للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّانِي) يَجِبُ اسْتِيعَابُ الْجَبِيرَةِ بِالْمَسْحِ قَالَ التِّلِمْسَانِيُّ فِي شَرْحِ الْجَلَّابِ: إنَّ جَمِيعَ مَسْحِ الْجَبِيرَةِ وَاجِبٌ، فَإِنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْهَا لَمْ يُجْزِهِ كَمَا لَوْ تَرَكَ مِنْ الْعُضْوِ شَيْئًا، انْتَهَى.

(الثَّالِثُ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ عَبْدُ الْحَقِّ: مَنْ كَثُرَتْ عَصَائِبُهُ وَأَمْكَنَهُ مَسْحُ أَسْفَلِهَا لَمْ يُجْزِهِ عَمَّا فَوْقَهُ وَتَخْرِيجُهُ الطِّرَازَ عَلَى خُفٍّ فَوْقَ خُفٍّ يُرَدُّ بِأَنَّ شَرْطَ الْجَبِيرَةِ الضَّرُورَةُ بِخِلَافِ الْخُفِّ، انْتَهَى.

وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ وَيَعْنِي بِهِ أَنَّ الْجَبِيرَةَ لَا يَجُوزُ لُبْسُهَا إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ فَإِذَا لَبِسَهَا صَارَتْ بِمَنْزِلَةِ الْأَصْلِ لَا يَزِيدُ عَلَيْهَا جَبِيرَةً أُخْرَى إلَّا لِضَرُورَةٍ وَالْخُفُّ يَجُوزُ لُبْسُهُ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ فَإِذَا لَبِسَهُ صَارَ حُكْمُهُ حُكْمَ الرِّجْلِ فَيَجُوزُ لُبْسُ خُفٍّ آخَرَ عَلَيْهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (ثُمَّ عِصَابَتَهُ)

ش: يَعْنِي أَنَّهُ يَمْسَحُ عَلَى عِصَابَةِ الْجُرْحِ إذَا تَعَذَّرَ حَلُّهَا، أَوْ كَانَ حَلُّهَا يُفْسِدُ الدَّوَاءَ الَّذِي عَلَى الْجُرْحِ، قَالَهُ اللَّخْمِيّ وَالْعِصَابَةُ بِالْكَسْرِ مَا عُصِبَ بِهِ، قَالَهُ فِي الْقَامُوسِ.

ص (كَفَصْدٍ)

ش: قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: وَهَكَذَا حُكْمُ الْفَصْدِ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ مُبَاشَرَةُ الْمَوْضِعِ بِالْمَاءِ وَافْتَقَرَ إلَى شَدِّهِ بِعَصَائِبَ فَيَسْتُرُ شَيْئًا مِنْ ذِرَاعِهِ فَإِنَّهُ يَمْسَحُ عَلَى تِلْكَ الْعِصَابَةِ وَعَلَى الرِّبَاطِ، وَلَوْ وَقَعَ عَلَى غَيْرِ الْمَوْضِعِ الْمَأْلُومِ وَيُجْزِئُهُ.

ص (وَإِنْ بِغُسْلٍ)

ش: تَصَوُّرُهُ وَاضِحٌ (تَنْبِيهٌ) قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِهِ فِي آخِرِ مَسَائِلِ الطَّهَارَةِ: وَلَا فَرْقَ فِي حُكْمِ الْغُسْلِ بَيْنَ أَنْ يَجِبَ مِنْ حَلَالٍ أَوْ حَرَامٍ -، انْتَهَى.

وَذُكِرَ فِي السُّؤَالِ أَنَّ الْفُقَهَاءَ بِمَرَّاكُشَ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا رُخْصَةَ فِي ذَلِكَ كَالْعَاصِي بِسَفَرِهِ فَإِنَّهُ لَا يَقْصُرُ، وَلَا يُفْطِرُ، وَلَا يَأْكُلُ الْمَيْتَةَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَيْسَتْ تُشْبِهُ مَسْأَلَةَ الْعَاصِي بِسَفَرِهِ؛ لِأَنَّهُ يَتَقَوَّى بِالْفِطْرِ وَالْقَصْرِ وَأَكْلِ الْمَيْتَةِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا وَمَسْأَلَةُ الْغُسْلِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَعْصِيَةَ قَدْ انْقَطَعَتْ فَيَقَعُ الْمَسْحُ الْمُرَخَّصُ فِيهِ وَهُوَ غَيْرُ مُتَشَبِّثٍ بِالْمَعْصِيَةِ وَلَا دَاخِلٍ فِيهَا قَالَ السَّائِلُ: فَبَيِّنْ لَنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَوَجِّهْ الصَّوَابَ فِيهَا. فَأَجَابَ ابْنُ رُشْدٍ بِمَا تَقَدَّمَ بِلَفْظِهِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّ فِيهِ إعَانَةً عَلَى الْمَعْصِيَةِ مِنْ حَيْثِيَّةٍ أُخْرَى وَهُوَ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ يُرَخَّصُ لَهُ فِي الْمَسْحِ تَسَاهَلَ فِي الْعَوْدِ إلَى فِعْلِ الْمَعْصِيَةِ وَإِذَا عَلِمَ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ الْمَسْحِ قَدْ يَكُونُ ذَلِكَ زَجْرًا لَهُ عَنْ فِعْلِ الْمَعْصِيَةِ وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَيْثُ الْفِقْهِ مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ رُشْدٍ، وَمَنْ وَافَقَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (إنْ صَحَّ جُلُّ جَسَدِهِ)

ش: هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْغُسْلِ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْوُضُوءِ فَالْمُعْتَبَرُ حِينَئِذٍ أَعْضَاءُ الْوُضُوءِ فَقَطْ، قَالَهُ ابْنُ الْجَلَّابِ وَابْنُ الْحَاجِبِ.

ص (وَإِنْ غَسَلَ أَجْزَأَهُ)

ش: يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ أَنَّ مَنْ أُبِيحَ لَهُ الْمَسْحُ عَلَى الْجُرْحِ فَغَسَلَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُهُ وَعَلَى ذَلِكَ حَمَلَهُ الشَّارِحُ فِي الصَّغِيرِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَنْ كَانَ فَرْضُهُ التَّيَمُّمَ بِأَنْ قَلَّ الصَّحِيحُ مِنْ جَسَدِهِ جِدًّا كَيَدٍ وَاحِدَةٍ، أَوْ كَانَ أَكْثَرَ - مِنْ ذَلِكَ وَكَانَ غَسْلُ الصَّحِيحِ يَضُرُّ بِالْجَرِيحِ فَتَرَكَ التَّيَمُّمَ فِي الصُّورَتَيْنِ وَغَسَلَ جَمِيعَ بَدَنِهِ الصَّحِيحَ مِنْهُ وَالْجَرِيحَ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ وَعَلَى هَذَا حَمَلَهُ الشَّارِحُ فِي الْكَبِيرِ.

(قُلْتُ) وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ ذَلِكَ جَمِيعًا.

(فَرْعٌ) فَلَوْ غَسَلَ الصَّحِيحَ فَقَطْ وَمَسَحَ الْجَرِيحَ أَعْنِي مَنْ كَانَ فَرْضُهُ التَّيَمُّمَ فَأَمَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>