَّجُلُ فِي الْمَسْجِدِ لِجُلُوسِهِ إذَا كَانَتْ تُتْرَكُ فِيهِ لَيْلًا وَنَهَارًا كَالْحَصِيرِ. وَقَالَهُ مَالِكٌ وَأَمَّا الطَّنَافِسُ تُحْمَلُ وَتُرَدُّ فَرُبَّمَا نَسِيَهَا صَاحِبُهَا وَتَرَكَهَا فَلَا يُقْطَعُ فِيهَا وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَسْجِدِ غَلْقٌ لِأَنَّ الْغَلْقَ لَمْ يُجْعَلْ مِنْ أَجْلِهَا. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّة فِيمَنْ سَرَقَ مِنْ بُسُطِ الْمَسْجِدِ الَّتِي تُطْرَحُ فِيهِ فِي رَمَضَانَ فَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ صَاحِبُهُ قُطِعَ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى.
وَقَوْلُهُ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ إذَا سَرَقَ الْبُسُطَ الَّتِي لَا تُتْرَكُ فِي الْمَسْجِدِ وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ غَلْقٌ يُرِيدُ إذَا لَمْ يَسْرِقْهَا بَعْدَ أَنْ أَغْلَقَ عَلَيْهَا وَأَمَّا إذَا سَرَقَهَا بَعْدَ أَنْ أَغْلَقَ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ يُقْطَعُ إذَا أَخْرَجَهَا مِنْ الْمَسْجِدِ إلَّا عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ السَّابِقِ فَيُحْمَلُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ أَخْرَجَ قَنَادِيلَهُ أَوْ حُصْرَهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ إذَا أَخْرَجَهَا مِنْ مَوْضِعِهَا لَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ أَخْرَجَهَا مِنْ الْمَسْجِدِ وَحَمَلَ الْبِسَاطِيُّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَأَنَّهُ لَا يُقْطَعُ حَتَّى يُخْرِجَ الْقَنَادِيلَ وَالْحُصْرَ وَالْبُسُطَ مِنْ الْمَسْجِدِ وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ نُصُوصِ الْمَذْهَبِ وَلَيْسَ ثَمَّ قَوْلٌ يُفَرِّقُ بَيْنَ سَقْفِ الْمَسْجِدِ وَحُصْرِهِ وَقَنَادِيلِهِ إذَا قُلْنَا بِوُجُوبِ الْقَطْعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute