للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ فِي مَالِهِ مِنْ أَبٍ أَوْ وَصِيٍّ دُونَ مَالِ الصَّبِيِّ إذَا أَمْكَنَ الْهَدْمُ وَتَرَكَاهُ انْتَهَى.

(تَنْبِيهٌ) إذَا كَانَ رَبُّ الْحَائِطِ غَائِبًا وَكَانَ لَهُ وَكِيلٌ وَتُقُدِّمَ إلَيْهِ فَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى سَقَطَ الْحَائِطُ فَهَلْ يَضْمَنُ ذَلِكَ فِي مَالِهِ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا صَرِيحًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَضْمَنُ قِيَاسًا عَلَى الْأَبِ وَالْوَصِيِّ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(تَنْبِيهٌ) قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي أَوَّلِ سَمَاعِ يَحْيَى مِنْ كِتَابِ السُّلْطَانِ إثْرَ كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ وَالضَّمَانُ فِي ذَلِكَ لَا يَتَعَدَّى الْمَالُ إلَى الْعَاقِلَةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ كَذَا رَوَى عِيسَى عَنْهُ فِي رَسْمِ لَمْ يُدْرِكْ مِنْ كِتَابِ الدِّيَاتِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَرَوَى زُونَانَ فِي سَمَاعِهِ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ أَنَّ الْعَاقِلَةَ تَحْمِلُ مِنْ ذَلِكَ الثُّلُثَ فَصَاعِدًا وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ رَوَاهُ عَنْهُ أَشْهَبَ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ انْتَهَى.

ص (أَوْ عَضَّهُ فَسَلَّ يَدَهُ فَقَلَعَ أَسْنَانَهُ)

ش: هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى مَا فِيهِ الضَّمَانُ وَلَمْ يُعَيِّنْ مَا الَّذِي يَضْمَنُهُ هَلْ دِيَةُ الْأَسْنَانِ أَوْ الْقَوَدُ وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَوْ عَضَّهُ فَسَلَّ يَدَهُ ضَمِنَ أَسْنَانَهُ عَلَى الْأَصَحِّ يَعْنِي دِيَةَ الْأَسْنَانِ وَالْأَصَحُّ عَبَّرَ عَنْهُ الْمَازِرِيُّ وَغَيْرُهُ بِالْمَشْهُورِ وَنَقَلَ مُقَابِلَهُ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ.

وَهُوَ أَظْهَرُ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ «رَجُلًا عَضَّ يَدَ رَجُلٍ فَنَزَعَ يَدَهُ مِنْ فِيهِ فَوَقَعَتْ ثَنَايَاهُ فَاخْتَصَمَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَعَضُّ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ كَمَا يَعَضُّ الْفَحْلُ لَا دِيَةَ لَكَ» زَادَ أَبُو دَاوُد «إنْ شِئْت أَنْ تُمَكِّنَهُ مِنْ يَدِك فَيَعَضَّهَا ثُمَّ تَنْزِعُهَا مِنْ فِيهِ» وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: الْحَدِيثُ لَمْ يَرْوِهِ مَالِكٌ وَلَوْ ثَبَتَ عِنْدَهُ لَمْ يُخَالِفْهُ وَتَأَوَّلَهُ بَعْضُ شُيُوخِ الْمَازِرِيِّ عَلَى أَنَّ الْمَعْضُوضَ لَا يُمْكِنُهُ النَّزْعُ إلَّا بِذَلِكَ وَحُمِلَ تَضْمِينُ بَعْضِ الْأَصْحَابِ عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُهُ النَّزْعُ بِرِفْقٍ بِحَيْثُ لَا تَنْقَلِعُ أَسْنَانُ الْعَاضِّ فَصَارَ مُتَعَدِّيًا بِالزِّيَادَةِ فَلِذَلِكَ ضَمَّنُوهُ اهـ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ.

قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا دِيَةَ لَكَ وَفِي رِوَايَةٍ فَأَبْطَلَهُ وَقَوْلُهُ فَأَبْطَلَهُ هَذَا نَصٌّ صَرِيحٌ فِي إسْقَاطِ الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ فِي ذَلِكَ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِالْقِصَاصِ فِيمَا عَلِمْت انْتَهَى. وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الضَّمَانِ فَأَسْقَطَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَبَعْضُ أَصْحَابِنَا وَضَمَّنَهُ الشَّافِعِيُّ وَهُوَ مَشْهُورُ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَنَزَّلَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الْقَوْلَ بِالضَّمَانِ عَلَى مَا إذَا أَمْكَنَهُ النَّزْعُ بِرِفْقٍ فَنَزَعَهَا بِعُنْفٍ وَحَمَلَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الْحَدِيثَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مُتَحَرِّكَ الثَّنَايَا وَهَذَا يَحْتَاجُ إلَى حُطَمٍ وَأَزِمَّةٍ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُعْدَلَ عَنْ صَرِيحِ الْحَدِيثِ انْتَهَى. وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ مِنْ مُوَافَقَةِ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ أَعْرَفُ بِمَذْهَبِهِ وَفِي مُسْلِمٍ «ادْفَعْ يَدَك حَتَّى يَعَضَّهَا ثُمَّ انْتَزِعْهَا» قَالَ الْقُرْطُبِيُّ هُوَ أَمْرٌ عَلَى جِهَةِ الْإِنْكَارِ كَمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى: «بِمَ تَأْمُرُنِي؟ تَأْمُرُنِي أَنْ آمُرَهُ أَنْ يَدَعَ يَدَهُ فِي فِيكَ كَمَا يَقْضِمُ الْفَحْلُ» . فَمَعْنَاهُ أَنَّك لَا تَدَعُ يَدَك فِي فِيهِ يَقْضِمُهَا وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُؤْمَرَ بِذَلِكَ انْتَهَى زَادَ النَّوَوِيُّ فَكَيْفَ تُنْكِرُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْزِعَ يَدَهُ مِنْ فِيكِ وَتَطْلُبَهُ بِمَا جَنَى فِي جَذْبِهِ كَذَلِكَ قَالَهُ الْقَاضِي انْتَهَى. وَيَقْضِمُهَا بِفَتْحِ الضَّادِ مُضَارِعُ قَضِمَ بِكَسْرِهَا يُقَالُ قَضِمَتْ الدَّابَّةُ شَعِيرَهَا إذَا أَكَلَتْهُ بِأَطْرَافِ أَسْنَانِهَا وَخَضِمَتْ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ إذَا أَكَلَتْ بِفِيهَا كُلِّهِ. وَيُقَالُ الْخَضْمُ أَكْلُ الرَّطْبِ وَالْقَضْمُ أَكْلُ الْيَابِسِ وَمِنْهُ قَوْلُ الْحَسَنِ تَخْضَمُونَ وَيَقْضَمُ وَالْمَوْعِدُ الْقِيَامَةُ انْتَهَى مِنْ الْقُرْطُبِيِّ وَالْفَحْلُ ذَكَرُ الْإِبِلِ

ص (أَوْ نَظَرَ لَهُ مِنْ كُوَّةٍ فَقَصَدَ عَيْنَهُ وَإِلَّا فَلَا)

ش: هَذَا أَيْضًا مَعْطُوفٌ عَلَى مَا فِيهِ الضَّمَانُ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمَضْمُونَ أَيْضًا هَلْ هُوَ الْقَوَدُ أَوْ الدِّيَةُ؟ وَاعْلَمْ أَنَّ الَّذِي يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْمَازِرِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَشْيَاخِ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ كَالَّتِي قَبْلَهَا قَالَ الْمَازِرِيُّ فِي الْمُعْلِمِ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى لَوْ رَمَى إنْسَانٌ أَحَدًا يَنْظُرُ إلَيْهِ فِي بَيْتِهِ فَأَصَابَ عَيْنَهُ فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا أَيْضًا فِي ذَلِكَ فَالْأَكْثَرُ مِنْهُمْ عَلَى إثْبَاتِ الضَّمَانِ وَالْأَقَلُّ مِنْهُمْ عَلَى نَفْيِ الضَّمَانِ وَبِالْأَوَّلِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَبِالثَّانِي قَالَ الشَّافِعِيُّ فَأَمَّا فِي الضَّمَانِ فَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَوْ أَنَّ أَحَدًا اطَّلَعَ عَلَيْك بِغَيْرِ إذْنٍ فَحَذَفْتَهُ بِحَصَاةٍ فَفَقَأْت عَيْنَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْك جُنَاحٌ» وَأَمَّا إثْبَاتُ الضَّمَانِ فَلِأَنَّهُ لَوْ نَظَرَ إنْسَانٌ إلَى عَوْرَةِ إنْسَانٍ بِغَيْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>