وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالْآخِرِ، وَلَفْظُ اللَّخْمِيِّ قَالَ مَالِكٌ: وَيُعَانُ مُكَاتَبٌ وَلَا يُقَالُ إنَّمَا اُشْتُرِطَ الْأَخِيرُ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَدَّى أَوَّلًا فَقَدْ يَعْجِزُ فَلَا يَحْصُلُ الْعِتْقُ الْمَقْصُودُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إنْ عَجَزَ يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَدْفَعُ لِلْمُكَاتَبِ لِقَصْدِ الْعِتْقِ لَا لِقَصْدِ الصَّدَقَةِ نَعَمْ آخِرُ نَجْمٍ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْبِهُ أَنَّهُ مَا عَتَقَ إلَّا بِسَبَبِهِ وَالْأَمْرُ مِنْ الْمُخَاصِمِ بَعْدَ عَجْزِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ اشْتِرَائِهِ وَلَمْ يُعْتَقْ اشْتَرَى غَيْرَهُ لِمَبْلَغِ الثُّلُثِ)
ش: قَالَ فِي الْوَصَايَا الْأَوَّلِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ أَوْصَى بِنَسَمَةٍ تُشْتَرَى لِلْعِتْقِ لَمْ تَكُنْ بِالشِّرَاءِ حُرَّةً حَتَّى تُعْتَقَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَتَلَهُ رَجُلٌ أَدَّى قِيمَتَهُ عَبْدًا وَأَحْكَامُهُ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ أَحْكَامُ الْعَبْدِ حَتَّى يُعْتَقَ انْتَهَى. قَالَ اللَّخْمِيُّ فِي تَبْصِرَتِهِ: وَإِنْ قَالَ فَإِذَا اشْتَرَيْتُمُوهَا فَهِيَ حُرَّةٌ كَانَتْ حُرَّةً بِنَفْسِ الشِّرَاءِ انْتَهَى، وَنَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ وَقَبِلَهُ ثُمَّ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: فَإِنْ مَاتَ بَعْدَ الشِّرَاءِ وَقَبْلَ الْعِتْقِ كَانَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَشْتَرُوا رَقَبَةً أُخْرَى مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَبْلَغِ الثُّلُثِ انْتَهَى. وَظَاهِرُهُ فَرَّطُوا فِي تَأْخِيرِ الْعِتْقِ أَوْ لَمْ يُفَرِّطُوا، وَلَمْ أَرَ مَنْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ بِالْإِطْلَاقِ أَوْ التَّقْيِيدِ، وَفِي سَمَاعِ عِيسَى فِي رَسْمِ لَمْ يُدْرِكْ مِنْ كِتَابِ الْوَصَايَا الثَّانِي مَا نَصُّهُ: " وَسَأَلْته عَنْ الرَّجُلِ يُوصِي أَنْ يُشْتَرَى مِنْ مَالِهِ رَقَبَةً وَذَكَرَ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ فَابْتَاعُوا رَقَبَةً قَبْلَ أَنْ يُقْسَمَ مَالُهُ، فَمَاتَ الْعَبْدُ أَوْ جَنَى جِنَايَةً تُحِيطُ بِرَقَبَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَنْفُذَ عِتْقُهُ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إذَا مَاتَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ أَيْضًا فِي الْمَالِ، فَيُخْرِجُ مِمَّا بَقِيَ ثَمَنَ رَقَبَةٍ فَيَشْتَرِي فَيُعْتِقُ إنْ حَمَلَ الثُّلُثُ مَا بَقِيَ بَعْدَ مَوْتِ الْغُلَامِ مَا يَكُونُ فِيهِ رَقَبَةٌ أَوْ مَا كَانَ مِنْ ثُلُثِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَخْرَجَ ثَمَنَهُ فَسَقَطَ
وَأَمَّا إذَا جَنَى خَيْرُ الْوَرَثَةِ فِي أَنْ يُسَلِّمُوا وَيَبْتَاعُوا مِنْ ثُلُثِ مَا بَقِيَ عَبْدًا وَأَنْ يَفْتَكُّوهُ فَيُعْتِقُوهُ وَكَذَا يَرْجِعُ أَبَدًا فِي ثُلُثِ مَا بَقِيَ مَا لَمْ يَنْفُذْ عِتْقُهُ أَوْ يُقْسَمْ الْمَالُ، فَإِنْ قُسِمَ وَقَدْ اشْتَرَى، وَأَخْرَجَ ثَمَنَهُ، فَذَهَبَ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْوَرَثَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ فِي الثُّلُثِ أَهْلُ وَصَايَا قَدْ أَخَذُوا وَصَايَاهُمْ فَيُؤْخَذُ مِمَّا أَخَذُوا مِمَّا يُبْتَاعُ بِهِ رَقَبَةً؛ لِأَنَّهُ لَا تَجُوزُ، وَصِيَّتُهُ وَلَمْ يُنَفَّذْ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ فِي الْوَصِيَّةِ مِنْ الْوَاجِبِ مَا هُوَ مِثْلُهُ فَيَكُونُ فِي الثُّلُثِ سَوَاءٌ، وَإِنْ بَقِيَ فِي أَيْدِي الْوَرَثَةِ مِنْ الثُّلُثِ مَا يَبْتَاعُ بِهِ رَقَبَةً ثُمَّ أَخَذَ ذَلِكَ مِنْ أَيْدِيهِمْ بَعْدَ الْقَسْمِ وَابْتِيعَ بِهِ رَقَبَةً وَأُنْفِذَ لِأَهْلِ الْوَصَايَا وَصَايَاهُمْ وَلَا يَكُونُ لَهُمْ مِنْ الثُّلُثِ شَيْءٌ وَثَمَّ وَصَايَا لَمْ تُنْفَذْ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُهُ: إذْ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ أَنْ يَعْتِقَ إنَّهُ يَرْجِعُ فِي ثُلُثِ مَا بَقِيَ بَعْدَ الْعَبْدِ فَيَشْتَرِي بِهِ عَبْدًا آخَرَ فَيُعْتَقُ إنْ كَانَ الْمَالُ لَمْ يُقْسَمْ، وَإِنْ كَانَ قَدْ قُسِمَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْوَرَثَةِ إلَّا إنْ بَقِيَ فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ الثُّلُثِ بَعْدَ الْعَبْدِ الَّذِي كَانَ اُشْتُرِيَ لِلْعِتْقِ فَمَاتَ، اسْتِحْسَانٌ لَا يَحْمِلُهُ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّ الْحُقُوقَ الطَّارِئَةَ عَلَى التَّرِكَةِ لَا يُسْقِطُهَا قِسْمَةُ الْمَالِ، وَقَدْ رَوَى أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ: أَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى مَا بَقِيَ مِنْ الْمَالِ فَيُخْرِجُ ثُلُثَهُ، وَيَكُونُ ذَلِكَ كَشَيْءٍ لَمْ يَكُنْ لَا يُحْتَسَبُ فِي ثُلُثٍ، وَلَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ قَدْ قُسِمَ أَوْ لَمْ يُقْسَمْ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي كِتَابِ الْوَصَايَا الْأَوَّلِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ
وَمِنْ النَّاسِ مَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ يُفَسَّرُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ بِمَا وَقَعَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ أَنْ يُقْسَمَ الْمَالُ أَوْ لَا يُقْسَمُ، وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يُحْمَلَ الْكَلَامُ عَلَى الظَّاهِرِ مِمَّا هُوَ الْقِيَاسُ وَلَا يُعْدَلُ بِهِ عَنْ ظَاهِرِهِ بِالتَّأْوِيلِ إلَى مَا لَيْسَ بِقِيَاسٍ، وَإِنَّمَا هُوَ اسْتِحْسَانٌ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: إنَّهُ يَرْجِعُ فِي ثُلُثِ مَا بَقِيَ مَا لَمْ يَنْفُذْ عِتْقُهُ يُرِيدُ أَنَّهُ إذَا نَفَذَ عِتْقُهُ فَاسْتَحَقَّ بَعْدَ الْعِتْقِ لَا يُرْجَعُ فِي ثُلُثِ مَا بَقِيَ مِنْ التَّرِكَةِ بَعْدَ قِيمَتِهِ وَإِنْ لَمْ يُقْسَمْ الْمَالُ، وَإِنَّمَا يُرْجَعُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ بَعْدَ قِيمَتِهِ هُوَ اسْتِحْسَانٌ أَيْضًا عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وَاَلَّذِي يُوجِبُهُ النَّظَرُ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْأُصُولِ أَنْ يُرْجَعَ أَيْضًا إذَا اسْتَحَقَّ الْعَبْدُ بَعْدَ أَنْ عَتَقَ فِي ثُلُثِ مَا بَقِيَ مِنْ التَّرِكَةِ بَعْدَ قِيمَتِهِ قُسِمَ الْمَالُ أَوْ لَمْ يُقْسَمْ انْتَهَى.
ص (وَبِشَاةٍ أَوْ عَدَدٍ مِنْ مَالِهِ يُشَارِكُ بِالْجُزْءِ)
ش: يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَوْصَى لِشَخْصٍ بِشَاةٍ أَوْ بِعَدَدٍ مِنْ مَالِهِ فَإِنَّهُ يُشَارِكُ بِالْجُزْءِ وَمَعْنَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute