للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ فِي صِحَّةٍ أَوْ فِي مَرَضٍ أَوْ دَبَّرَ فِي مَرَضٍ ثُمَّ صَحَّ فَدَبَّرَ فِي صِحَّتِهِ ثُمَّ مَرِضَ فَدَبَّرَ فِي مَرَضِهِ فَذَلِكَ سَوَاءٌ وَيَبْدَأُ الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ إلَى مَبْلَغِ الثُّلُثِ، فَإِنْ بَقِيَ أَحَدٌ مِنْهُمْ رُقَّ وَلَوْ دَبَّرَهُمْ فِي كَلِمَةٍ فِي صِحَّةٍ أَوْ مَرَضٍ عَتَقَ جَمِيعُهُمْ إنْ حَمَلَهُمْ الثُّلُثُ، وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُمْ لَمْ يَبْدَأْ أَحَدُهُمْ عَلَى صَاحِبِهِ، وَلَكِنْ يُفَضُّ الثُّلُثُ عَلَى جَمِيعِهِمْ بِالْقِيمَةِ فَيُعْتِقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ حِصَّتَهُ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَدَعْ إلَّا هُمْ عَتَقَ ثُلُثُ كُلِّ وَاحِدٍ وَلَا سَهْمَ بَيْنَهُمْ بِخِلَافِ الْمُبْتَلِينَ فِي الْمَرَضِ انْتَهَى. قَالَ فِي هَذَا الْمَحَلِّ مِنْ التَّوْضِيحِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ انْتَهَى. .

ص (ثُمَّ زَكَاةٌ أَوْصَى بِهَا)

ش: يَعْنِي ثُمَّ زَكَاةٌ فَرَّطَ فِيهَا وَأَوْصَى بِهَا فِي مَرَضِهِ أَمَّا لَوْ لَمْ يُفَرِّطْ فِيهَا، فَهِيَ الْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ فِي قَوْلِهِ: إلَّا أَنْ يَعْتَرِفَ إلَى آخِرِهِ وَأَمَّا لَوْ أَقَرَّ فِي صِحَّتِهِ وَأَشْهَدَ بِهَا فَإِنَّهَا مِنْ رَأْسِ مَالِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي أَوَّلِ بَابِ الْفَرَائِضِ وَلَوْ فَرَّطَ فِيهَا وَلَمْ يُوصِ بِهَا فِي مَرَضِهِ فَلَا تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِهِ وَلَا غَيْرِهِ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَلَوْ قَالَ فِي مَرَضِهِ سَأُخْرِجُهَا انْتَهَى.

وَمُرَادُ الْمُؤَلِّفِ زَكَاةُ الْأَمْوَالِ سَوَاءٌ كَانَتْ عَيْنًا أَوْ حَرْثًا أَوْ مَاشِيَةً، قَالَ فِي الْمُنْتَقَى، قَالَ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ: زَكَاةُ الْمَالِ وَالْحَبِّ وَالْمَاشِيَةِ سَوَاءٌ يُحَاصُّ فِيهَا عِنْدَ ضِيقِ الثُّلُثِ انْتَهَى.

ص (إلَّا أَنْ يَعْتَرِفَ بِحُلُولِهَا، وَيُوصِي فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ)

ش: هَذِهِ هِيَ الزَّكَاةُ الَّتِي لَمْ يُفَرِّطْ فِيهَا، وَفَرَّقَ الْمُؤَلِّفُ بَيْنَ الْعَيْنِ، وَغَيْرِهَا فَشَرَطَ فِي الْعَيْنِ أَنْ يَعْتَرِفَ بِحُلُولِهَا وَيُوصِي بِالْمَالِ أَمَّا اشْتِرَاطُ الِاعْتِرَافِ فَتَبِعَ فِيهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَقَدْ اعْتَرَضَهُ فِي تَوْضِيحِهِ وَكَذَلِكَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ عَرَفَةَ، وَنَصُّ ابْنُ عَرَفَةَ قَوْل ابْنِ الْحَاجِبِ إنْ اعْتَرَفَ بِحُلُولِهَا حِينَئِذٍ أَنَّهُ لَمْ يُخْرِجْهَا فَمِنْ رَأْسِ مَالِهِ خِلَافُ اقْتِضَاءِ ظَاهِرِ الرِّوَايَاتِ، شُرِطَ عِلْمُ حُلُولِهَا حِينَئِذٍ مِنْ غَيْرِهِ وَلِصِحَّةِ تَعْلِيلِ الصَّقَلِّيِّ مَا أَخَّرَ مِنْهَا فِي الثُّلُثِ لِكَوْنِهِ لَمْ يَعْلَمْ إلَّا مِنْ قِبَلِهِ انْتَهَى. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يُكْتَفَى فِي هَذَا اعْتِرَافُ الْمُوصِي سَوَاءٌ عُرِفَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِهِ أَمْ لَا، وَفِي مُوَافَقَتِهِ لِلرِّوَايَةِ نَظَرٌ، أَيْ لِأَنَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَمَا عُرِفَ مِنْ هَذَا انْتَهَى. وَأَشَارَ إلَى قَوْلِهِ فِي الْوَصَايَا الْأَوَّلِ، فَأَمَّا الْمَرِيضُ يَحُلْ حَوْلَ زَكَاتِهِ أَوْ مُقَوَّمٌ عَلَيْهِ مَالٌ حَالَ حُلُولِهِ فَمَا عُرِفَ مِنْ هَذَا فَأَخْرَجَهُ مِنْ مَرَضِهِ أَوْ أَمَرَ بِذَلِكَ ثُمَّ مَاتَ فَإِنَّهَا فَارِغَةٌ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ، فَإِنْ لَمْ يَأْمُرْ بِهَا لَمْ يُقْضَ بِهَا عَلَى الْوَرَثَةِ وَأُمِرُوا بِغَيْرِ قَضَاءٍ انْتَهَى.

وَأَمَّا اشْتِرَاطُ الْإِيصَاءِ فَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا عَلِمْت الْآنَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ: " فَارِعَةٌ " هُوَ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ خَارِجَةٌ، وَلَهَا حِكَايَةٌ قَالَ الْمَشَذَّالِيّ فِي حَاشِيَةٍ قَوْلُهُ: " فَارِعَةٌ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ " كَتَبَ بَعْضُ الْمُوَثَّقِينَ الْأَنْدَلُسِيِّينَ وَثِيقَةً فِي الْمُدَبَّرِ وَذَكَرَ فِيهَا: فَارِغًا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ يَعْنِي بِالْمُعْجَمَةِ فَدَخَلَ بِهَا عَلَى بَعْضِ الْقُضَاةِ، فَقَالَ لَهُ الْقَاضِي: هَلْ عِنْدَك مِنْ غَرِيبٍ؟ فَأَخْرَجَ الْوَثِيقَةَ فَطَفِقَ يَقْرَؤُهَا حَتَّى بَلَغَ فَارِغًا فَاسْتَعَادَهُ الْقَاضِي فَأَعَادَ، فَقَالَ لَهُ: صَحَّفْت يَا فَقِيهُ، فَتَأَمَّلْ، فَقَالَ: كَذَا رَوَيْتهَا وَضَبَطْتهَا عَنْ أَشْيَاخِي وَكَذَا هِيَ فِي الْأُمَّهَاتِ، فَقَالَ لَهُ الْقَاضِي كُلُّ كِتَابٍ وَقَعَتْ فِيهِ كَذَلِكَ أَوْ شَيْخٍ رَوَاهَا كَذَلِكَ فَقَدْ أَخْطَأَ، فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ وَلَمْ يُفْهِمْهُ جَوَابَهَا، فَتَحَيَّرَ الطَّالِبُ الْمُوَثَّقُ فَبَعَثَ أَسْئِلَةً إلَى قُرْطُبَةَ وَضَوَاحِيهَا فَاضْطَرَبَتْ أَجْوِبَتُهُمْ فِيهَا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ يَصِحُّ فِيهَا الْوَجْهَانِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِالْمُهْمَلَةِ ثُمَّ رَجَعُوا إلَى الْقَاضِي، فَقَالَ الْقَاضِي كُلُّهُمْ أَخْطَئُوا، وَاللَّفْظَةُ بِالْمُهْمَلَةِ، وَأَوَّلُ مَنْ صَدَرَتْ عَنْهُ مَوْلَانَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - (قُلْت) هَذَا الْمُوَثَّقُ إنْ كَانَ بَعْدَ عِيَاضٍ فَهُوَ قَاصِرٌ، وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهَا عِيَاضٌ فِي الْعِتْقِ الْأَوَّلِ وَالْعَارِيَّةِ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ، فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهَا صَاحِبُ الْغَرِيبَيْنِ فِي بَابِ الْفَاءِ.

ص (كَالْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ، وَإِنْ لَمْ يُوصِ)

ش: سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُحَرَّرًا فِي أَوَّلِ الْفَرَائِضِ إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (ثُمَّ عِتْقُ ظِهَارٍ وَقَتْلٍ)

ش: يَعْنِي: قَتْلَ الْخَطَإِ كَمَا قَيَّدَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَالْبَاجِيُّ وَغَيْرِهِمَا قَالَ الْبَاجِيُّ: وَأَمَّا الْعَمْدُ فَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ: أَنَّ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ مُقَدَّمَةٌ إذْ

<<  <  ج: ص:  >  >>