للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ أَضْلَاعَ الرَّجُلِ تُسَاوِي أَضْلَاعَ الْمَرْأَةِ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ وَاخْتَلَفُوا مِنْ أَيِّ جَانِبِ الزِّيَادَةِ وَاَلَّذِينَ قَالُوا: إنَّ الْمَرْأَةَ تَزِيدُ بِضِلْعٍ اعْتَمَدُوا فِي ذَلِكَ مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ وَرَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ حَوَّاءَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلْعٍ مِنْ أَضْلَاعِ آدَمَ وَهِيَ الْقُصْرَى اُسْتُلَّتْ مِنْهُ، وَهُوَ نَائِمٌ وَأُيِّدَ هَذَا بِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «إنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلْعٍ أَعْوَجَ» الْحَدِيثُ، وَفِي إثْبَاتِ الْأَحْكَامِ يُمَثِّلُ هَذَا ضَعْفٌ وَالْعِيَانُ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ، فَقَدْ أَطْبَقَ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ التَّشْرِيحِ عَلَى أَنَّهُمْ عَايَنُوا أَضْلَاعَ الصِّنْفَيْنِ مُتَسَاوِيَةَ الْعَدَدِ انْتَهَى.

وَالضِّلَعُ: بِكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ اللَّامِ، وَتَسْكِينِ اللَّامِ جَائِزٌ قَالَهُ فِي الصِّحَاحِ وَقَوْلُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَجْرَأُ مِنْ خَاصِي الْأَسَدِ " فَأَجْرَأُ بِالْهَمْزِ مِنْ الْجُرْأَةِ وَهِيَ الشُّجَاعَةُ، " وَخَاصِي الْأَسَدِ " بِلَا هَمْزٍ مِنْ خَصَى يَخْصِي، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَلَمْ يَعْتَبِرْ الشَّافِعِيَّةُ الْأَضْلَاعَ وَلَا اللِّحْيَةَ وَلَا الثَّدْيَ وَلَا نُزُولَ اللَّبَنِ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَهُمْ وَذَكَرُوا لَهُ عَلَامَةً أُخْرَى، وَهِيَ مَيْلُهُ إلَى أَحَدِ الصِّنْفَيْنِ، وَقَالُوا إنَّهُ يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ.

(الثَّالِثَ عَشَرَ) إذَا حُكِمَ لَهُ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ بِعَلَامَةٍ، ثُمَّ حَدَثَتْ عَلَامَةٌ أُخْرَى قَالَ الْعُقْبَانِيُّ: لَمْ أَقِفْ فِيهِ عَلَى شَيْءٍ إلَّا مَا رَأَيْتُهُ لِبَعْضِ أَشْيَاخِي، وَنَصُّهُ: " إنْ حُكِمَ لَهُ بِأَنَّهُ ذَكَرٌ بِعَلَامَاتٍ، ثُمَّ جَاءَتْ عَلَامَاتٌ أُخْرَى تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أُنْثَى أَوْ بِالْعَكْسِ لَمْ يَنْتَقِلْ عَمَّا حُكِمَ بِهِ أَوَّلًا كَأَنْ يَكُونَ يَبُولُ مِنْ الذَّكَرِ، ثُمَّ جَاءَ الْحَيْضُ أَوْ كَانَ يَبُولُ مِنْ الْفَرْجِ، ثُمَّ جَاءَتْ اللِّحْيَةُ قَالَ الشَّيْخُ كَذَا كَانَ الشَّيْخُ يَقُولُ انْتَهَى.

وَلِلشَّافِعِيَّةِ قَرِيبٌ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا ظَهَرَتْ عَلَامَةُ مَيْلِهِ إلَى جِهَةِ الرِّجَالِ وَقُبِلَ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ ظَهَرَتْ عَلَامَةٌ أُخْرَى غَيْرُ الْوِلَادَةِ لَمْ يَبْطُلْ قَوْلُهُ وَتَقْيِيدُهُمْ بِغَيْرِ الْوِلَادَةِ ظَاهِرٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الرَّابِعَ عَشَرَ) فِي حُكْمِ نِكَاحِهِ يَمْتَنِعُ النِّكَاحُ فِي حَقِّهِ مِنْ الْجِهَتَيْنِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي بَابِ النِّكَاحِ عَبْدُ الْحَقِّ لَا يَطَأُ وَلَا يُوطَأُ، وَقِيلَ: يَطَأُ أَمَتَهُ انْتَهَى.

وَفِي التَّوْضِيحِ هُنَا ابْنُ الْقَاسِمِ يَمْتَنِعُ النِّكَاحُ مِنْ الْجِهَتَيْنِ انْتَهَى. وَفِي كَلَامِ اللَّخْمِيِّ إثْرَ مَا تَقَدَّمَ لَهُ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ وَلَا يَجُوزُ لَهُ نِكَاحٌ يُرِيدُ لَا يَنْكِحُ وَلَا يُنْكَحُ انْتَهَى.

وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ أَنَّهُ يُخَيَّرُ فِي أَنْ يَنْكِحَ بِأَحَدِ الْجِهَتَيْنِ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي أَوَّلِ كَلَامِهِ لَا يَنْكِحُ وَلَا يُنْكَحُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ الشَّافِعِيِّ يَنْكِحُ بِأَيِّهِمَا شَاءَ، ثُمَّ لَا يَنْتَقِلُ عَمَّا اخْتَارَهُ انْتَهَى. قَالَ الْعُقْبَانِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ: وَلَعَلَّهُ يُرِيدُ إذَا اخْتَارَ وَاحِدًا وَفَعَلَهُ أَمَّا مُجَرَّدُ الِاخْتِيَارِ دُونَ فِعْلٍ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ اخْتِيَارِ الْعُرْفِ الْآخَرِ، ثُمَّ إنَّهُ بَحَثَ فِي إبَاحَةِ النِّكَاحِ فَانْظُرْهُ وَنَحْوَهُ فِي ابْنِ يُونُسَ.

(الْخَامِسَ عَشَرَ) فِي حُكْمِ شَهَادَتِهِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ وَيَحْكُمُ فِيهِ بِالْأَحْوَطِ فِي صَلَاتِهِ وَاسْتِتَارِهِ وَشَهَادَتِهِ قَالَ الْعُقْبَانِيُّ: سُلُوكُ الْأَحْوَطِ فِي شَهَادَتِهِ أَنْ لَا تُقْبَلَ إلَّا فِي الْأَمْوَالِ وَيُعَدُّ فِي شَهَادَتِهِ امْرَأَةً.

(السَّادِسَ عَشَرَ) فِي سَهْمِهِ فِي الْجِهَادِ إذَا غَزَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي مُخْتَصَرِ الْحَوفِيِّ: وَسَهْمُهُ فِي الْجِهَادِ رُبْعُ سَهْمٍ وَاسْتُشْكِلَ، وَقَالَ نِصْفٌ، وَقَالَ فِي مُخْتَصَرِهِ الْفِقْهِيِّ، وَفِي كَوْنِ الْوَاجِبِ لَهُ إنْ غَزَا رُبْعَ سَهْمٍ أَوْ نِصْفَ سَهْمٍ، نَقَلَ الصَّقَلِّيُّ عَنْ الْمَذْهَبِ مَعَ قَوْلِ عَبْدِ الْحَقِّ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ مَعَ نَقْلِ الشَّعْبِيِّ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ.

(السَّابِعَ عَشَرَ) فِي حَدِّهِ إذَا زَنَى بِذَكَرِهِ أَوْ فَرْجِهِ أَوْ زُنِيَ بِهِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قَالَ يَعْنِي أَبَا عِمْرَانَ قِيلَ: إنْ زَنَى بِذَكَرِهِ لَمْ يُحَدَّ؛ لِأَنَّهُ كَأُصْبُعٍ وَبِفَرْجِهِ يُحَدُّ. الْمُتَيْطِيُّ فِي حَدِّهِ: إنْ وَلَدَ مِنْ فَرْجِهِ قَوْلَا بَعْضِهِمْ وَأَكْثَرِهِمْ لِحَدِيثِ «ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ» وَاخْتَارَهُ بَعْضُ الْمُوَثَّقِينَ، وَنَزَلَتْ بِجَيَّانَ فَاخْتَلَفَ فِيهَا فُقَهَاؤُنَا فَأَفْتَى ابْنُ أَيْمَنَ وَغَيْرُهُ بِنَفْيِ الْحَدِّ وَوَضَعَ الْخُنْثَى ابْنًا وَمَاتَ مِنْ نِفَاسِهِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فَيَتَحَصَّلُ فِي حَدِّهِ، ثَالِثُهَا إنْ وَلَدَ وَيَنْبَغِي أَنْ يُتَّفَقَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ وِلَادَتَهُ مِنْ فَرْجِهِ دَلِيلٌ عَلَى أُنُوثَتِهِ وَمَفْهُومُ أَقْوَالِهِمْ أَنَّهُ إنْ زَنَى بِذَكَرِهِ لَمْ يُحَدَّ وَرَأَيْت فِي بَعْضِ التَّعَالِيقِ مِثْلَهُ لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ: وَيُؤَدَّبُ، وَمِثْلُهُ فِي نَوَازِلِ الشَّعْبِيِّ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَفِي بَعْضِ التَّعَالِيقِ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>