بِشَهَادَتِهِمَا أَوْ الْوَارِثَيْنِ ثُمَّ يَطْرَأُ دَيْنٌ آخَرُ أَوْ وَارِثٌ ثُمَّ يَقْدُمُ، فَإِنْ دَفَعَا بِأَمْرِ قَاضٍ لَمْ يَضْمَنُوا، وَيَرْجِعُ عَلَى الْأَوَّلِ، وَإِنَّمَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَا، وَأَمَّا بَعْدَ الدَّفْعِ، فَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ أَمْرِ قَاضٍ فَيَضْمَنَانِ انْتَهَى.
ص (وَالنَّفَقَةُ عَلَى الطِّفْلِ بِالْمَعْرُوفِ)
ش: تَصَوُّرُهُ وَاضِحٌ.
(مَسْأَلَةٌ) قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ أَخَذَ يَشْرَبُ خَمْرًا مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْجَامِعِ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّ أَكْلَ مَالِ الْيَتِيمِ ظُلْمًا مِنْ الْكَبَائِرِ لَا يَحِلُّ وَلَا يَجُوزُ، وَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ إلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْفَقِيرِ الْمُحْتَاجِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ بِقَدْرِ اشْتِغَالِهِ بِهِ وَخِدْمَتِهِ فِيهِ وَقِيَامِهِ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا يَسُوغُ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ إلَّا مَا لَا ثَمَنَ لَهُ وَلَا قَدْرَ لِقِيمَتِهِ مِثْلُ اللَّبَنِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي لَا ثَمَنَ لَهُ فِيهِ وَمِثْلُ الْفَاكِهَةِ مِنْ حَائِطِهِ وَمِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ أَجَازَ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ عَلَى وَجْهِ السَّلَفِ وَمِنْهُمْ مَنْ أَجَازَ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ وَيَكْتَسِيَ بِقَدْرِ حَاجَتِهِ وَمَا تَدْعُو إلَيْهِ الضَّرُورَةُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ رَدُّ ذَلِكَ وَأَمَّا الْغَنِيُّ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِ خِدْمَةٌ وَلَا عَمَلٌ سِوَى أَنْ يَتَفَقَّدَهُ وَيُشْرِفَ عَلَيْهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ إلَّا مَا لَا قَدْرَ لَهُ وَلَا بَالَ، مِثْلُ اللَّبَنِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي لَا ثَمَنَ لَهُ فِيهِ، وَالثَّمَرُ يَأْكُلُهُ مِنْ حَائِطِهِ إذَا دَخَلَهُ وَاخْتُلِفَ إنْ كَانَ لَهُ فِيهِ خِدْمَةٌ وَعَمَلٌ، فَقِيلَ: إنَّ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ بِقَدْرِ عَمَلِهِ فِيهِ وَخِدْمَتِهِ لَهُ، وَقِيلَ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ} [النساء: ٦] انْتَهَى. بِالْمَعْنَى، وَنَقَلَهُ فِي رَسْمِ اغْتَسَلَ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْوَصَايَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَفِي خَتْنِهِ وَعُرْسِهِ وَعِيدِهِ)
ش: قَالَ فِي النَّوَادِرِ قَالَ مَالِكٌ: وَلْيُوَسِّعْ عَلَيْهِمْ وَلَا يُضَيِّقْ وَرُبَّمَا قَالَ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُمْ بَعْضُ مَا يُلْهِيهِمْ بِهِ وَذَلِكَ مِمَّا يُطَيِّبُ نُفُوسَهُمْ بِهِ انْتَهَى.
ص (وَإِخْرَاجُ فِطْرَتِهِ وَزَكَاتِهِ)
ش: يَعْنِي أَنَّ الْوَصِيَّ لَهُ أَنْ يُخْرِجَ عَنْ الصَّبِيِّ فِطْرَتَهُ وَلَهُ أَنْ يُخْرِجَ زَكَاةَ مَالِهِ، قَالَ فِي النَّوَادِرِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَيُشْهِدُ، فَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ وَكَانَ مَأْمُونًا صُدِّقَ انْتَهَى. وَانْظُرْ إذَا لَمْ يَكُنْ مَأْمُونًا هَلْ يَلْزَمُهُ غُرْمُ الْمَالِ أَوْ يَحْلِفُ؟ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا.
ص (وَرَجَعَ لِلْحَاكِمِ إنْ كَانَ الْحَاكِمُ حَنَفِيًّا) ش تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الزَّكَاةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَدَفَعَ مَالَهُ قِرَاضًا أَوْ بِضَاعَةً)
ش: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الرُّهُونِ وَلِلْوَصِيِّ أَنْ يُعْطِيَ مَالَ الْيَتِيمِ مُضَارَبَةً وَلَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَعْمَلَ بِهِ الْوَصِيُّ لِنَفْسِهِ إلَّا أَنْ يَتَّجِرَ لِلْيَتِيمِ أَوْ يُقَارِضَ لَهُ بِهِ غَيْرُهُ انْتَهَى.
وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي بَرٍّ أَوْ بَحْرٍ كَمَا ذَكَرَهُ فِي النَّوَادِرِ وَالْجَوَاهِرِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَقَيَّدَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِالْأَمْنِ، وَنَصُّهُ: " الشَّيْخُ عَنْ الْمَجْمُوعَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ لَهُ أَنْ يَتَّجِرَ بِأَمْوَالِ الْيَتَامَى وَلَا يَضْمَنُ، وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قُلْت مَعَ الْأَمْنِ قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ انْتَهَى.
وَلَفْظُ النَّوَادِرِ وَمِنْ الْمَجْمُوعَةِ، وَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ نَحْوُهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَلَهُ أَنْ يَتَّجِرَ بِأَمْوَالِ الْيَتَامَى لَهُمْ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ قَالَهُ عَنْهُ ابْنُ وَهْبٍ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، وَيَشْتَرِيَ لَهُمْ الرَّقِيقَ لِلْغَلَّةِ وَالْحَيَوَانَ مِنْ الْمَاشِيَةِ وَشِبْهَ ذَلِكَ، وَذَلِكَ كُلُّهُ حَسَنٌ، وَقَدْ فَعَلَهُ السَّلَفُ وَقَدْ أَعْطَتْ عَائِشَةُ مَالَ يَتِيمٍ لِمَنْ يَتَّجِرُ بِهِ فِي الْبَحْرِ، وَأَنْكَرَ مَا يَفْعَلُ أَهْلُ الْعِرَاقِ أَنْ يُقْرِضُوا أَمْوَالَهُمْ لِمَنْ يَضْمَنُهَا، وَأَعْظَمَ كَرَاهِيَتَهُ قَالَ أَشْهَبُ: وَلَهُ أَنْ يَتَّجِرَ بِمَالِ يَتِيمِهِ بِبَدَنِهِ أَوْ يُؤَاجِرَ لَهُ مَنْ يَتَّجِرَ أَوْ يَدْفَعُهُ قِرَاضًا أَوْ بِضَاعَةً عَلَى اجْتِهَادِهِ وَلَا يَضْمَنُ وَلَهُ أَنْ يُودِعَ مَالَهُ عَلَى النَّظَرِ، وَلِأَمْرٍ يَرَاهُ فَإِمَّا أَنْ يَفْعَلَهُ عَلَى الْمَعْرُوفِ بِمَنْ يَأْخُذُهُ فَلَا يَصْلُحُ ذَلِكَ وَذَكَرَ كُلَّهُ ابْنُ الْمَوَّازِ